رواية: قصة غرام نوف وفيصل

قصة حب البطل غني والبطلة فقيرة، روايات البطل غني والبطله فقيره، رواية البطل غني وقاسي، رواية البطلة تشتغل عند البطل

قصة حب وغرام ساخنة قصة غرام نوف وفيصل

في إحدى الليالي الهادئة، كانت نوف، الفتاة البسيطة التي لا تعرف عن الحياة سوى القليل، تقف في المطبخ المتواضع في شقتها الصغيرة. لم يكن قلبها يهدأ من القلق، فاليوم كان يومًا عاديًا، لكنها شعرت أن شيئًا ما سيحدث. ربما لأن قلبها، الذي لطالما كان يطمح لأشياء أكبر من الواقع، بدأ يعشق الحلم.

لم يكن لديها الكثير، لكنها كانت تملك قلبًا نقيًا طيبًا وعينين مشرقتين مليئتين بالأمل. ورغم فقرها، كانت تنظر دائمًا إلى الحياة بابتسامة بسيطة، تحاول أن تجد فيها الجمال حتى في أصغر الأشياء.

كلام تقوله لحبيبتك لكي تحبك

وفي نفس الوقت، كان في مكان بعيد عن قلب المدينة، شخص آخر يعيش حياة لا تشبه حياة نوف. كان فيصل، الرجل الغني القوي، والذي لم يكن بحاجة إلى أحد، لكن قلبه كان مليئًا بالغموض. كان رجلًا ذا هيبة وسلطة، شخصًا لا يحب أن يقترب منه أحد بسهولة. كان عابس الوجه دائمًا، لا يعير أحدًا اهتمامًا، رغم أن النساء كن يسقطن في حبّه بسرعة. كان يعامل الجميع بجفاء، وكأنهم مجرد أدوات في عالمه، لكنه في عمق قلبه كان يبحث عن شيء لا يستطيع أن يلمسه بسهولة.

كانت نوف، التي تعمل في أحد المقاهي الراقية في المدينة، ذات مساء، تُقدّم خدمة لطاولة صغيرة في الزاوية. كانت تجلس خلف الشريط المعدني للمقهى، عندما دخل فيصل فجأة، كالعادة مع وجهه الجاد وعينيه السوداوين اللتين تلمعان كالمرايا الباردة.

بمجرد أن دخل، شعر الجميع بحضوره الطاغي، لكن نوف لم تهتم بشيء سوى عملها. لم تكن تعرف من هو هذا الرجل، ولا كان يهمها أن تعرف. بالنسبة لها، كان مجرد زبون آخر يحتاج إلى كوب من القهوة أو مشروب بارد. لكن لم تكن تعلم أن تلك اللحظة ستكون بداية شيء لم تكن تتوقعه.

"عطيني قهوة سوداء، بدون سكر." قال بصوت منخفض، ثم نظر إلى نوف نظرة خاطفة.

كانت نوف تبتسم كما تفعل دائمًا، لكنها شعرت بشيء غريب في عينيه. كان يراقبها بشكل غير طبيعي. لم تستطع أن تفسر ذلك الشعور الغريب الذي كان يملأ قلبها. كانت تعلم أن هذا الشخص ليس كأي شخص آخر، لكن لم تكن تدرك عمق تأثيره على حياتها بعد.

بينما كانت تصب القهوة، شعر فيصل بشيء غريب أيضًا. كانت تلك الفتاة الصغيرة تبدو مختلفة عن كل النساء اللواتي مررن في حياته. كانت بريئة في ملامحها، عفوية في حركاتها، وكل شيء فيها كان ينطق بالطيبة. شيء ما في قلبه أثارته، لكنه لم يعترف بذلك بعد. كان يعشق أن يظل في الظلال، يراقب من بعيد دون أن يقترب.

مرت الأيام، وكان فيصل يعود كل يوم إلى المقهى، يطلب نفس الطلب، وينظر إلى نوف من بعيد. ورغم أنه لم يكن يبادلها الكلمات سوى في تلك اللحظات القصيرة، كان كل شيء بينهما يزداد تعقيدًا. نوف بدأت تشعر بشيء غريب أيضًا، كانت تلاحظ تلك النظرات الحادة التي يرسلها إليها فيصل. كانت تشعر بأن هناك شيئًا يكمن خلف تلك العيون الجافة، شيئًا يكسر الجليد الذي يحيط به. لم يكن لديها فكرة عن السبب، لكنها كانت تعلم أن شيئًا سيحدث قريبًا.

وفي إحدى الليالي العاصفة، بينما كانت نوف تنهي عملها في المقهى، دخل فيصل كالعادة، ولكن هذه المرة، كان يبدو غاضبًا. ولم تكد نوف تراه حتى اقترب منها مباشرة وقال بصوت حاد:
"ليش ما تكلمين؟ ولا مرة شفتك تبتسمين لي. أنا هنا كل يوم، وكل مرة تشوفينني وتطنشيني."

نوف نظرت إليه بدهشة، لم تتوقع منه هذا النوع من الحديث. كانت دائمًا تحاول أن تبقي الأمور بسيطة، لكن الآن شعر قلبها بالاهتزاز. لم يكن كلامه قاسيًا، لكنه كان مختلفًا عن كل مرة. كان هناك توتر واضح في صوته، ورغم جفاف كلماته، كانت هناك نار مشتعلة في عينيه.

"ما كنت أقصد، أنا بس أعمل شغلي، ما في شيء شخصي." قالت نوف وهي تحاول أن تحافظ على هدوئها.

لكن فيصل اقترب منها أكثر، وحدث شيء لم يكن في الحسبان. شعر بميل غريب تجاهها، وشعر لأول مرة أنه يرغب في الحصول على شيء لم يكن يريد من قبل. كان يحاول أن يسيطر على نفسه، لكنه شعر أن تلك البريئة التي أمامه تحمل سرًا يشده نحوها. اقترب منها حتى أصبح بينهما مسافة صغيرة، وكان هناك نوع من التوتر يعم المكان.

"أنتِ مش زي أي واحدة، نوف." قال فيصل بصوت خافت، بينما كان يحدق في عينيها، وكأن كلمات هذا الاعتراف كانت تطفو فوق السطح فجأة.

كانت نوف تشعر بالتوتر، قلبها ينبض بسرعة، لكنها حاولت أن تبقى هادئة، لكن الأجواء المحيطة بهما كانت غارقة في هذا التوتر العاطفي الذي لا يمكن الهروب منه.

هكذا بدأت القصة بينهما، قصة مليئة بالغموض والإثارة. قصة حب تجمع بين الثراء والفقر، بين الجفاف والعاطفة، بين شخصين كان كل شيء بينهما مستحيلًا، لكن القدر كان يكتب لهما شيئًا مختلفًا.

الجزء الثاني: "المواجهة الأولى"

أصبح الجو في المقهى شديد التوتر، وكأن لحظة طويلة من الصمت قد غمرت المكان. كانت نوف تقف هناك، قلبها يخفق بسرعة وكأنها على حافة قرار لا تعرف كيف سيتغير كل شيء بعده. كان فيصل أمامها، عيونه مليئة بشيء من الحدة، وكانت الكلمات بينهما معلقة في الهواء.

"فيصل، في شيء غلط؟" قالت نوف بصوت ضعيف، تحاول أن تبعد التوتر الذي كان يحيط بها. كان حديثه قد أصابها في مقتل. لم تكن تعلم كيف ترد عليه، فما من رجل تحدّث معها بهذه الطريقة من قبل. كانت دائمًا ترى نفسها صغيرة وبريئة مقارنة بالعالم من حولها، وها هو الآن يقف أمامها بهذه الطريقة، وكأن كل شيء فيها أصبح هدفًا له.

لكن فيصل لم يرد بسرعة. ظل ينظر إليها لثوانٍ، وكأن الكلمات تتجمع في صدره لكنه لا يستطيع إخراجها. وفي النهاية، اقترب خطوة أخرى منها، حتى أصبحت المسافة بينهما ضئيلة للغاية. كان يشعر بشيء غريب، كأن النار التي كانت خامدة في قلبه بدأت تشتعل. كانت نوف بالنسبة له، مثل اللغز الذي يريد حله، ولكن في نفس الوقت كان يخشى من الانغماس فيه.

"نوف، مافيه شيء غلط. بس ليش دايمًا ما تردين على الناس؟" قال فيصل أخيرًا بصوت يملؤه الغموض، لكن كان هناك شيء آخر في نبرته، شيء أكثر عمقًا، وكأن هناك شيئًا يريد أن يراه في عينيها.

نوف شعرت بموجة من القلق تسري في جسدها. كانت هذه أول مرة يتحدث معها بهذه الطريقة، والأكثر غرابة أنها شعرت بشيء ما في قلبها يدفعها نحو رد عليه بطريقة مختلفة عن أي وقت مضى. كان قلبها يتأرجح بين الصد والقبول، لكنها لم تستطع أن تبقى بعيدة عنه أكثر.

"أنا ما أقصد... بس أنا مش عايشة في عالم زي عالمك." قالت نوف، موجهة عيونها نحو الأرض، وكأنها تخفي شيئًا في قلبها كان يضغط عليها.

"ماذا يعني ذلك؟" سأل فيصل بلهجة حادة، عينيه تحدقان في عينيها. "إنتي تحسبين إني زي كل الرجال اللي جيتِ لهم؟ كل شيء بالنسبة لي واضح، وكل حاجة عندي تمشي مثل ما أريدها، بس إنتِ... إنتِ شيء مختلف، نوف. ليش ما تبين تعترفي بهذا الشيء؟"

كانت كلمات فيصل صادمة، ولم تكن نوف قد استوعبت تمامًا ما يقصده. لكن في تلك اللحظة، كان قلبها يعصف به من الداخل. كانت تعرف أن هذا الحديث ليس عاديًا، ولم تكن تدري كيف يجب أن ترد. كانت مشاعرها في حالة فوضى داخل صدرها، وبينما كانت تحاول أن تبتعد خطوة للخلف، شعرت بشيء مختلف. شيء لم تختبره من قبل، شعور بالانجذاب والشرارة التي كانت تندلع بينهما.

لكنها نظرت في عينيه، وكأنها لم تعد قادرة على الهروب من الحقيقة. كانت تدرك الآن أن تلك الجاذبية بينهما لم تكن مجرد مصادفة.

في تلك اللحظة، اقترب فيصل أكثر، ولم يعد هناك مسافة بينهما. كان يتنفس بصعوبة، وكأن كل شيء حوله بدأ يضيق، حتى أن قلبه بدأ ينبض بطريقة غريبة. بينما كانت نوف تبتعد قليلاً، شعر بشيء في داخله لا يستطيع مقاومته. لكن لم يكن متأكدًا إن كان يريد ذلك أم لا.

"أنتِ لستِ مثلهم، نوف. وما بقى عندي صبر." قال فيصل بنبرة حادة، ثم فجأة أمسك بيدها، كأنها طوق النجاة له. "أنتِ عندي كل شيء، وكل ثانية بدونك صارت عبءًا علي. ما بقدر أعيش كذا."

نوف، التي كانت تحاول أن تبتعد، شعرت بيد فيصل التي كانت تُمسك يدها بشدة. كان هناك شعور غريب في قلبها، شيء يجعلها تتردد، لكنها كانت تشعر بأن هذا الرجل قد أخذ جزءًا منها. كان يشعل في قلبها نارًا لم تشعلها أبدًا.

في تلك اللحظة، لم يكن هناك كلام يمكن أن يعبر عن ما كان يحدث بينهما. كانت الأنفاس تتداخل بينهما، وكانت نوف تشعر باللذة والتوتر في آن واحد. ما كانت تتوقعه، هو أن كل شيء قد يتغير الآن، وأن الواقع الذي كانت تعيشه سيتحول بشكل مفاجئ.

"فيصل... هذا ما كان في حسباني..." قالت نوف بصوت منخفض، لكنها كانت تشعر بأن كلماتها كانت تصطدم بجدار مشاعرها.

لكن فيصل لم يرد عليها. كانت عيونه مليئة بشيء غريب، شيء أشعل فيه الرغبة كما لم يشعر بها من قبل. كانت يده لا تزال على يدها، والشعور الذي كان يجتاحهما كان مختلفًا تمامًا عن أي شيء آخر. كان قلبه يندفع، ورغم أنه كان يحاول أن يظهر جفافه المعتاد، إلا أن ذلك لم يكن كافيًا.

ببساطة، كانت هناك لحظة واحدة، لحظة فقط، غيرت كل شيء بينهما.

الجزء الثالث: "بين الرغبة والخوف"

كانت الأضواء الخافتة في المقهى تضيف إلى الأجواء سحرًا غريبًا. كانت نوف تقف هناك، لا تعرف كيف تتحرك، وكأن الوقت قد توقف. كانت يد فيصل ما زالت ممسكة بيدها، لكن إحساسها كان يتغير، كان قلبها ينبض بسرعة أكبر مع كل لحظة تمر. لم تكن تعرف ما الذي تريده بالضبط، لكن شيء ما في أعماقها كان يجعلها تتردد في ترك يده، بينما كان شعور آخر يدفعها إلى الاقتراب أكثر.

لكن فيصل، الذي بدا دائمًا جامدًا وقويًا، كان يعاني من نفس الارتباك. كان يعلم أنه إذا استمر في هذه اللحظة، فإن كل شيء سيتغير، وكل شيء سيخرج عن سيطرته. ومع ذلك، كان يشعر بشيء غير معتاد، شيء يجذبه نحو نوف بشكل لا يمكنه مقاومته.

"نوف..." قال فيصل بصوت منخفض، عميق، كأنه يهمس في أذنها. "ما تدرين كيف أثرّتي علي... أنتِ أكثر من مجرد شخص عادي في حياتي، وأكثر من مجرد عملاء يمرون في مقهاي."

نوف، التي كانت قد فقدت قدرتها على التنفس بشكل طبيعي، نظرت في عينيه، وكانت تلك العيون السوداء تلتهم كل أفكارها. شعرت به، بشغفه، برغبته. كان هناك شيء قوي جدًا في تلك اللحظة، شيء كان يعيدها إليه مرارًا وتكرارًا. شعرت بشيء لا يمكنها وصفه، شعور جارف، مليء بالعواطف والتهيج الذي لم تكن قد اختبرته من قبل.

"لكن... فيصل، إحنا... إحنا مختلفين." قالت نوف بصوت ضعيف، محاولًة أن تبعد عن نفسها هذا التوتر، لكنها كانت تدرك أن كلامها لم يكن مقنعًا حتى لها.

"مختلفين؟!" قال فيصل بصوتٍ حاد، وأمسك بيدها بشدة أكبر، كأنّه لا يريد أن يتركها تبتعد. "إنتِ ما تعرفين يعني إيش بالنسبة لي؟ إنتِ أكثر من مجرد وحدة في حياتي، نوف. فيه بيننا شيء... شيء أكبر من الكلام. ما تقدر تهربين منه."

كان لسانه يُثيرها، وكانت جملته توغل في أعماقها بشكل لا يوصف. كانت تحاول أن تبتعد عن كل شيء، لكن كان قلبها يغرق أكثر في مشاعره. لم تعد تعرف ما الذي تريده بالضبط، لكنها كانت متأكدة من شيء واحد، أن فيصل أصبح جزءًا من عالمها بطريقة لم تكن تتوقعها أبدًا.

وفي تلك اللحظة، وقف كل شيء في وجهها. كانت الكلمات تختنق في صدرها، بينما كانت رغبتها تتصاعد. قلبها يعبر عن شيء لا يمكن كبحه، لكن عقلها ما زال يحاول أن يبعدها عن هذا الطريق المظلم المليء بالعواطف التي كانت تستهلكها.

"ما أعرف إذا كنت مستعدة للي تطلبه مني، فيصل." قالت نوف بصوت ضعيف، بينما كانت عيونها لا تترك عينيه.

فيصل اقترب منها أكثر، وكان يهمس في أذنها: "وإيش لو أنا اللي ما أقدر أعيش بدونك؟ وش لو قلبي ما يعود يطيق البعد عنك؟" كانت كلماته تذيب آخر حواجزها، وكانت مشاعرها الجياشة تسيطر عليها. شعر قلبها وكأنه يترنح بين الرغبة في البقاء وبين الخوف من الانجراف وراء تلك العواطف.

كان هناك شيء قوي للغاية يجمع بينهما، كان يشدّها إليه بشدة لا يمكن مقاومتها. وفي تلك اللحظة، كانت نوف تدرك شيئًا واحدًا: إنها لم تكن فقط تلك الفتاة البسيطة التي تجلس في المقهى. كانت جزءًا من عالمه، حتى وإن كانت لا تستطيع أن تفسر تمامًا ما يحدث بينهما.

"أنا ما أقدر أعيش بدونك، نوف." قال فيصل مرة أخرى، بينما كانت عيونه تلمع بشكل غير طبيعي. كان يتنفس بصعوبة، وكان يقترب أكثر وأكثر منها، حتى أصبحت أنفاسهما تتداخل.

نوف، التي كانت تشعر بشيء يجذبها إليه، لم تعد تستطيع أن تسيطر على قلبها. فجأة، شعرت بحرارة يده التي كانت تلامس وجهها، بينما اقتربت شفتاه من شفتها، وكأن كل شيء حولهما قد توقف. كان الجو حارًا، مليئًا بالشوق والحميمية، بينما كانت نوف تشعر بأنها في عالم آخر.

عندما التقت شفتاهما أخيرًا، كان قبلة متأخرة مليئة بالعواطف التي لا تُوصف. لم يكن الأمر مجرد قبلة عادية، بل كانت تلك اللحظة نقطة تحول في حياتهما، نقطة كانت تملأ قلب كل منهما بالشوق والارتباك في آن واحد.

الجزء الرابع: "القرار الصعب"

بعد تلك القبلة، كان كل شيء مختلف. كان الوقت يمر ببطء، كما لو أن العالم قد تجمّد حول نوف وفيصل. كان الهواء في المقهى دافئًا ثقيلًا، والعواطف بينهما تشتعل أكثر وأكثر مع كل لحظة. نوف لم تكن تستطيع أن تحسم مشاعرها. كانت تشعر بالسعادة والارتباك، وكانت هناك رغبة كبيرة في الاستمرار، لكنها كانت تخشى أن تكون تلك اللحظة مجرد سحابة عابرة في بحر الحياة الذي يعج بالمشاعر المعقدة.

فيصل، الذي كان دائمًا يسيطر على كل شيء من حوله، شعر بشيء مختلف. لم يكن متوقعًا أن يكون هذا هو الشعور الذي يجتاحه. كانت نوف قد شقّت طريقها إلى قلبه بطريقة غريبة، وكانت تملأ حياته بلمسات من العاطفة والبراءة التي لم يعرفها من قبل.

"نوف، وش صار؟" همس فيصل وهو يضع يده على وجهها بلطف، كان يشعر بشيء غريب في تلك اللحظة، لا يعرف إن كان هذا هو ما يريده، لكنه كان يعلم أن قلبه لا يستطيع الابتعاد عنها.

نوف، التي كانت تحاول تهدئة نفسها، نظرت في عينيه. كانت عيون فيصل التي كانت دائمًا مليئة بالسرّية والغموض، اليوم تحمل نظرة مختلفة. كان هناك شيء في عينيه يجعل قلبها يضعف. كان ذلك الشعور الذي يراودها كلما اقترب منها، وكان لا يمكنها مقاومته.

"فيصل... لا أعرف إذا كنت مستعدة لهذا. أنا مش مثل باقي البنات اللي ممكن ينجذبون لثروتك أو لجاذبيتك. أنا... أنا ما أقدر أكون مجرد صورة في عالمك." قالت نوف بصوت مختنق، عيناها تتألقان بالدموع التي كانت تتردد بين عينيها دون أن تجرؤ على البوح بها.

فيصل ابتسم بحزن، وأخذ يدها بين يديه، كان يشعر أن كلماته لا تكفي للتعبير عما يجول في قلبه. "وأنا ما أريدك تكوني مثلهم، نوف. أريدك أن تكوني أنتِ... أنتِ فقط. مش مهتم في ماضيك أو مستقبلك، أنا فقط أريدك هنا، جنبي. وكل لحظة بعيدة عنك تكسرني."

نوف كانت تقاوم الانغماس في هذه العواطف، لكنها كانت تعرف أنه لا مفر منها. فيصل كان في حياتها الآن، بطريقة لا تستطيع أن تبتعد عنها. كانت هناك رغبة في قلبها لتسير مع هذا الشغف، مع هذا الرجل الغامض القوي الذي أسرت قسوةُ نظراته قلبها، لكن كان هناك شيء في عقلها يحاول أن يبعدها عن هذا المسار.

"أنت عندك كل شيء، فيصل. وأنا ما عندي إلا قلبي. إنتا بتبقى معاي عشان قلبي؟" قالت نوف بصوت خافت، بينما كانت نظراتها تهيم في الفراغ، تبحث عن إجابة غير واضحة.

أمسك فيصل وجهها برفق، وبقوة أيضًا، كأنه يريد أن يثبت لها شيئًا. "أنا معاك عشانك أنتِ، مش عشان أي شيء ثاني. أحبك، نوف. وأنتِ الوحيدة اللي لقيت في عيونها نفسي. مهما كانت الظروف، ما بقدر أعيش بدونك."

كانت الكلمات ثقيلة، مشبعة بالعاطفة التي لم تكن نوف تستطيع فهمها بالكامل. كانت فقط تشعر بها، شعور يسيطر على قلبها في كل ثانية. كانت جاذبية فيصل لا تُقاوم، وهو يعلم أنها لم تعد تستطيع الابتعاد عنه.

بينما كانت نوف تضع رأسها على صدره، كان فيصل ينظر إليها بعينين مليئتين بالتساؤل، كانت تلك اللحظة اللحظة التي لا يعرفان كيف سيواجهانها معًا. كانت مشاعرهما مشتعلة، لكن بين اللهفة والحذر، كان قلب نوف ينبض بمزيج من الرغبة والخوف.

"فيصل، إذا قررت أكون معاك، مابي أكون مجرد جزء من لعبتك. أنا أحتاج أكمل حياتي بحب حقيقي، وأنا لا أريد أن أكون مجرد ذكرى." قالت نوف بصوت محمّل بالثقل، وكانت عيونها تلتقط نظراته التي كانت مليئة بالصدق والقلق في آن واحد.

ابتسم فيصل، وكان يبدو عليه أنه يقرر شيئًا ما، شيء كبير، شيء لا يستطيع الهروب منه. "أنتِ ما بتكوني مجرد ذكرى، نوف. إذا كنتِ تقصدين الحب الحقيقي، هذا هو." همس لها بصوت خافت وهو يحتضنها برقة، وكأن العالم قد اختفى، وكأن لا شيء كان مهمًا سوى هذه اللحظة، بينهما.

وكانت تلك بداية جديدة، بداية حب معقد، مع رغبات عميقة، وأحلام متشابكة، كانت نوف وفصيل على حافة عالم جديد، لا يعرفان إلى أين سيأخذهما، لكنهما كانا مستعدين للانغماس في تلك المغامرة التي كانت تذيب الحدود بينهما.

الجزء الخامس: "لحظة ضعف... أو بداية انهيار"

مرّت الأيام بعد ذاك الاعتراف الثقيل، لكن ما كانت تمر به نوف ما يشبه الاستقرار أبدًا. كانت تشعر وكأن فيصل سحبها من حياتها البسيطة ورماها في دوامة مشاعر لا تنتهي، وكل لحظة تقضيها معه كانت فيها حلاوة، وفيها خوف... وفيها ذوبان.

كان يجيها بسيارته الفخمة كل يوم بعد دوامها، وهي تطلع له بحجابها ونظرتها المرتبكة، تركب جنبه وهي تحاول تخفي ارتباكها، لكن عبثًا... لأن نظرات فيصل كانت تكشفها مثل كتاب مفتوح.

في مرة، وقف عند شقة من شقاته الهادية، وسحب يدها وقال:
"أبغاك تسمعينني، نوف... بدون هروب، بدون تفكير."

كانت هي تتلفت، خجلانة، خايفة، ومو مستوعبة ليه جابها لهناك.
قال لها: "ما سويت هالشي مع أحد قبلك، بس أنا مابي أكون رجل يمرّ بحياتك ويمشي. أنا أبيك تعرفينني زين، أبيك تشوفينني على حقيقتي... الغامض اللي تشوفينه، ترى هو رجل تعبان من وحدته."

نوف سكتت، لكن صوتها الداخلي كان يصرخ. كانت تموت من الخوف إنها تنجرف، لكنها بعد لحظات دخلت معه... وكانت الشقة هادية، فيها ريحة عود ثقيل، وأجواء تضرب في أعصابها.

جلس فيصل على الكرسي الجلدي، وعيونه تراقبها، وقال بهدوء:
"اجلسي، بس نبي نتكلم."

وجلست. بصمت، وتوتر، وقلق. كانت يدها ترجف وهي تمسك طرف عبايتها.

"نوف... أنا ما طلبت منك تحبيني بسرعة، ولا أبيك تعطيني نفسك، بس... لا تبعدين. لا تصيرين زي كل اللي قبلك. أنا تعبت، والله تعبت."

وقام واقترب منها، جلس على طرف الطاولة، وصوته صار أوطى، كأنه يخاف يكسرها.
"من يوم عرفتك، وأنا ما صرت أنا. كل شي كنت أتحكم فيه، الحين صرت ضايع فيك. وعشان كذا... أنا محتاجك جنبي، موب يوم... كل الأيام."

كانت هالكلمات بالنسبة لنوف مثل سيل حار جالس يحرق قلبها. ما عاد عرفت تبكي أو تضحك أو تهرب. كانت مشاعرها مثل نار تحت جلدها، تنهشها بشويش.

وقرب منها، أقرب من اللازم، لكن ما لمسها.
قال:
"بس قولي لي كلمة، قولي إنك تبين تعطينّا فرصة. مو عشان أنا غني أو أنتِ ضعيفة... عشان اللي بينّا حقيقي، وأنتِ تحسين فيه مثلي."

هزّت راسها، بصوت بالكاد ينسمع:
"أحس... بس أخاف..."

رد بسرعة، وعيونه صارت تلمع:
"وكل شي حلو نخاف منه، نوف... بس نخوضه."

وبذاك اليوم، كانت بدايتهم الحقيقية. لا إعلان، ولا وعود. بس لحظة صمت طويلة، ويد تمسك يد، وقلوب ترتجف، وعينين فيها وعد ما انقال، لكنه كان أوضح من ألف كلمة.

الجزء السادس: "ما بين القلب والعقل"

مرت أسابيع، ونوف ما عادت نفس نوف. صارت تضحك أقل، وتحلم أكثر. كل شي في حياتها صار يتمحور حول فيصل، حتى التفاصيل الصغيرة... صوت جواله، ريحة عطره، نظراته اللي ما تفارق خيالها.

لكنه، رغم كل الحنان اللي صار يظهره، ما زال غامض. ثقيل. صامت أحيانًا بطريقة تخوفها. أحيانًا يقرب، وأحيانًا يختفي يومين كاملين. وكانت نوف، بطبيعتها العفوية، تعيش كل لحظة كأنها الأخيرة، وتخاف من اللي بعدها.

في أحد الليالي، وهي تنتظره يرد على رسالتها، حسّت بشي غريب في قلبها. شي بين الغيرة والخوف والخذلان. راحت عنده بدون ما تخبره. كان عند بيته، والأنوار شغالة، والسيارة واقفة... لكن جواله طافي.

دقّت الجرس، وانتظرت.

فتح لها الباب، وهو متفاجئ، وشكله توه صاحي أو مستعجل يخفي شي.
قالت له بدون لفّ ولا دوران:
"فيصل، تعبت. أنا مو بلعبة. أنا إنسانة، أحبك من قلبي، وأبي أصدقك، بس تعبني غيابك وصمتك ومزاجك اللي ما أفهمه."

فيصل وقف، وسكت لحظة، كأنه يصارع شي داخله.
قال:
"نوف... فيه أشياء كثير ما تعرفينها عني، وأنا كنت أحاول أحميك منها. بس يمكن غلطتي إني ظنيت إنك ما تقدرين تتحمّلين."

قاطعته بحدة:
"جربني، فيصل. بس لا تظل تعاملني كأني طفلة ما تقدر تواجه شي. أبي أعرفك مثل ما أنت، بحقيقتك... الغامض اللي أحببته، ما عاد يكفيني. أبي الرجل اللي أقدر أوقف جنبه، مو أظل أتفرج عليه من بعيد."

هز راسه، وكأنه يستسلم.
"أنا مو ملاك، نوف. في حياتي أخطاء، وعلاقات، وأشخاص ما يتمنون لي الخير. لكن من يوم دخلتي، كل شي صار مختلف. وأنا... ماعد أقدر أخبي. تعالي، أدخلي، وخليني أحكي لك كل شي."

دخلت. كانت رجفة يدها تقول كم هي خائفة. لكنه مسك يدها، وأجلسها، وبدأ يحكي.

حكا له عن صراعاته مع عائلته، عن تجارة العائلة، عن طموحه اللي ما كان يمشي بخط مستقيم، وعن نساء مرّوا، لكنه ما توقف عندهم. كان صادق. واضح. جريء.

ونوف، رغم كل اللي سمعته، ما تحركت. ما هربت. كانت تناظره بعيون مشتاقة، مليانة حب، لكن هالحب ما كان غبي. كان واثق من نفسه.

قال لها بنهاية الليلة:
"الحين، بعد كل اللي سمعتيه، لو تبين تنسحبين... أنا أتفهم. بس أنا أبيك تبقين. مو بس عشان أحتاجك... عشان أحبك."

نوف ما ردّت. بس قامت، ووقفت قدامه، وهمست له:
"وأنا بعد... أحبك. ورح أبقى. بس لا تختفي مرة ثانية، فيصل. لا تخليني أعيش الخوف لحالي."

ومد يده، ومسح دمعة صغيرة على خدّها. كانت أقرب لحظة ما بينهم. لحظة مكشوفة... خالية من المجاملات، ومليانة صدق.

وكانت هذي أول مرة نوف تحس إنها فعلاً داخل علاقة حقيقية، ناضجة، مؤلمة... لكنها حقيقية.

الجزء السابع: "دخول غير متوقّع"

بدأت حياة نوف تتوازن، أو هكذا ظنّت. فيصل فتح لها أبواب قلبه، وأصبح واضحًا معها أكثر. صار يشاركها يومه، خططه، وأحيانًا حتى ضغوط شغله، وهذا كان يكفيها... لأن حبها له ما كان يحتاج لا مجوهرات ولا قصور، فقط حضوره.

لكن الاستقرار له أعداء، ودوامة الحب ما تطول صافية.

في أحد الأيام، وهي تنتظره في مكتبه الجديد، دخلت امرأة.

طويلة. أنيقة. شعرها منسدل، وكعبها يضرب الأرض بثقة. نظرت لنوف بنظرة من أولها معروف معناها:
"من هذي؟"

نوف وقفت، ما تعرف وش تسوي. البنت اتقدّمت بكل جرأة وسألتها:
"أنتِ نوف؟"
ردّت بهدوء متوتر:
"إي أنا."
ابتسمت البنت ابتسامة باردة، وقالت:
"أنا نورة... خطيبة فيصل السابقة."

الاسم نزل على قلب نوف مثل صخرة.

نورة ما وقفت عند هالصدمة. جلست بكل برود على طرف المكتب، وقالت:
"كنّا مخطوبين من سنتين، وكنّا راجعين لبعض، بس الظاهر ما كنتي تدرين."
ثم ابتسمت، وبنبرة أقرب للسم:
"فيصل ما يتهوّن عليه شي يخصّه، ولا ينسى بسهولة... وخصوصًا اللي حبهم."

نوف ما ردّت. فقط عيونها طاحت على صورة فيصل على المكتب، وعلى الوردة اللي عطاها إياها قبل أسبوع، واللي كانت لا تزال على الطاولة.
مشاعرها تهزّت، قلبها رجف، بس لسانها ما نطق.

دخل فيصل فجأة.

وقف، وانصدم، وقال:
"نورة؟! وش تسوين هنا؟"
ردّت بثقة وهي تعدل طرحتها:
"جيت أذكّرك إنك ما قلت لها كل شيء."

فيصل لفّ على نوف، وشاف وجهها، كان واضح إنها نازفة من جوّا.
"نوف، الموضوع هذا انتهى من زمان، أنا ما أدري ليه جت، ولا ليه قالت الكلام هذا."

نوف قالت بهدوء، وهي تحاول تمسك دمعتها:
"فيصل... إذا فيه شي أنا لازم أعرفه، قول لي. الحين."

سكت فيصل. لحظة ثقيلة. الكلمة اللي بيقولها يا ترفعهم فوق، أو تطيحهم من عالي.

قال:
"كنا مخطوبين، صحيح. وكان بيننا ماضي. لكن بعد ما تعرفت عليك، الماضي انمسح. نورة ما قبلت الواقع، وحاولت ترجع، وأنا رفضت. هذا كل شيء."

نورة وقفت، وقالت بصوت بارد:
"وإذا كان اللي بينكم حب صدق، خلني أشوف إذا يصمد."
وطلعت من المكتب، تاركة وراءها قلب نوف يحترق، ونظرات فيصل معلّقة فيها، يحاول يتمسك بها قبل لا تطيح من يده.

في تلك اللحظة، ما قالت نوف شي. فقط طلعت من المكتب... ومشت في الشارع، تمشي وهي تسمع دقات قلبها تغني لحن الشك، والخوف، والتعب.

وكان السؤال اللي ما فارقها:
"هل أنا امرأة عابرة في حياة رجل معقّد... أم أنا خلاصه؟"

الجزء الثامن: "الهوى بين قوتين"

الأيام اللي تلت كانت قاسية على نوف. مو بس عشان نورة، ولا بسبب كلامها المسموم، لكن لأن فيصل ما قدر يطمنها طمأنينة حقيقية. هو يحب، إي… لكن الرجل اللي يحبك ما يخليك تتساءلين عن مكانك في قلبه.

نوف اختفت يومين. لا اتصال، لا رسالة، لا شي. جلست في غرفتها، تتأمل جدارها الأبيض، وتحاول تفهم وش اللي قاعد يصير. كانت تبغى تصدق فيصل، بس فيه شي في نظراته ذيك اللحظة… خلّاها تشك، ولو للحظة.

وفي اليوم الثالث، جاها اتصال.

كان رقم غريب… فتحت.

"ألو؟"
"هلا، نوف؟ أنا نورة."

نوف سكتت.

قالت نورة بنبرة أكثر هدوء من قبل:
"ما راح أزعجك كثير، بس حبيت أقولك شي واحد… فيصل موب حق وحدة. هو رجل تحبه كثير، بس عمره ما حب إلا نفسه. وبتشوفين."

نوف قفلت الخط بدون رد. جلست دقيقة تمسك الجوال وتتنفس ببطء… وبعدين فتحت الشنطة، وقررت تروح له.

دخلت مكتبه بدون موعد. السكرتير حاول يوقفها، لكنها قالت:
"علمني متى صرت محتاجة إذن عشان أدخل على اللي يقول إنه يحبني؟"

دخلت، ولقيته جالس، ووجهه تعبان كأنه ما نام من يومين.

قال بسرعة:
"نوف… أخيرًا جيتي."

قاطعته:
"لا تبتسم. خلنا نكون واضحين، فيصل… أنا مو لعبة. مو شخص تجي له لما تحس بالذنب. نورة دخلت بيننا، وانت ما كنت صلب كفاية. أنا ما أبي رجل واقف بنص الشارع… أبي رجل يوقف معي ضد كل الدنيا."

وقف فيصل، واقترب منها، وقال:
"أنا واقف، نوف… لكني مكسور قبل أعرفك، وانتي أول مرة تحسسيني إني أقدر أكون شيء غير الرجل اللي كل الناس تشوفه غامض، ومخيف، وبارد."

نوف صمتت، ودمعة نزلت على خدها. ما قدرت تتحمل.

قالت:
"علمني، فيصل… إذا بكرة نورة قالت لك تبيني أرجع، تردّ؟"

هزّ راسه بسرعة:
"لا. انتهى."
ردّت، بصوت منخفض لكنه واصل:
"أبيك تحلف."

قال:
"أقسم بالله يا نوف، ما في قلبي غيرك."

وقتها... انكسرت المسافة بينهم.

اقترب، مسك يدها، وحطها على صدره. قال بهمس:
"كل هالوجع اللي أحسه... له اسم واحد: نوف."

نوف بكت. بس مو بكاء ألم. بكاء تفريغ. بكاء نجاة.

وبتلك اللحظة، فهمت إن الحب الحقيقي ما يكون دايم سهل، ولا دائم ساطع… أحيانًا، يكون حبك داخل رجل مشوش، مكسور، وأنت تحبه رغم كل شيء… وتبقى.

لكن نورة؟ ما كانت ناوية تطلع من حياتهم بهدوء.

الجزء التاسع: "الخصم الذي لا ينسحب"

مرت أيام ونوف تحاول ترمّم ثقتها بفيصل، وهو يحاول يثبت إن كل وعوده كانت صادقة. صار يفتح لها قلبه أكثر، ياخذها معاه لكل تفاصيله اليومية، حتى بدأ مشروع صغير باسمها، وقال:
"أبيك توقفين على رجليك، حتى لو أنا مو موجود."

كانت نوف تبتسم كثير، لكن بداخلها تظل تتلفّت… كأنها تحس إن شي مو مريح قاعد يقترب.

ما كانت تتوهم.

في يوم، وهي خارجة من عملها الجديد، جاءها ظرف مغلّف، ما فيه اسم مرسل. فتحته وهي تمشي، وتوقفت في نص الشارع.

صور.
صور لها مع فيصل في أماكن خاصة. صور مقرّبة. بعضها فيه حضن، نظرات، أو حتى تلامس يدين. ومكتوب بخط واضح:

"تظنين إنك الوحيدة اللي له؟ ترى فيصل يكرر مشاعره أكثر مما يكرر ملابسه."

نوف شهقت، وقلبها طاح في الأرض. ما قدرت تمسك دمعتها.

اتصلت عليه، لكن ما رد. حاولت تمسك نفسها، بس الغيرة، والشك، والألم، تكسرت في صدرها.

وصلت للبيت، ورمت الصور على الطاولة، وجلست تنتظر الليل.

وفي الليل، جا فيصل، وهو ما يدري عن العاصفة.

قالت له بهدوء مرعب:
"في أحد يرسل لي صورك معي، ومعاها تهديدات وكلام يحطم أي شعور بالأمان بيننا... هل تعرف أحد ممكن يسوي كذا؟"

فيصل رفع الصور، وقرأ الورقة، وسكت.

قال بعدها:
"نورة. هذي لعبتها. تحرق، تخرب، وتنسحب، بس ما تقدر تشوفني أكون سعيد مع أحد ثاني."

نوف، بصوت مختنق:
"بس ليه؟ ليه أنا؟"
رد:
"لأنك كسرت القاعدة... قلبي ما انكسر معها، انكسر معك."

نوف أخذت نفس عميق، وقالت:
"أنا ما راح أتركك، فيصل… بس أبيك تسوي شي. أبيك تواجهها."

قال:
"أواجهها، وأحط لها حد، وأوريها إنك مو نقطة ضعف، انتي قوتي كلها."

وبالفعل، بدأ فيصل يضيق الخناق على نورة، رسميًا. أرسل لها محامي، وأبلغ أهلها، وواجهها بموقف شديد:
"إذا قربتي من نوف مرة ثانية… بيصير بيني وبينك شي رسمي. ووقتها ما راح تكون نهايته بكلمة."

لكن نورة ما كانت بهالبساطة... سكتت، لكن بدأت تلعب على أوتار ثانية:
الناس.

صارت تتكلم، تنشر إشاعات، تسرب مواقف قديمة بينه وبين بنات، تقنع كل من يحيط بنوف إن فيصل ما يتغيّر. وإنه يمثل فقط.

بدأت نوف تحس بثقل نظرات الناس. حتى أقرب صديقاتها قالوا:
"إنتي حابة؟ ولا مخدوعة؟"

بس نوف، لأول مرة، ما ارتبكت.

ردّت بثقة:
"أنا حبيته، بس بعد ما عرفته. وشفت حقيقته، واخترت أواجه معاه، مو أهرب."

وكان هالرد بداية مرحلة جديدة.

مرحلة تكون فيها نوف أقوى، مو بس بالحُب، لكن بالوعي. تعرف إن الغرام ما ينجيك دايم، لكن الصدق والثبات ينقذونك كثير.

وفيصل؟ صار عند مفترق طرق... يا يكمل خطوته الجاية ويخطبها رسميًا… أو يضيعها إلى الأبد.

الجزء التاسع: "الخصم الذي لا ينسحب"

مرت أيام ونوف تحاول ترمّم ثقتها بفيصل، وهو يحاول يثبت إن كل وعوده كانت صادقة. صار يفتح لها قلبه أكثر، ياخذها معاه لكل تفاصيله اليومية، حتى بدأ مشروع صغير باسمها، وقال:
"أبيك توقفين على رجليك، حتى لو أنا مو موجود."

كانت نوف تبتسم كثير، لكن بداخلها تظل تتلفّت… كأنها تحس إن شي مو مريح قاعد يقترب.

ما كانت تتوهم.

في يوم، وهي خارجة من عملها الجديد، جاءها ظرف مغلّف، ما فيه اسم مرسل. فتحته وهي تمشي، وتوقفت في نص الشارع.

صور.
صور لها مع فيصل في أماكن خاصة. صور مقرّبة. بعضها فيه حضن، نظرات، أو حتى تلامس يدين. ومكتوب بخط واضح:

"تظنين إنك الوحيدة اللي له؟ ترى فيصل يكرر مشاعره أكثر مما يكرر ملابسه."

نوف شهقت، وقلبها طاح في الأرض. ما قدرت تمسك دمعتها.

اتصلت عليه، لكن ما رد. حاولت تمسك نفسها، بس الغيرة، والشك، والألم، تكسرت في صدرها.

وصلت للبيت، ورمت الصور على الطاولة، وجلست تنتظر الليل.

وفي الليل، جا فيصل، وهو ما يدري عن العاصفة.

قالت له بهدوء مرعب:
"في أحد يرسل لي صورك معي، ومعاها تهديدات وكلام يحطم أي شعور بالأمان بيننا... هل تعرف أحد ممكن يسوي كذا؟"

فيصل رفع الصور، وقرأ الورقة، وسكت.

قال بعدها:
"نورة. هذي لعبتها. تحرق، تخرب، وتنسحب، بس ما تقدر تشوفني أكون سعيد مع أحد ثاني."

نوف، بصوت مختنق:
"بس ليه؟ ليه أنا؟"
رد:
"لأنك كسرت القاعدة... قلبي ما انكسر معها، انكسر معك."

نوف أخذت نفس عميق، وقالت:
"أنا ما راح أتركك، فيصل… بس أبيك تسوي شي. أبيك تواجهها."

قال:
"أواجهها، وأحط لها حد، وأوريها إنك مو نقطة ضعف، انتي قوتي كلها."

وبالفعل، بدأ فيصل يضيق الخناق على نورة، رسميًا. أرسل لها محامي، وأبلغ أهلها، وواجهها بموقف شديد:
"إذا قربتي من نوف مرة ثانية… بيصير بيني وبينك شي رسمي. ووقتها ما راح تكون نهايته بكلمة."

لكن نورة ما كانت بهالبساطة... سكتت، لكن بدأت تلعب على أوتار ثانية:
الناس.

صارت تتكلم، تنشر إشاعات، تسرب مواقف قديمة بينه وبين بنات، تقنع كل من يحيط بنوف إن فيصل ما يتغيّر. وإنه يمثل فقط.

بدأت نوف تحس بثقل نظرات الناس. حتى أقرب صديقاتها قالوا:
"إنتي حابة؟ ولا مخدوعة؟"

بس نوف، لأول مرة، ما ارتبكت.

ردّت بثقة:
"أنا حبيته، بس بعد ما عرفته. وشفت حقيقته، واخترت أواجه معاه، مو أهرب."

وكان هالرد بداية مرحلة جديدة.

مرحلة تكون فيها نوف أقوى، مو بس بالحُب، لكن بالوعي. تعرف إن الغرام ما ينجيك دايم، لكن الصدق والثبات ينقذونك كثير.

وفيصل؟ صار عند مفترق طرق... يا يكمل خطوته الجاية ويخطبها رسميًا… أو يضيعها إلى الأبد.

لجزء العاشر: "على حافة القرار"

ليلة طويلة، السماء ملبّدة، والصمت في بيت نوف يشبه قلبها… معلّق.

من فترة ما صار بينهم أي خلاف، بس التوتر كان مثل الغبار… ما تشوفه، بس تحسه في أنفاسك.

فيصل تغيّر كثير… صار أهدأ، أكثر حنية، حتى تعبيراته صارت واضحة، ما فيها ذاك الغموض اللي أول جذبها له. لكن رغم هذا كله، نوف كانت تنتظر شي.

شي يثبت لها إن كل اللي سوته ما راح يضيع سدى.

وفي مساء الخميس، وبعد صلاة العشاء، جا فيصل. كان لابس ثوب غامق، وريحته تعبي المكان، نفس العطر اللي حطّه أول مرة شافته فيه.

دخل وهو شايل بيده ظرف صغير، وقف قدامها، وقال:
"أنا قررت."

نوف رفعت راسها، وانتظرت.

قال بصوت واثق، وبنبرة مكسوة بشي يشبه الرجفة:
"يا نوف، أنا كنت رجل ضايع… واللي ضاع مني كثير. بس وجودك رجّع لي نفسي. وأنا ما أقدر أعرضك لعالم مليان فوضى… إلا إذا كنت ناوي أوقف الفوضى عند باب قلبك."

فتح الظرف… وكان فيه عقد زواج.

نوف شهقت، ودمعتها نزلت بدون استئذان.

قال:
"أنا كلمت أبوي، وكلمت رجال عايلتنا… وهذا عقد جاهز، باسمك. إذا قلتي (إيه)، أنا بكرا أكون على باب بيتكم ومعي خُطّابة، وشي رسمي يملي وجهك قدام الناس كلها."

سكت لحظة، ثم تابع بنبرة أكثر حرارة:
"أنا ما أبيك تكونين جزء من حياتي… أنا أبيك تكونين حياتي كلها."

نوف ما ردّت على طول.

رفعت عيونها فيه، وكانت مليانة خوف، ولهفة، وحب… وقالت:
"ما راح أقول (إيه) عشان اللحظة حلوة… راح أقولها لأنك خليّتني أصدق إني أستحق رجل يحبني لهالحد."

قالت "إيه".

ومعها تغيّر كل شي.

لكن...

نورة ما كانت نايمة. وأول ما انتشر خبر الخطوبة، ظهرت بمقطع فيديو قديم يجمعها بفيصل، نشرته في أحد الحسابات المجهولة… وعلّقت:
"هل فعلاً تغير؟ أو بس انتقل لضحّية جديدة؟"

المقطع انتشر.

الناس تكلمت.

وحتى نوف… جلست تطالع فيصل، بقلب يرتجف، وتسأله:
"فيصل… كم سر بعد ما قلنا كل شي؟"

الجزء الحادي عشر: "سؤال لا يحتمل التأجيل"

ما انتظرت. أول ما شافت المقطع، ورأت العيون القديمة تلمع فيه، والابتسامة اللي كانت تظن إنها لها فقط… قلبها ما استوعب.

دخلت على فيصل وهو في مكتبه الصغير، باب مقفل وجو هادي، بس عيون نوف كانت إعصار.

ما قالت "هلا"، ما سألته "وش عندك؟"
فتحت الجوال، شغّلت المقطع، وخلّته يسمعه.

كان صوت نورة يضحك، وكانت تهمس لفيصل:
"لا أحد يعرف فيصل اللي معي، مو فيصل اللي قدام الناس…"

وهو يرد، بصوت واضح:
"وأنا أحبك بهالشكل… بصوتك، بحبّك المجنون، بغيرتك اللي تخوف، وبكل شي فيك."

نوف سكتت المقطع، ورفعت عيونها.
قالت بهدوء قاتل:
"هذا أنت؟ هذا اللي قال لي إن قلبه لي لحالي؟"

فيصل نزل راسه. تنفّس، وقال بصوت غليظ، لكن مهزوز:
"هذا كان قبل سنتين… قبل لا أفهم إن هالعلاقات مهما بدت مشتعلة، ما تبني بيت، تبني حرائق."

نوف:
"بس كنت تحبها. واضح إنك كنت تحبها."

قال:
"إيه، كنت. بس مو مثل حبك. حب نورة كان شهية، بس مو دفء. كان إعجاب، مو طمأنينة. وإنتِ… إنتِ كنتِ أول مرة أحس إنّي مبسوط لو يومي يبدأ وينتهي عند صوتك."

سكت، واقترب منها خطوة، وقال:
"بس فيه شي لازم أقوله قبل تمسكين الباب."
نوف ما تحركت.

قال:
"أنا غلطت… مو بس معها، مع كثير. كنت ألعب قلوب عشان أهرب من قلبي. بس يوم عرفتك، حسّيت إني أحتاج أوقف. أنت ما علّمتيني الحب… أنت علّمتيني أكون رجل يقدر يُحَب."

سكت.

نوف قالت، بنبرة مخنوقة:
"بس ليه ما قلت؟ ليه خليتني أصدق إنك نظيف؟"
قال:
"لأني كنت خايف… خايف تفهمين ماضيّ أكثر من حاضري."

نوف طالعته لحظات… قلبها مو مطمئن، لكنه مو منكر حبّه.

قالت بصوت مرتجف:
"أنا مو أطلب ملاك… بس كنت أطلب صدق. لو كنت قايل، كنت واجهت معك. بس الآن… أنا مو عارفة إذا أقدر."

قال فيصل:
"إذا تبين تمشين، بفتح لك الباب… بس إذا تبين تعطينّي فرصة أكفّر عن كل شي، راح أبدأ الحين."

سكتت نوف… ثم قالت:
"راح أفكر… بس المرة هذي، تفكيري مو من قلب حبيبتك… من عقل مرأة لازم تحمي نفسها."

وطلعت.

وتركت فيصل واقف، يراجع كل كلمة قالها… ويستعد لأصعب مرحلة:

استعادة ثقة انكسرت بصوت تسجيل.

الجزء الثاني عشر: "خطة من النوع اللي ما يُنسى"

مرت ثلاثة أيام.

نوف ما ردّت. لا على مكالمة، ولا على رسالة، ولا حتى على هدية صغيرة وصلت باب بيتهم باسمها، من غير مرسل.

فيصل كان ينهار ببطء. كل ساعة تمرّ كانت تشبه فقد جديد. بس المرة هذي… ما كان يبي يرجع يعتذر، ولا يكتب سطور مكررة.

كان يحتاج شي يهزها… يوقظ الذاكرة، والاحساس، والمكان اللي بينهم ما أحد وصله.

وفكّر.

ورجع لمكان بداية كل شي.

في ذيك الحديقة الصغيرة اللي جلست فيها نوف لأول مرة لحالها تقرأ كتاب، وهو كان يراقبها من بعيد.
نفس المكان اللي تجرأ فيه بعد أيام وقال:
"وش تقرين؟ ولا ما تحبين أحد يقاطعك؟"

قرّر يخطط لليلة.

واستأجر الحديقة كاملة، ليلة وحدة، بس لمدة ثلاث ساعات، من بعد العشاء حتى منتصف الليل.
جهز فيها كل التفاصيل اللي تحبها:
– إنارة خفيفة،
– طاولة صغيرة عليها نفس نوع القهوة اللي تحبها،
– كتابها المفضل،
– عطره القديم،
– ومقعد فارغ جنب كرسيها.

وأرسل لها ظرف بنفس الطريقة اللي أرسلت له فيه صور نورة.

ما كتب شي كثير… بس:
"أنا ما أبي أكتب لك، أبي تعيشين اللي بينّا من جديد. الليلة، الساعة 9، المكان اللي ابتدينا فيه. فيصل."

نوف ما كانت ناوية تروح. قالت لنفسها:
اللعب بالمشاعر ما ينتهي عندهم.
بس شي في قلبها، حنين دفين، وإيمان ضعيف إنه ممكن فيصل يكون صادق… شدّها.

لبست عبايتها، وراحت.

ووقفت قدام البوابة… لما دخلت، انبهرت.

كل المكان مثل نسخة حُلم.

ورأت فيصل جالس، يطالعها، ما قال ولا كلمة.

بس مدّ يده لها، وأشار للمقعد.
جلست، وهي ساكته.

قال:
"تعرفين ليه اخترت المكان هذا؟ لأني ما راح أقدر أرجعك تحبيني من جديد بالكلام… بس يمكن أرجعك تذكرين ليه حبيتيني أول."

نظر فيها… وصوته صار أهدى:
"وقتها، كنت بس رجل عابر في طريقك… بس نظرتك علّمتني إن العابرين أحيانًا يتركون أثر، وأنا ما عاد أبي أكون عابر في حياتك. أبي أكون ثباتك."

قالت نوف، بصوت متردد:
"بس الجرح…"
قاطعها بلطف:
"أنا ما أطلب تنسينه… بس أبي فرصة أثبت لك إنّي أقدر أداويك، مو أوجعك."

سكتت.

قال:
"أنا جهّزت كل شيء، حتى الخطوبة الرسمية، وكل الشهود… بس باقي (إنتِ). ما راح أضغطك، بس قلبي بين يدينك، والليلة؟ هي محاولتي الأخيرة."

مرت لحظة صمت، ما كان فيها إلا أنفاسها الثقيلة… ونظراته اللي مليانة توتر.

نوف قامت. مشيت خطوتين… ثم رجعت، وجلست.

قالت، بصوت خافت:
"مرات… نحتاج نبدأ من الصفر، بس مع نفس الشخص."

وانتقلت بعيونها إلى طاولتهم، وابتسمت أول مرة من أيام.

وفيصل؟ تنفس، لأول مرة من شهور، كأنه عايش فعلًا.

الجزء الثالث عشر: "الخطوبة… وحدَث لا أحد كان يتوقّعه"

بعد أسبوع واحد فقط من لقائهم في الحديقة، كان بيت نوف يعج بالحركة.

فيصل أرسل عمّاته وخواته وخالته الكبيرة، والكل كان يشتغل، وكل شيء تم بسرعة بس برقي، على ذوق نوف تمامًا.

ما كانت حفلة ضخمة… كانت لمّة أهل، حميمية، دافئة، كلها ضحك ومباركات ونظرات تمتلئ حب.
نوف كانت لابسة فستان بلون وردي هادي، وعيونها فيها لمعة غريبة… لمعة بنت كانت تحلم، ثم صحّت ولقَت الحُلم ممكن.

وفيصل؟ شكله كان غير. اللي يعرفه قال: "هذا مب فيصل اللي نعرفه… هذا واحد طاح بحب حقيقي".

كل شيء كان ماشي تمام.

إلين لحظة تقديم الخواتم.

أم فيصل كانت تمسك علبة الخاتم وتقدّمها لنوف بابتسامة، ونوف مدت يدها، لكن قبل تلمس العلبة…

دخل رجال غريب، بثوب رسمي ووجه عابس.

الكل سكت.

عيون نوف ارتفعت، وفيصل وقف بسرعة، وعيونه ضاقت.

الرجال قال بصوت واضح:
"أحتاج فيصل بن عبدالرحمن، في موضوع قانوني مستعجل."

نوف شهقت.

فيصل تقدّم بخطوتين، وقال:
"أنا فيصل. وش السالفة؟"

الرجال طالع الكل، وقال بهدوء جاف:
"فيه شكوى مقدمة ضدك من نورة بنت خالد، تتهمك بالابتزاز العاطفي واستغلال النفوذ الوظيفي خلال علاقتكم السابقة."

صمت.

نوف تحوّل وجهها لشاحب. أمها وقفت، وأم فيصل قامت تصرخ:
"وش الكلام ذا؟! في يوم الخطوبة؟!"

فيصل ما أنكر، وما تهرب.

قال بهدوء، لكنه بنبرة قاطعة:
"أنا مستعد أرد على كل شيء، وأثبت حقي. بس مو هنا. مو قدام نوف."

طالع نوف، وعيونه ترجّي.

"أنا وعدتك أكون رجل تفتخرين فيه. وهذا وعد، ما راح أكسره… حتى لو الدنيا كلها وقفت ضدي."

مشى بهدوء مع الرجال، وترك نوف واقفة، وكل العيون عليها.

وفي قلبها سؤال واحد فقط:

هل تثق في حبّه… كفاية؟


الجزء الرابع عشر: "تحت القسم… وعين نوف في البال"
(من وجهة نظر فيصل)

دخلت الغرفة المخصصة للتحقيق، وأنا ما أفكر لا في نورة، ولا في الاتهام، ولا حتى في اسمي اللي ممكن يتشوّه…
كنت أفكر في نوف.

نوف، وهي تمسك يدها بارتباك يوم تقدمت لها.
نوف، وهي تبتسم لي رغم التعب.
نوف، وهي تقول: "ما أبيك تكون مثالي… بس أبيك تكون صادق."

صوت المحقق قاطع أفكاري:
"السيد فيصل بن عبدالرحمن… هل عندك علم بالاتهامات الموجهة لك من السيدة نورة بنت خالد؟"

قلت:
"إيه. سمعت عنها، بس ما أقدر أسميها اتهامات… أكثر شيء أقدر أسميه: انتقام."

رفع عينه لي، وقال:
"وش طبيعة علاقتك السابقة معها؟"

تنفست بعمق.
"كنت أحبها. بصدق. بس كانت علاقة سامة. نورة ما كانت تبيني، كانت تبي تملكني. تبي تسحبني من حياتي، وتعزلني عن كل أحد. وأنا… كنت أضعف من إني أواجهها وقتها."

"وهل صحيح إنها استقالت من عملها بعد علاقتكم؟"

"إيه، بس مو بطلب مني. طلبت منها توقف، لأنها كانت تدخل بشغلي، تتصل بمديري، تغار من زميلاتي، تبالغ. وأنا وقتها، كنت ما أدري كيف أتعامل مع حدّتها."

المحقق سأل:
"هل عندك أي رسائل، إثباتات، تواصل يوضح إنك ما كنت تستغل وضعك؟"

مدّيت الجوال، فتحت مجلد كامل، محفوظ فيه محادثات بصوتها، مسجاتها، واعتذاراتها حتى.

في أحد التسجيلات كانت تقول:
"أدري إني أخرب علاقتك بأهلك وبشغلك، بس أحبك وأبيك لي لحالي."

المحقق سمع، وسجّل ملاحظاته.

سألني:
"ليش تظن إنها قدمت الشكوى الحين؟"

نظرت له بثبات، وقلت:
"عشان عرفت إنّي ملك أحد غيرها. وعرفت إن الحب اللي عطيتها ياه، أعطيته لغيرها، وبكل وضوح وصدق."

"تتوقع إنها تشكّل خطر عليك؟"

سكت شوي، وقلت:
"الخطر مو علي. الخطر على نوف. هي أكثر شي يهمني الآن. نورة تعرف نقطة ضعفي… وتضرب فيها."


بعد ثلاث ساعات، خرجت من المبنى، والشمس بدأت تغرب.

ما مسكت الجوال، ما دخلت السوشال ميديا… رحت على طول لأقرب مسجد، جلست برّا، رفعت وجهي للسماء، وقلت:

"يارب، لا تخليني أخسر نوف بسببي. لا تدفعها للشك، ولا تخليني أصير خوفها الجديد."

وفي نفس اللحظة… جاني اتصال.

نوف.

الاسم لحاله خلى قلبي يدق أسرع من الرعب نفسه.

ردّيت، قلت:
"نوف؟"

قالت:
"أنا ما أبي أعرف اللي صار بينك وبين نورة…
أنا بس أبي أعرف شي واحد… هل لازلت معي؟ أو بدأت تتراجع؟"

قلت، من غير تردد:
"أنا معك، من قبل لا تصدقين… ومن بعد ما صار عندي شي أخسره إلاك."

قالت:
"إذن… قاتل لأجلنا. وأنا بقاتل بعد."

وانتهت المكالمة… وبدأت حرب القلب والعقل في وجه الماضي.

الجزء الخامس عشر: "المواجهة بين نوف ونورة"

الساعة كانت تقترب من الخامسة عصرًا، والشمس كانت توشك على الغروب.
نوف قررت أنها ما راح تترك القصة تمر بسهولة، ولا تستمر في الهروب من الحقيقة. قرارها كان حاسم، وحساس…
هي الآن بتواجه أكبر تحدي في حياتها.

دخلت إلى المقهى الهادئ، وتوجهت إلى الطاولة اللي كانت فيها نورة، جالسة تنتظر.

نورة، بهدوء غريب، رفعت عيونها، وابتسمت ابتسامة باردة.
"أهلاً نوف… ما توقعتك تجين."
الحديث بدأ كما لو أنه لقاء عابر بين صديقتين، ولكن في عمق الكلمة كان هناك شيء آخر، شيء مشحون بالعدائية.

نوف جلست بهدوء، وما كانت تبي تضيّع وقتها بالكلام الفاضي.
"جاية أقول لك شي واحد، وبس. اللي سويتيه مع فيصل… لعبة خبيثة، وكنتِ عارفة وش تسوين. بس راح تكون آخر مرة تتدخلين في حياتنا."

نورة ضحكت بخفة، وقالت:
"هل تصدقين إنك تقولين هذا الكلام؟ وانتِ جايه تكلميني عن الخبث؟"
نظرتها كانت ساخرة، وعيونها تتراقص بتحدي، وكأنها مشفقة على نوف.
"أنتِ ما تعرفين فيصل زيي. هو عنده قدرة كبيرة إنه ينسى، ويبتعد."

نوف ضحكت، بس ضحكتها كانت مرّة، مثل نغمة حزينة.
"وأنتِ يا نورة، تعرفين فيصل زين، تعرفين كيف قدر يحب، وكيف كان مستعد يضحي عشاننا. بس أكيد، ما كان يعرف إنك سامة زي كذا."

نورة تسمرت للحظة، ثم ردت بصوت هادئ:
"وما تعرفين إنك لو كنت مكانه، كنتِ بتعملين نفس الشي؟ لو كان جالس معاكِ مثل ما كان معاي، ما كنتِ بترفضين."

نوف نظرت فيها، وعينها مليئة بالغضب، لكن قلبها كان ثابت.
"أنتِ تفكرين إنك لو كانت فرصتك، كنتِ بتكسبين؟"
نوف تكلمت بنبرة حادة، لكن واثقة:
"ما راح تكسبي. مهما كنتِ قاسية ومهما حاولتِ، فيصل اليوم قاعد يثبت لي ولنفسي إننا قدّرنا الحب الصح."

صمت للحظة، ثم قالت نوف بتركيز أكثر:
"مو كل شيء ينتهي على الطريقة اللي تحبيها. في أوقات، حتى أكذب القصص ممكن تظل عند حافة الحقيقة… لكن زي ما قلتِ، فيصل أكبر من كل هالألاعيب. وأنا أكبر من أي فكرة انتقامية."

نورة بقيت ساكتة للحظة طويلة، يمكن كانت تحاول تخمّن إذا كانت نوف بتتراجع، أو إذا كانت بتستسلم.
لكن نوف ما تراجعت.
كانت تعرف أن هذه المواجهة بتكون الحسم.

قالت نوف بهدوء، والعيون مشتعلة:
"فيصل اختارني، وأنا اختارته. خليني أكون معاه على طريقتي، ما يهمني الماضي، ولا أشباحه. وما رح أسمح لك إنك تدمرين شيء جميل. كفاية لعب."

نورة ارتبكت للحظة، وكأنها لأول مرة ما تعرف كيف ترد.
ولكن بعد أن أخذت نفسًا عميقًا، قالت بصوت منخفض، متوتر:
"أنتِ ما فهمتي… ما راح تقدرون تفرحون طويل. أنا ما أنتهيت."

نوف ابتسمت ابتسامة قاسية، وقالت بهدوء:
"ما تقدر توقفين السعادة. هذه حكايتي، وهذه حياتي. وإذا كنتِ متمسكة بشيء قديم، فهذا مو عذر تدمّرين فيه كل شيء."

نورة ما كان عندها جواب بعد، وتركها قلبها يتخبط بين الغضب والفشل.
وكانت هذه المرة… نهاية جولة خسرتها أمام نوف.

نوف قامت بهدوء، وقالت آخر كلمة قبل أن تمشي:
"انتِ حاولتي، بس في النهاية، الحب الحقيقي أقوى من أي مكيدة."

وخرجت من المقهى، والهواء البارد في الخارج كان يعكس إصرارها… وحبها لفيصل.
كان اليوم يوم الحسم، والحرب كانت قد انتهت بالنسبة لها.

الجزء السادس عشر: "نهاية بداية جديدة"

نوف كانت ماشية في طريقها للسيارة، وقلبها متوازن، ولكن عقله مشغول. الصراع اللي خاضته مع نورة كان لحظة مفصلية في حياتها، لكنها كانت أكثر من مجرد انتصار. كانت لحظة حسم لتثبت لنفسها أولًا، ولأقرب الناس منها ثانيًا، إنها قوية بما فيه الكفاية لتحارب من أجل الحب الذي تستحقه.

في الجهة الثانية من المدينة، فيصل كان يواجه تداخلات غريبة في عالمه. الموضوع اللي قدّمته نورة للمحكمة حوله قد أخذ منعطفًا أكبر مما توقّع. التحقيقات كانت تُنذر بعواقب، لكن فيصل كان يعرف شيئًا واحدًا:
أنه ما راح يترك نوف تواجه أي مشكلة بسبب تصرفاته أو من أجل ماضيه.

بينما نوف في المقهى واجهت نورة بكل شجاعة، كان فيصل في غرفة محاميه، يعد كل خطوة، وتخطيطاته للمرحلة القادمة.

"هل استعديت يا فيصل؟"
سأل المحامي، ووجهه عابس. فيصل هز رأسه وقال:
"نعم، أنا مستعد… وأكيد عارف كل الخيارات. بس ما بدي شيء يأثر على نوف. يمكن هذي النهاية بالنسبة لي."
نظر المحامي فيه وقال:
"إحنا بس نبغى نخلص من هذا الهجوم. بس الخوف لو توصل القصة للمحكمة، ممكن تؤثر على سمعتك."
فيصل قطع حديثه بحسم، وقال:
"سمعتي، أنا مش خايف منها، بس خايف من كيف نوف ممكن تشوفني بعد كل هذا."

وفي اللحظة التي كانت نوف تخرج من المقهى، تأكد فيصل من أن القرار الصعب كان لا مفر منه. كان يعرف إنه لازم يحارب من أجل نوف. لكن كان عليه أن يواجه الحقيقة مرة أخرى:
إن نورة كانت ما زالت في قلب المعركة.

ومع كل هذا، كان فيصل يضع خطة جديدة…
خطة قاطعة لمستقبلهم معًا.

في اليوم التالي:

فيصل طلب من نوف أن تقابله في مكان هادئ، بعيد عن أي مشاعر صادمة. كان يعرف أنها ما زالت متأثرة بما حدث في اللقاء مع نورة، لكنه كان مصمم على أن يتخذ الخطوة التالية الجادة.

وصلت نوف إلى المكان… نفس المكان اللي كانا يجلسان فيه قبل فترة، حينها كانت البدايات.
فيصل كان واقفًا عند النافذة، وكان يراقب كل شيء حوله وكأن هناك شيئًا جديدًا ينبض داخل قلبه.

نوف اقتربت منه، وبدون مقدمات، قال لها بصوت منخفض لكنه واضح:
"نوف… أنا ما راح أقول لك إننا متأكدين من كل شيء. بس أنا حريص على شيء واحد… وهو أني أكون جنبك، وأثبت لك إن كل اللي صار في الماضي ما راح يحدد مستقبلي معك."

نوف، بعيونها المملوءة بالقلق، قالت:
"أنا ما أحتاج وعد. أنا أحتاج فعل. ما أقدر أعيش في دوامة من الشكوك والمشاعر المتأرجحة."
ثم توقفت، وتنهدت وقالت:
"أنا ما عندي وقت أضيعه، فيصل. إما أن تكون معي، أو تتركني أعيش بسلام."

فيصل اقترب منها خطوة، وقال بحزم:
"أنا معك. ولا شيء في هذا العالم يقدر يفصلني عنك. لكن لازم تعترفي بشي واحد… أني ما راح أسمح لأي شيء أو شخص يقف بيننا."
ثم أكمل بنبرة أعمق:
"وأنا مستعد أواجه كل شيء من أجلك."

نوف تبسمت بسمة صغيرة، وقالت:
"إذا كنت مستعد فعلاً… نبدأ من جديد، ونتجاوز كل شيء كان في الماضي. بس شرط واحد… ما فيه رجوع."

فيصل ابتسم، وقبل أن يرد، سحب يدها وقال:
"ما فيه رجوع… هذا وعد."

وفي تلك اللحظة، كانت نوف قد شعرّت بشيء جديد في قلبها. لا، ليس الأمان فقط…
لكن شعور قوي بأن الحياة تعطيها فرصة ثانية.

القرار أصبح واضحًا: لا أحد يقف بين فيصل ونوف. لا نورة، ولا أي شيء آخر.


الجزء السابع عشر: "خطة فيصل لإصلاح السمعة"

في اليوم الذي تلى تلك المواجهة الحاسمة بين نوف ونورة، فيصل كان في غرفة مكتبه، محاطًا بمجموعة من الأوراق القانونية. مكتب كبير في الطابق العلوي من برج حديث، وفيه كل ما يخص أعماله، لكنه كان مشغولًا هذه المرة بشيء مختلف.

في ذهنه كانت الأمور واضحة، لكن هناك تفصيل واحد كان يشغل تفكيره. كيف يحمي نوف؟ كيف يثبت لهم جميعًا أن نوف كانت دائمًا على حق؟

قرر أن يركز على خطة عملية، خطة قوية. كانت تلك اللحظة، حيث جمع بين قوة مشاعره وعقله المليء بالتخطيط.

فتح ملفًا يحتوي على محادثات ورسائل، وبدأ يراجع كل شيء مرّة ثانية. أدلة واضحة تثبت أن نورة كانت تتلاعب، وأن كل الاتهامات التي قدَّمتها ضد فيصل كانت محض كذب وافتراء.

ولكن لم يكن لديه ما يثبت أن نوف كانت بريئة تمامًا من الشكوك التي أثيرت حول علاقتهم. هنا، قرر أن يتخذ خطوة جريئة.

خطته كانت ببساطة واضحة:

  1. إثبات الحقائق علنًا:
    فيصل قرر أنه يجب أن يكون في الواجهة، وبشجاعة تامة. هو مش بس رجل أعمال، هو رجل ذو كلمة وأثر. قرر أن يتوجه إلى وسائل الإعلام، ويصدر بيانًا رسميًا. البيان هذا راح يكون مباشر، صريح، وواضح. فيه يشرح بشكل عميق وواقعي تفاصيل علاقته مع نورة، ويتحدث عن التلاعبات التي مارستها عليه، وأسلوبها في محاولاتها لإفساد حياته وحياة نوف.

  2. إبراز نوف في النور:
    الخطوة الثانية كانت أن يظهر نوف أمام الناس كحقيقة. ما كان يهمه أن تكون نوف فقط جزء من معركة بينه وبين نورة، بل كان يريد أن يعيد التأكيد على حبهم، ويثبت للعالم أن نوف هي اختياره الوحيد، وأن ما يجمعهم هو أصدق وأنقى من أي تلاعب. قرر أن يظهرها في مكان يعكس قوتها، وأن يضعها في مركز الضوء، ليس فقط في نظره، ولكن في نظر العالم كله.

  3. دعم العائلة والمقربين:
    فيصل قرر أن يستعين بعائلته وأصدقائه المقربين في المعركة. كان يعرف أن كلمة العائلة في مثل هذه الحالات تعني الكثير، خاصة إذا كان هناك دعم وتقدير من جانبهم لقرار ارتباطه بنوف. كانت نوف بحاجة إلى التأكيد أن كل من حولها، من أقرب الناس إليها، يدعمونها ويثقون بها.

  4. ملاحقة الحق عبر المحاكم:
    خطوة أخرى كانت اتخاذ إجراءات قانونية ضد نورة، ليست فقط للانتقام، ولكن لإغلاق الباب أمام أي ادعاء مستقبلي. كان يفكر في تقديم دعوى قضائية ضدها بسبب التشهير والافتراء الذي سبَّبته له، والضغط النفسي الذي مارسته عليه في محاولة لتدمير علاقته بنوف. كانت المحاكم خيارًا متاحًا، وبالنسبة له، كان يُفكر في أن تُعتبر هذه القضية مثالًا لرفض التلاعب بحياة الآخرين.

  5. تركيز على المستقبل مع نوف:
    كل هذا كان يعني أن فيصل كان مستعدًا للقتال من أجل مستقبله مع نوف، ولكن كان لديه أولوية واحدة: وضع حد للماضي، وتأكيد بناء علاقة صحية ومبنية على الثقة. نوف لم تكن فقط فتاة أحلامه، كانت جزءًا من حياته المستمرة.

في اليوم التالي، قرر فيصل أن يبدأ بتطبيق خطته. كل خطوة كانت تتم بحذر، لكن بتصميم. أرسل البيان الصحفي إلى الإعلام، وأعلن فيه بشكل رسمي عن قصته مع نورة، والظروف التي مرّ بها. بعد ذلك، حضر لقاءً مع أقرب أصدقائه والعائلة، وأكد على دعمه الكامل لنوف، وطموحه في بناء مستقبل معًا. وأخيرًا، تواصل مع محاميه لبدء الإجراءات القانونية ضد نورة بشكل فوري.

في اللحظة التي قرر فيها فيصل اتخاذ هذه الخطوات، شعر بشيء لم يشعر به من قبل. كان يواجه عاصفة، لكنه كان يعلم أن الحقيقة هي التي ستصمد، وأن نوف ستكون إلى جانبه في كل خطوة.

وعندما كانت نوف تجلس في منزلها، تستعرض اليوميات والتفاصيل التي مرّت بها، تلقت مكالمة من فيصل.
صوته كان هادئًا، لكن مليء بالعزم:
"نوف، اليوم بداية جديدة. اليوم أحنا نثبت للعالم أن الحب الحقيقي لا يتزعزع."

نوف ابتسمت، وداخل قلبها كان شيء ما يتبدل. كانت تعلم أن الحب أقوى من كل شيء، وأن فيصل كان مستعدًا أن يثبت لها وللعالم كله ذلك.

الجزء الثامن عشر: "تأثير إعلان فيصل"

الأخبار بدأت تنتشر بسرعة، وبعد البيان الذي نشره فيصل، بدأت الصحف ووسائل الإعلام تركز على علاقته مع نوف، وعلى القصة الكاملة من بدايتها إلى ما وصلت إليه. الحقيقة لم تعد مجرد كلمة بين فيصل ونوف، بل كانت موضوعًا للنقاش بين الناس. ما كان يعنينا حقًا كان كيف ستتغير حياة نوف وفيصل بعد هذا الإعلان الصريح.

في الأيام التي تلت إعلان فيصل، كانت نوف تقف إلى جانبه بكل قوتها، وكانت هي أكثر من فهم معنى أن تحارب من أجل حب حقيقي. وبينما كانت وسائل الإعلام تتناول القصة من كل زاوية، شعرت نوف في قلبها أن كل ما مروا به لم يكن إلا اختبارًا لتقوية رابطتهم.

في تلك اللحظات، كان فيصل يعرف أن هذا الإعلان كان بداية النهاية لمشاكل كثيرة، ولكنه أيضًا كان نقطة انطلاق لحياة جديدة. رغم أنّه كان مستعدًا لمواجهة كل العواقب، إلا أنه كان يشعر بحماية نوف له أكثر من أي وقت مضى.

وفي ذات الوقت، في مكان آخر...

نورة كانت تراقب كل ما يحدث، كل كلمة تُقال عن فيصل ونوف، وكل خطوة يتخذها فيصل في معركة كشف الحقيقة. كانت نورة غاضبة، والمشاعر داخلها مضطربة. كانت تعرف أنها خسرت جزءًا من المعركة، لكن لا تزال لديها بعض الأوراق التي يمكنها اللعب بها.

"ما راح أسمح لهم ينتصرون بهذا الشكل." قالت نورة لنفسها بينما كانت تقلب في أوراقها، تفكر في خطة جديدة.

نورة كانت تعرف أن فيصل لن يتراجع بسهولة، وأن نوف ستكون حجر عثرة أمام كل محاولاتها. ومع ذلك، لم تستسلم. في أعماقها، كانت تسعى إلى الانتقام، وكانت ترى في نفسها المرأة القوية التي تملك القدرة على التلاعب بكل من حولها.

لكن في الوقت نفسه، كان فيصل ونوف يتعلمان كيف يواجهان العالم سويًا. أصبحا أكثر قوة وأكثر وحدة. كل يوم، كان فيصل يظهر نوف بمزيد من الاحترام والحب في الأماكن العامة، وكان يشجعها على أن تكون هي نفسها، غير مهتم بما يقوله الآخرون. كانت لحظات بسيطة، ولكن مع كل خطوة، كانوا يحققون انتصارًا جديدًا في قلب بعضهم البعض.

مواجهة أخرى في الأفق:

في أحد الأيام، كان فيصل ونوف في ملهى صغير، يجلسان في زاوية بعيدة، يحتفلان ببداية جديدة. فجأة، دخلت نورة، وكانت تراقبهم عن بعد. نوف لاحظت حضورها، ولكنها لم ترفع عيونها عنها. فيصل، كما كان دائمًا، كان يركز على نوف، ولم يكن يهتم بما كان يحصل في الجهة الأخرى. لكن نورة، التي دخلت المكان بنية إثارة الفوضى، بدأت تقترب منهم.

"ما توقعتك تجلسين هنا بكل هدوء، نوف. ما تشعرين أنك خسرتِ؟" قالت نورة بنبرة سخرية وهي تقترب من الطاولة.

نوف ابتسمت بهدوء، وأجابتها بثقة:
"لا شيء يخسر عندما نعيش الحياة بصدق. واللي صار بيني وبين فيصل ما هو خسارة، بل بداية جديدة."

نورة كانت ترفض الاعتراف بالهزيمة، حتى وهي تقف أمامهما، ولكن كلمات نوف كانت واضحة. فيصل لم يتكلم، فقط أخذ يد نوف، وضغط عليها بحب، كأنه يؤكد على أن كل شيء بينهما مستمر رغم كل شيء.

نهاية المرحلة:

لقد مرت الأشهر، وكل يوم كان بمثابة تجديد لعهد الحب بين فيصل ونوف. ورغم كل العواصف، كانا يتعلمان كيف يحافظان على علاقتهما. وفي تلك اللحظة التي كانا يقضيان فيها معًا، علموا أن الحب الحقيقي ليس مجرد كلام أو وعود، بل هو قرار يتخذونه يوميًا.

ولكن نورة لم تكن قد انتهت بعد. كانت تتحين الفرصة القادمة، وتحاول مجددًا أن تقلب الطاولة لصالحها. إلا أن فيصل ونوف كانا أقوى بكثير من أن ينزلقا في فخها مرة أخرى.

وفي تلك الليلة، بينما كانت الشمس تغرب على العالم، كان قلب نوف يزداد يقينًا أن القرار الصحيح كان دائمًا هو قرار حب فيصل، القرار الذي لا يمكن لأي شخص مهما كانت قوته أن يزعزعه.


الجزء التاسع عشر: "مستقبل مشترك"

الأيام كانت تمر بسرعة، وكانت العلاقة بين فيصل ونوف تصبح أكثر عمقًا وأكثر استقرارًا. بعد كل ما مروا به، وبعد كل الصدمات والمشاكل التي خاضوها مع نورة، أصبحت حياتهم الآن أكثر وضوحًا، وأصبحوا على يقين تام بأنهم يستطيعون التغلب على أي شيء معًا.

فيصل، الذي كان يشعر بحمل ثقيل على قلبه من قبل، أصبح اليوم شخصًا آخر. لم تعد نظراته مليئة بالقلق كما كانت في السابق، بل أصبحت مليئة بالحب والاهتمام. وكان يرى في نوف، أكثر من مجرد حب، بل كانت شريكته في الحياة، وكانت النصف الذي يكمل روحه. وكان يراها كالعنصر الذي حول كل معاناته إلى قوة، كل التحديات إلى فرص جديدة.

أما نوف، فقد بدأت تنمو في هذه العلاقة أكثر. بعد أن عاشت سنوات من الخوف والتردد، أصبحت أكثر ثقة في نفسها وفي فيصل. كانت تشعر أن هذا هو الحب الذي تستحقه، هذا هو الرجل الذي يمكن أن تبني معه مستقبلًا. لم يكن فيصل فقط الحبيب الذي اختارته، بل كان الشخص الذي جعلها تؤمن أنها يمكن أن تكون أفضل نسخة من نفسها.

وفي يوم من الأيام، بينما كان فيصل يجلس في مكتبه، تلقى مكالمة من نوف. كانت مكالمة عادية، ولكن كلامها كان يحمل شيئًا جديدًا. قالت له بصوتها الذي أصبح جزءًا من حياته:
"فيصل، أنا بس كنت أفكر... لو فكرت يومًا في المستقبل. فكرت كيف بنعيش مع بعض؟ كيف بتكون أيامنا القادمة؟"

فيصل ابتسم، وأجابها بنبرة هادئة، كما لو أنه كان ينتظر هذا السؤال:
"نوف، أنا دائمًا أفكر في المستقبل معك. كل شيء في حياتي صار واضح، وصرت أعرف إنك جزء لا يتجزأ من كل أحلامي. اليوم، فكرت في خطوة جديدة. خطوة تأخذنا لمرحلة جديدة."

نوف كانت متوترة بعض الشيء، لكنها شعرت بقوة كلماته. قالت:
"وش يعني خطوة جديدة؟"

فيصل:
"أنا أفكر في الزواج، نوف. أنا مستعد أن أبني معك حياة جديدة، حياة مليئة بكل شيء جميل. أبغى نكون سويًا في كل شيء، نعيش الأيام القادمة بكل حب وأمل."

لحظة صمت طويلة، ثم نوف أجابت، وهي تشعر بسعادة لا توصف:
"أنتِ ما تتخيل كيف كنت أنتظر هذا اليوم. وأنا أيضًا مستعدة لبداية جديدة. أنا معك، فيصل، في كل خطوة."

كانت كلماتها بداية لحياة جديدة. لم يكن الزواج مجرد فكرة عابرة، بل كان خيارًا نابعًا من عمق علاقة مليئة بالثقة والاحترام. وكل لحظة في حياتهم كانت تدور حول بناء شيء أكبر من مجرد علاقة عاطفية؛ كانت خطوة نحو تأسيس منزل، وتكوين عائلة، ومواجهة المستقبل معًا.

الخطوة التالية:

في صباح اليوم التالي، استعد فيصل للقيام بالخطوة التي كان يخطط لها. كانت الحلبة الآن تقترب من نهايتها، لكنه كان يعلم أن البداية الحقيقية كانت على وشك أن تبدأ. قرر أن يذهب إلى منزل نوف، ويطلب يدها من والدها بطريقة رسمية.

دخل فيصل منزل نوف، وكان قلبه ينبض بشدة. لكنه كان هادئًا، لأنه كان متأكدًا من قراره. جلس مع والد نوف في الصالة، وتبادلوا الأحاديث العادية قبل أن يتطرق فيصل إلى الموضوع الجاد. قال:
"أبغى أتزوج بنتكم، نوف. أنا مستعد أكون زوجًا صالحًا وأبًا مسؤولًا. أريد أن أعيش حياتي معها، وأبني مستقبلنا سويًا."

والد نوف نظر فيه لحظة، ثم ابتسم وقال:
"أنت شخص طيب، فيصل. وأنا واثق فيك. إذا كانت نوف هي خيارك، فأنا ما عندي مانع."

كانت لحظة حاسمة في حياة فيصل. شعر بأنه قد أخذ خطوة كبيرة نحو المستقبل الذي طالما حلم به. وبعدما حصل على الموافقة، عاد إلى نوف ليخبرها بالخبر.

الزواج والخطوبة:

في اليوم التالي، عندما اجتمعت نوف مع فيصل، كان يحمل في يده علبة صغيرة. كان يعلم أن اللحظة قد حانت. فتح العلبة، وعرض عليها خاتمًا أنيقًا، وقال:
"نوف، أنا اخترتك، وأنا مستعد أن أعيش بقية حياتي معك. هل توافقين أن تكوني زوجتي؟"

نوف، بعيونها التي امتلأت بالدموع، ابتسمت وقالت:
"نعم، فيصل. نعم بكل ما في قلبي."

وبهذا، بدأ الفصل الجديد في حياتهم، فصل مليء بالأمل والحب. خطوا معًا أولى خطواتهم في عالم جديد من الالتزام والرغبة في بناء حياة مشتركة.

ختام القصة:

في تلك اللحظة، وبينما كانت أيديهما متشابكة، كان كل شيء في العالم يبدو في مكانه الصحيح. لم تكن الحياة دائمًا سهلة، ولكنها كانت مليئة بالفرص عندما يقف الحبيبان معًا.

كانت بداية جديدة، ليس فقط لأنهم قرروا أن يتزوجوا، ولكن لأنهم اختاروا أن يعيشوا معًا حياة مليئة بالحب، ويواجهوا كل تحديات المستقبل جنبًا إلى جنب.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق