رواية: تاليا وفهد وقصة الحب المجنون

روايات خليجية مشهورة، روايات خليجية رومانسية جريئة، روايات خليجية كاملة، روايات خليجية مشهورة، روايات خليجية رومانسية، قصص خليجية قصيرة، روايات خليجية مشهورة واتباد.

رواية: تاليا وفهد وقصة الحب المجنون.

"لا تطيح من عيني، تراك غالي"

بطلتنا: تاليا، قوية، متمردة، لاذعة.
بطلنا: فهد الغانم، رجل أعمال في أوائل الثلاثين، بارد، مغرور، صعب الإعجاب… لكن عيونه تفضحه.

✦ الجزء الأول: أول نظرة... وما قبل الإعصار

الظهر كان حارق، والشمس طالعة على آخرها.
المدينة صاخبة، والناس تمشي بسرعة كأن الوقت ما يكفي أحد.
عند بوابة معرض سيارات "الغانم موتورز"، وقفت تاليا تشد عباءتها وتعدل شنطتها على كتفها.
نفسها ثقيل شوي، مو من التعب… من الترقّب.

"يا ربّ سَهِّل، لا توظيفة شاي ولا استقبال، أنا مهندسة ميكانيكية، خمس سنين دراسة، لازم ألقى شيء يليق فيني."
قالتها في نفسها وهي تشد على أوراقها اللي رتبتها زين من البارح.

كانت تنتظر عند البوابة الخلفية، المكان اللي مخصص عادة للموظفين، ما هو لزوار المعرض.
لكنها كانت تبغى تتفادى النظرات اللي تصفع فيها بنات الشركات الكبيرة لما يشوفون وحدة داخلة عشان تقدم وظيفة… وكأن الطموح صار عيب.


في نفس اللحظة، انفتح الباب المعدني الخلفي بقوة، وخرج منه رجل طويل القامة، لابس بدلة رمادية فخمة، حذاؤه يلمع، وساعته من النوع اللي ما يحتاج أحد يسأل عن سعرها… تنطق لحالها.

عيونه ما تمسك مكان، حادة، حازمة، لكن فيها شيء غريب… بارد، كأن الزمن عنده أبطأ من عند غيره.

وما كان يدري إنه بيصطدم بمزاج ما يتفهم البرود.

بخطوتين سريعتين، صدمها من غير قصد وهي كانت تعدي.
أوراقها طاحت، تناثرت على الرصيف.

رفعت راسها، شهقت، وقالت بصوت عالي مليان انفعال:

"آه ووجع! ما تشوف قدامك؟ تركض كأن الدنيا بتطير!"

هو وقف، التفت لها ببرود، ركّز شوي في ملامحها…
ثم انحنى بهدوء عجيب وقال:

"آسف... مو قصدي."

هي ما استوعبت إنه اعتذر، نادراً أحد بهالمستوى يعتذر.
لكن الدم يغلي، والكرامة ما تسكت.

قالت بنبرة فيها سخرية:

"ولا كأنك تهمك أوراقي… حتى ما سألت إذا تلفت!"

رفع حاجبه، وابتسم، لكن ابتسامته كانت فيها شيء مستفز:
"أوراقك بيدك، وانتي اللي داشة من مدخل الموظفين، مو أنا."

وسحب نفسه، ومشى.
كأنه قال كلمته، وكفى.


وقفت تاليا مكانها، تجمع أوراقها، وقلبها يعصرها.
"من هو ذا؟ وش هالأسلوب؟"
لكن الأكيد… إن شي فيه خلّاها تنتبه له غصب.

المهم، دخلت من الباب الرئيسي بعد عشر دقايق، بعد ما رتّبت نفسها وبلعت غصّتها.
استقبلها موظف الموارد، وقعدت تنتظر دورها للمقابلة.

لما جاء اسمها، دخلت غرفة كبيرة فيها مكتب فخم، كنب جلدي، إضاءة ناعمة… وشخص جالس يعطيها ظهره.

استدارت الكرسي…

وطلعت الصدمة.

هو.

نفس الشخص.

نفس العيون الباردة.
نفس الابتسامة اللي فيها شيء ما تفهمه.

قال بهدوء:

"آه، المتقدمة صاحبة الصراخ… أوراقك رجعتي تطبعينها؟"


✦ الجزء الثاني: قربي... وأنا أصد

كانت تاليا واقفة في نص المكتب، تحاول تمسك أعصابها، تحاول تكذب عيونها اللي شافت، تحاول ما تظهر الارتباك… بس ملامحها خانتها.

هو؟ كان متمدّد على كرسيّه الجلدي الفخم، يحرك قلم فاخر بين أصابعه كأنها لعبة.

"اجلسي، ما راح ناخذ وقت طويل."
قالها ببرود وهو يطالع السي في اللي بيدينه.

جلست... بس بنص ظهر.
العناد فيها قام يشتغل.

قالت له وهي تشبك يدينها قدامها:
"ما توقعت المقابلة تكون مع مدير عام شركة، توقعت أحد أقل شوي..."

ابتسم، وبنفس البرود رد:
"وأنا ما توقعت المهندسة اللي مقدمة على شغل تكون ترفع صوتها بهالشكل في بوابة موظفين."

صمت… الجو كان مشحون.

بعدين رفع عينه فيها، نظرة مباشرة، قوية، قال بنبرة واثقة:
"وش اللي خلاك تختارين الهندسة؟ ما شفتي تخصصات أنسب؟"

ردّت بسرعة، بنبرة فيها نار:
"لأني ما أحب أكون نسخة مكررة. أحب أشتغل بيدي، أحب أفهم، أصلّح، وأقود."

هو رفع حاجبه شوي. أول مرة من فترة طويلة يسمع وحدة ترد بثقة كذا.
قال:
"عندك خلفية عن السيارات الرياضية؟"

ردّت على طول،
"كورس كامل عن أنظمة الدفع الرباعي، اشتغلت مشروع تخرجي على محرك معدل لطراز ٨ سلندر، ودربت بالصيف في ورشة ألمانية."

حط القلم، وسند ظهره.
"واضح إنك مجتهدة… بس مشكلتك لسانك يسبقك."

هنا وقفت تاليا، قلبها يدق، لكنها حافظت على هدوءها، قالت:
"إذا بتوظفني، فأنا موجودة. وإذا بتستخف فيني، فأنا ما أحتاج الشركة ولا اللقب."

كانت بتطلع... لكن صوته وقفها.

"بدينك، انتي موظفة."

استدارت له، مستغربة.
قال وهو يكتب على ورقة:

"من اليوم، تشتغلين سكرتيرة تنفيذية في القسم الهندسي. تحت إدارتي المباشرة."

الصدمة كانت واضحة في عيونها، بس ما قالت شيء.

"أنا؟ سكرتيرة؟ أنا مهندسة!"

قال ببرود وهو يوقع:

"أبغاك قدامي دايم. أبي أراقب كيف وحدة مثل تاليا تفكر، وتتصرف، وتشتغل... وإذا شاطرة مثل ما تقولين، بتصعدين."

بدا كلامه كأنه اختبار... أو يمكن فخ.
لكن اللي ما تعرفه تاليا، إنه فهد ما هو بس يبي يختبرها...

هو يبيها قريبة، يبي يقرى عيونها، يبي يعرف ليه شدّته، وليه من أول صدام صارت صورتها ما تطلع من راسه.


رجعت تاليا البيت، قلبها مليان كلام ما نقال.

أبوها فرح لما سمع عن الوظيفة، ما صدّق إن بنته بتشتغل في مكتب المدير العام.
لكن هي كانت تشك، تتساءل:
"ليش أنا؟ ليه اختارني؟ ووش يخطط؟"


وفي اليوم الأول لها كـ"سكرتيرة تنفيذية"، دخلت مكتبه، بابتسامة جامدة، وقالت:

"صباح الخير، أستاذ فهد."

رد بدون ما يطالعها:

"الملفات على المكتب. و… خففي من عطرك، ترى تشتت التركيز."

شدت على نفسها، وقالت في بالها:
"طيب… راح تشوف منو يشتت من."


✦ الجزء الثالث: تنهّد... وما له داعي

الأيام تمشي ببطء، أو يمكن تاليا تحس كذا، لأن كل لحظة تمر، تحس قلبها ينقر فيه شيء ما تفهمه.

من أول يوم وهي تحاول تثبت نفسها… قدامه، بس هو دايم يصير "الامتحان" نفسه.

فهد مو بس مدير صارم، فهد فنّان في استفزازها.
بابتسامته الباردة، بتجاهله المطبق، وبـ "تعليقاته" اللي مثل الطعنة بصدرها… بدون دم.


في صباح يوم أربعاء، دخلت عليه كعادتها تحمل جدول الاجتماعات، وهي متأنقة شوي أكثر من العادة.
العيون ما تكذب، وكان واضح إنها مهتمة، حتى لو هي ما تبغى تعترف.

لبست فستان أسود طويل محتشم، لكن راقٍ جداً، فيه لمعة خفيفة.
ورفعت شعرها بعناية، خلت غرتها تنزل بنعومة على جبينها.

دخلت، وقلبها يدق…
وهي تقول في نفسها:
"لو ما قال شيء، خلاص… فهد ما يهتم."

لكن فهد؟
ما طالع فيها حتى.

أخذ الملف منها وقال وهو يقلب الصفحات:
"وش قصّة التنسيق اليوم؟ في مناسبة؟"

قالها كأنه يسأل عن طقس.

قالت له، وهي تمسك أعصابها:

"كل يوم آجي مرتبة، بس يمكن اليوم جاك نظر."

هو ابتسم بخفة، بس نزل راسه عالورق، وقال:

"لا، اليوم عطرك أقل، يمكن خلاني ألاحظ شي ثاني."

طلعت من المكتب وهي تحاول ما تبتسم…
بس قلبها؟ لعب فيه تصريحه البسيط لعب.


اللحظة اللي بدأت تاليا تحس بشيء ما لها تفسير، كانت بعد ثلاث أسابيع من العمل.

جاء موعد اجتماع ضخم مع شركاء دوليين، وكان يفترض تاليا تجهّز العرض التقديمي وتنسّق بين الأقسام.

اشتغلت يومين متواصلين بدون نوم، بس عشان ما تغلط، وتثبت إنها أكثر من مجرّد سكرتيرة.

في نهاية الاجتماع، وبعد ما طلع الكل، جلس فهد على كرسيه، وطرق بأصابعه على الطاولة…
وقال:

"تاليا… شغلك ممتاز."

رفعت راسها بسرعة.
هي؟ ما توقعت هالثناء.

قال بعدها، بصوت أخف:

"بس تعالي… شوفي هذا السلايد، ليه اخترتي الخلفية الزرقاء؟"
كان ينتقد… بس صوته مو صوت ناقد، صوته كان أقرب… لواحد يختبر ردة فعل.

قالت له:

"عشان الأزرق هادي، ويرمز للثقة… أو يمكن لأني أحاول ألقى طريقة أخفف برودك شوي."

ابتسم.

هالمرّة، ابتسامته كانت واضحة… طويلة… ساحرة.
لكن بسرعة أخفاها، ورد بصوته المعتاد:

"لا تحاولين تفسرينني… ولا تضيّعين وقتك، تاليا."

وتركها واقفة.


هالليلة، تاليا رجعت غرفتها، وجلسَت قدام المراية.
تطالع ملامحها، وعينها فيها سؤال مو راضية يطلع:

"ليه؟ ليه قلبي يرجف إذا ابتسم؟ وليه أحس بالخذلان إذا تجاهلني؟"

هي كانت تظن إن فهد إنسان ممل، مغرور، ما يهمه أحد…
بس الحين؟ صارت تشوف فيه شيء ما أحد يشوفه.

كان يعامل الكل بجفاف… إلا هي، كان يقسو… ثم يلين… يصد، ثم يرجع يلمّح… ويختفي من جديد.

وهذي المراوغة… هي اللي بدأت تكسرها من جوا.


وفي نهاية الأسبوع، دخلت عليه عارضة فكرة جديدة لمشروع داخلي، وكان في المكتب فتاة جميلة جداً، أنيقة، ريحتها تعبّي المكان.

كانت تقهقه وتمسك يد فهد.

تاليا وقفت عند الباب، للحظة… انحفر المنظر في قلبها.

قالت:

"آسفة… أرجع وقت ثاني."

وكانت بتطلع…

لكنه قال فجأة، بصوت عالي:
"لا، تاليا… تعالي. هذي نوف، بنت خالي… تاليا موظفة عندي، بس أعتمد عليها كثير."

لما التفتت نوف تبتسم، شافت شيء غريب في عيون تاليا.

كان فيه شي اسمه… غيرة.

✦ الجزء الرابع: حرارة ما تنقال

من يوم شاف الشرارة في عيون تاليا… عرف.

عرف إنها بدأت تحترق من جواه، حتى لو ظلت تتصرف بكبرياء.
وفهد؟
ما كان من النوع اللي يتهرب إذا حس إن مشاعر قاعدة تتكوّن…
هو يختبرها، يضغطها، يخلّيها تنكشف بدون لا تحس.


اليوم الثاني، وصلت تاليا للمكتب، لابسة بدلة رسمية كحلية، شعرها ملموم، وماكياجها خفيف، بس يجنن.

ولما دخلت…
لقته جالس في مكتبه، ومعاه مو بس نوف، لا… اليوم معاه "جود"، مديرة التسويق الجديدة، امرأة أنيقة جداً، وشكلها من النوع اللي دايم يصير محور اهتمام.

وكانت جود تضحك على شيء، تمسك ذراعه بخفة، وهو ما تراجع.

تاليا حست حرارة تمشي في دمها.

سلّمت بصوت خافت، وجلست على مكتبها الصغير خارج غرفة فهد.

لكن أذونها كانت عند الباب المفتوح…

"إيه جود، هذي المقابلة ما راح تتم إلا وإنتي معاي، أنتي تعرفين ذوقي بالتصاميم، وأنا أعتمد على نظرتك."

وكأنها طعنة مبطنة.

بعد دقائق، ناداها من جواله الداخلي:
"تاليا، تعالي شوي الله يعافيك."

دخلت، وتقدمت بخطوات محسوبة، ملامحها هادية… بس عيونها كانت نار مخنوقة.

قال لها فهد، وهو يعطيها ملف:

"جود بترافقني للغداء بعد الاجتماع، عشان نتناقش عن الحملة القادمة، أرسلي السائق الساعة وحدة، وخليه ياخذنا من تحت."

تاليا نظرت له بجمود، وردت:
"أكيد، أستاذ فهد... تبيني أضيف وردة على المقعد بعد؟"

قالها وهو يطالعها بنظرة فيها شيء من التحدي:

"لا، بس إذا في نوع عطر يطير العقل… رشّيه في السيارة."
وضاف بهمس:
"يمكن يفيد."

هنا هي حسّت إنها بتنقهر…
لكنها ما بيّنت.

طلعت من المكتب وطاحت عيونها على جود، اللي كانت تناظرها بنظرة فيها غرور خفيف، كأنها تقول: "أنا هنا، وانتِ برا."


بعد ساعة، تاليا كانت في غرفة الاجتماعات تراجع أوراق داخلية، لكنها ما قدرت تركز.
كل شوي تطالع الساعة.

وكل ما تذكرت نظرة فهد، وهمسته، وضحكته مع جود…
تحس قلبها يعصب، مو يغار بس، يعصب فعلاً.

قالت في نفسها:

"هو يبي يستفزني؟ طيب… راح أعلّمه كيف الغيرة تطلع منّي، بس بأسلوبي."


ويا كثر اللي يتمنون رضا تاليا، لكن هي كانت تصدهم…
بس الحين؟ قررت تعطي أحدهم فرصة، مو لأنه يهمها…
بس لأنه يمكن "يعلم" فهد إن حتى هي… تنشاف، وتغار.


رجع فهد من غداءه، ودخل المكتب، وهو يتوقع يشوف تاليا بنفس الجمود.

لكنه شافها تضحك وتتكلم مع فيصل، أحد موظفين الموارد البشرية، معروف بأسلوبه الخفيف.
وكان واضح إنها مرتاحة، ومخلية له مجال يحكي ويضحّكها.

تغيّرت نظرة فهد، وجلس في مكتبه، يطالعهم من الزجاج، صامت.

وقال بصوت منخفض جداً:

"الحين تبين تلعبين معاي؟ تمام يا تاليا… بس تذكّري، أنا إذا لعبت… ما أرحم."

✦ الجزء الخامس: ما أحب أشارك… حتى لو ما اعترفت

من يوم شافها تضحك لفيصل، شيء داخله انكسر… شيء ثقيل، ما له اسم، لكنه واضح.

فهد؟ يكره الشعور هذا.
هو مو من النوع اللي يغير… بس فجأة صار يراقبها، ينتظر لحظة تطلع فيها من مكتبها، يكتم الغضب بابتسامة باردة.

**

دخل عليه فيصل نفس اليوم، وقال له بهدوء:

"أستاذ فهد، بس كنت أبي أطلب إذنك نرتب ورشة عمل خارجية الأسبوع الجاي… بنحتاج حضور السكرتارية للتنسيق، خاصة أستاذة تاليا."

رفع فهد عينه من الورق…
طالع فيصل بنظرة ثابتة وقال:

"تاليا مشغولة معي الأيام الجاية، خذ أمل أو ندى. أما هي، فعندها مهام داخلية كثيرة."

فيصل هزّ راسه وقال:
"أكيد، مثل ما تحب."

ولما طلع، مسك فهد السماعة، وضغط الرقم الداخلي:

"تاليا، تعالي لي شوي."

دخلت بعد دقيقة، شعرها مفكوك اليوم، لابسَة بلوزة سكري ناعمة وبنطلون رسمي أسود.
ما قالت شيء، بس وقفت تنتظر.

قال لها، وهو يطالعها من فوق لتحت:

"فيصل شكله عاجبك."

ردّت وهي ترفع حاجبها:

"عفوا؟ وش قصدك؟"

"أقصد… واضح إنك ترتاحين له. صرتي تضحكين كثير هالأيام."

قالتها بهدوء:
"وإذا ضحكت؟ صاير عليّ حساب ضحكاتي بعد؟"

هو ترك الكرسي، ووقف…
اقترب منها شوي، وقال بصوت منخفض، عيونه معلقة بعينها:

"ما أحب أشوفك تضحكين لغيري."

نطقت هي، وبصوت متوتر:

"وش يعني؟"

"يعني اللي سويتيه اليوم، ما عجبني. فيصل مو مكانه جنبك. ولا أحد."

هنا تاليا وقف الكلام بحلقها.
قلبها يدق، وكل الحواجز اللي بنتها بدأت تتهز.

بس ما كانت تبي تنهزم بسهولة، فرفعت صوتها شوي وقالت:

"أنا أشتغل… وأتعامل مع الكل، ولا يحق لك تتدخل، إلا إذا في سبب رسمي."

قالها بثقة:

"أنتِ موظفة عندي… وسكرتيرتي الخاصة. وأي شخص يتجاوز معك، أو تفتحين له مجال، يعتبر تعدي على نظام شغلي."

"ولا هو غيرتك؟"

هو سكت لحظة…
ثم قال:

"خليها زي ما تبين تسمينها، بس تأكدي… إني إذا تضايقت، أتصرف."

**

في اليوم الثاني، الساعة صارت 6 المغرب، الكل طلع من المكتب، وتاليا كانت تجهز بعض الأوراق الأخيرة.

رنّ جوالها الداخلي:

"ما خلصتي؟ تعالي أبيك بشي مهم."

دخلت مكتبه، وهو واقف عند الطاولة الجانبية، يصب قهوة.

قال لها:

"اجلسي شوي."

جلست، وهي مو مرتاحة.

قال لها فجأة:

"وش شعورك لو قلت لك إنك ما عاد تطلعين من عندي، إلا بسفري ولا إجازتي؟"

"تقصد؟"

"أبيك معي بكل شيء. بكل مشروعي. بكل سفرة، بكل اجتماع. بتصيرين ظلي."

ردّت بتوتر:

"أنا؟ لحالي؟ ليه؟"

قرب منها، وقف وراها، وقال:

"عشان أبي أتعرف عليك أكثر… من قريب. أبي أشوفك، بدون فيصل، وبدون أحد ثاني. أبي أعرف تاليا… يوم تكون مهي قدام الناس."

رفعت راسها له، نظرتها كانت رجفة بين الخوف والدهشة.

وقالت بصوت مخنوق:

"أنا موظفة… مو لعبة اختبار مشاعر."

قالها، وصوته مبحوح:

"وأنا؟ مو معتاد أغار… بس يوم صارت غيرتي عليك، فهمت إني وقعت أكثر من ما توقعت."

**

السكوت اللي جاء بعد كلمته، كان أطول من أي لحظة مرت بينهم.

قلبها يدق.
وهو؟ وقف هناك… ينتظر رد فعلها.

✦ الجزء السادس: أهرب قبل لا أنجرف

من بعد ما قال كلمته، تركها في المكتب… وطلع.
كأنه ألقى قنبلة… وراح.

وهي؟
ظلت جالسة، يدينها ترتجف، تناظر الطاولة، وعقلها يصيح:

"هو قال يحبني؟ لا… ما قالها بصريح العبارة، بس… هذا كان اعتراف، صح؟"
"ولا يمكن يلعب؟ يختبر؟"
"طيب ليه؟! وليه قلبي دق كذا؟!"

**

رجعت للبيت، عيون أمها كانت تراقبها، وسألتها:

"فيك شي يا بنتي؟ وجهك مو مرتاح."

ابتسمت تاليا ابتسامة شاحبة، وقالت:

"ما فيني شي، بس شغل وتعب."

بس الحقيقة… كان فيها كل شيء.

ليلها ما نام، كل شوي تتقلب، تتذكر نبرة صوته، نظرة عيونه، قربه منها، وطريقته يوم قال:

"غيرتي عليك خلتني أفهم."

**

اليوم الثاني، قررت إنها تكون رسميّة لأقصى حد.

لبست ألوان قاتمة، سحبت شعرها بشكل مشدود، حتى عطرها غيرته لعطر قوي ثقيل، كأنها تبغى تحط حواجز بينه وبينها.

دخلت مكتبه، عيونها ما التقت عيونه، وكلامها مختصر:
"هذا جدول الاجتماعات، وهذا ملف الحملة، وإذا احتجت شي، برسلك بالإيميل."

ورجعت مكتبها بدون ما تعطيه فرصة حتى يرد.

وفهد؟
جلس يطالع الباب المغلق، وابتسم بخفة:

"بدينا الهروب؟ أوكي يا تاليا… خلّي اللعب يكمل."

**

صارت تاليا تتجنب تمر من قدام مكتبه، تخلي كل التواصل عبر الإيميل، حتى لو كانت المسافة بينهم ما تتعدى خمس خطوات.

وفي أحد الأيام، وهي تجهّز عرض تقديمي مهم لمشروع بين شركتهم وشركة أجنبية، وصل لها إيميل منه:

"جهزي العرض الساعة 7 مساء اليوم، الحضور ضروري. بتنضمين لي بالغرفة التنفيذية."

حاولت تتعذر، قالت في نفسها:

"أكيد بيكون فيه ناس غيرنا، عادي."

لكن لما وصلت هناك…
لقته واقف لحاله، بالغرفة الكبيرة، نورها خافت، واللابتوب شغّال على الشاشة الكبيرة، لكن الكراسي فاضية.

قال لها:

"اجلسي، العرض لي أنا، مو لأحد ثاني."

قالت، وهي تحاول تثبّت نبرة صوتها:

"أنت قلت اجتماع، توقعت فيه فريق."

"فريقي؟ إنتِ. والباقي تفاصيل."

جلست، ما قدرت تتراجع، والقلق في عيونها.

بدأ يعرض المشروع… لكن كل شوي كان يسرح فيها، يتكلم وهو يطالعها مو الشاشة.

بعد العرض، سكت، وسألها:

"وش رأيك؟ عن المشروع أقصد… مو عني."

ردّت، بنبرة متماسكة:

"الفكرة قوية… بس تحتاج مراجعة للخطوات التنفيذية."

ابتسم وقال:

"وأنا أحتاج مراجعة لكل خطواتي معك… لأن واضح إنك تبغين تهربين."

هنا رفعت عيونها له، ووجهها صار جاد:

"أنا ما أهرب… أنا أحمي نفسي."

سألها، وهو يميل بجسمه على الطاولة قدامها:

"من مين؟"

"منك."

قالها بصوت خافت:

"ليش؟ تخافين مني؟"

ردّت بصدق لأول مرة:

"أخاف من نفسي وأنا معك."

**

لحظة صمت… طويلة… خلت عيونهم تنكشف لبعضهم.

بس تاليا بسرعة، سحبت حقيبتها، وقالت:

"اسمح لي… لازم أروح."

وتركت الغرفة، قلبها يدق، ودموعها على وشك تنزل…

**

وفهد؟
ظل واقف، يطالع الباب، وهو يهمس:

"يا تاليا… ما راح أسمح لك تنسين إنك قلّبتيني، مهما بعدتي."

✦ الجزء السابع: إذا ما فتحتي الباب... بدقّه بقلبي

الأيام اللي راحت، كانت ثقيلة على فهد.
تاليا تغيّرت.
صارت رسميّة، باهتة، وكأنها حطت بينه وبينها جدار من جليد.

وهو؟
ما يعرف يبرد.
يعرف يهاجم.

**

جلس على طاولته، يتأمل شاشة الجوال، يطالع محادثاتهم الباردة، رسائلها المختصرة:

"تم."
"أرسلته لك بالإيميل."
"تفضل، موقع التوقيع."

ما فيها حتى نقطة شعور.
حتى الـ"صباح الخير" صارت معدومة.

**

في هاللحظة… قرر يكسر هالبرود، ويدخل على حياتها من زاوية مختلفة.

طلب من قسم الموارد البشرية تنظيم ورشة عمل خارجية، بيوم مفتوح، لجميع المدراء وفريقهم الخاص.

وقال لسكرتيره:

"خلي الدعوة شخصية، موجهة لكل شخص باسمه. وخصوصًا تاليا… أبيها تكون عارفة إنها مطلوبة بالحضور بشكل مباشر."

**

جاء اليوم المنتظر.
الفعالية كانت في منتجع فاخر، بعيد عن جو العمل تمامًا.

تاليا وصلت، لابسة فستان سكري بسيط وطويل، وكارديغان أبيض، ناعمة كأنها نازلة من رواية كلاسيكية.

ولأول مرة، من شهور، عيون فهد ابتسمت صدق.

**

مر اليوم، والكل كان مستمتع، لكن فهد كان له هدف ثاني.

قرب منها وهي واقفة لحالها تشرب قهوتها، وقال:

"تحبين الأماكن الهادية؟"

ردّت، بدون ما تطالع فيه:

"أيه، أكثر من الصخب."

قال:

"تعالي معي شوي، أبي أريك شي."

**

مشوا سوا، في ممرات المنتجع المزهرة، لين وصلوا لزاوية فيها شرفة مفتوحة على البحر.

كان الغروب نازل، والموج يعكس الشمس، كأنها لوحة مرسومة.

قال لها:

"تعرفين وش مشكلتك يا تاليا؟"

سكتت، ما ردّت.

كمل هو:

"إنك تظنين إنك تقدرين تتهربين من مشاعرك. وأنا؟ أظن إنك ما تبين تنجرحين، فتبنين جدار… وأنا تعبت أطالع جدارك، وأحاول أسمع صوتك من خلفه."

**

التفتت له، نظراتها كانت مزيج بين الذهول والخوف.

قالت:

"أنا أحمي نفسي، مو أتهرب."

قال:

"وأنا؟ من أول مرة طحتِ فيها قدامي، وطحت أنا ورا قلبك… بس ساكت. لأني ظنيت إنك راح تستوعبين… لحالك."

**

سكتت…
بس صوت البحر كان شاهد على ارتباك أنفاسها.

اقترب منها شوي، وقال بصوت مبحوح:

"أنا ما أحب أفرض مشاعري… بس إذا خليتيني واقف عند هالباب، بظل أدق… لحد ما تفتحينه. وإذا ما فتحتيه، بدقّه بقلبي."

**

تاليا حسّت الأرض تدور…
عينها دمعت، بس مسحتها بسرعة.

قالت، بصوت خافت:

"أنا ما أعرف إذا قلبي بيتحملك… أو بينكسر بك."

قال، بصراحة مؤلمة:

"وإذا انكسر، تعالي اكسر قلبي بعده. بس لا تخليني أعيش مع شعور ما أكتمل."

**

وفي لحظة صمت…
نظرت له، وعيونها تشهد إنها مو بس متأثرة…

هي متعبة من الكفاح ضد اللي تحس فيه.

قالت بهمس:

"فهد… أنا أخافك."

ردّ عليها، وهو يبتسم أخيرًا:

"وأنا... ما أبيك تخافين، أبيك تثقين."

✦ الجزء الثامن: في شي بقلبي… ما قلت لك عنه

من بعد لحظة الشرفة، صار شي في تاليا ينهزّ.

رجعت البيت ذاك اليوم وهي تحس إنها تنفّست بعد شهور…
لكن كل نفس كان مصحوب بـ خوف.

"وش لو صدق يحبني؟"
"وش لو خسرت نفسي بسببه؟"
"وش لو عرف الحقيقة… وكرهني؟"

**

مرت الأيام، صارت تتغير.

ما رجعت باردة مثل أول، ولا هي انفتحت مره وحده…
لكن فهد لاحظ.

بدأت تبتسم أحيانًا، ترد بجملة أطول، حتى صوتها صار فيه ليونة.

هو؟
كان عارف إنها تحاول، تحاول تثق، تحاول تطلع من درعها…
وكان مستعد يصبر.

**

وفي أحد الأيام، كانت لحالها في المكتب تنظم أوراق قديمة، وهو دخل بدون ما يدق الباب.

شافها واقفة قدام الخزانة، شعرها مفكوك، تعب اليوم ظاهر على ملامحها.

قال:

"تاليا… تأكلين عشا معي الليلة؟"

رفعت راسها له، وقلبها ضرب دقة ما فهمتها…

قالت بعد تردد:

"أوكي."

**

في العشا، الجلسة كانت خفيفة، مليانة ضحك نادر بينهم، حتى قال لها فهد، وهو يطالعها نظرة طويلة:

"أحس إنك أقرب لي اليوم من أي يوم مضى."

نزلت عيونها للصحن، وترددت، بس قررت تقول:

"أنا بعد… أحس إني ما عاد أخاف منك مثل أول."

ابتسم وقال:

"بس؟"

هنا تاليا سكتت، صوتها صار أضعف:

"في شي… ما قلت لك عنه."

رفع حاجبه:

"وشو؟"

قالت وهي تحاول تجمع شجاعتها:

"أنا... كنت خاطبة قبل."

**

صمت مفاجئ.

فهد سحب نفسه شوي للورى، وما تكلم.

**

قالت بسرعة:

"بس مو مثل ما تتخيل. كان شخص اختاره أبوي، وكان قاسي، ومؤذٍ. ما كنت أحبه. حتى تركني يوم رفضت أتزوجه وهددني... وهالموضوع خلاني أتعقد."

نظرات فهد خفت، بس صار فيها وجع.

قال بهدوء:

"ليش ما قلتي لي من قبل؟"

قالت، بصدق:

"لأني ظنيت إنك راح تشوفني ضعيفة، أو مكسورة، أو حتى... مو جديرة بحبك."

**

فهد أخذ نفس عميق، ومسك يدها بهدوء على الطاولة:

"تاليا… اللي مَرّيتي فيه ما يقلل منك، بالعكس… أنتِ أقوى من اللي تصورت، والحين فهمت كل جدرانك، كل خوفك. بس صدقيني، أنا مو هو. وأنا مو ناوي أأذيك، ولا أتركك."

**

كانت دموعها على طرف الجفن، لكنها حاولت تمسك نفسها.

قالت:

"بس أنا مو جاهزة أحب أحد… مو جاهزة أتعلق وأنكسر."

قال، بنبرة ثابتة:

"ما عليك، أنا جاهز أحب عنّا اثنين… لين تجهزين."

**

لحظة صمت، لكن قلبين بدأوا يتكلمون بدون حكي.

من ذيك الليلة…
بدأت علاقتهم تنتقل من اختبار، إلى تقارب مؤلم وجميل بنفس الوقت.


✦ الجزء التاسع: خوف واعتراف… قبل ما يكون متأخر

اليوم كان مختلفًا عن كل الأيام.
المكتب كان مشغول أكثر من المعتاد، الاجتماعات متتالية، والضغط عالي…
لكن قلب تاليا كان مشغول في مكان آخر.

فهد، بعدما صاروا يقضون وقت أكثر مع بعض، صار أقرب لها بشكل غير طبيعي، وهذا كان يخلّيها متوترة أكثر من أي وقت مضى.

كانت تتمنى تظل على مسافة، لكن قلبها كان يهتف بشدة "أنتِ ما تقدرين."

**

بينما هي كانت منهمكة في تحضير تقارير المشروع، رنّ هاتفها برسالة… كانت منه:

"تعالي معي اليوم، أبيك. مهم."

قرأت الرسالة وأعصابها مشدودة.
مستحيل ترد عليه وتقول له لا، لكنها ما كانت مرتاحة، لكن كيف ترفضه؟

هي أساسًا ما كانت مرتاحة لشيء أكبر: خوفها منه.

**

في نفس اليوم، جاء يوم الاجتماع الكبير مع بعض المستثمرين، وكانوا جميعهم في صالة الاجتماعات، فهد كان قدّم تاليا لعدد منهم، ووضعها في مكان قريب، وسط الحديث. لكن، فجأة، مع نهاية الاجتماع، طُرحت فكرة جديدة قد تضر بعلاقتها بالمستثمرين.

قال لها أحد المستثمرين:

"بنتي، لو كنتِ مكان فهد، راح تغيرين كل شيء."

نظرت لتاليا وهو يقول كذا، وهي متوترة، لدرجة إنها ما قدرت ترد بشكل صحيح. نظرات فهد كانت تُراقبها.

لكن جت اللحظة الصادمة.
أحد المستثمرين قال بفجاجة:

"أصلاً، يمكن ما تكون مناسبة للمنصب. هذا كله كان مجرد دعاية."

كل شيء صار ينهار في لحظة، وهي تشعر بالحرج. فهد، الي كان صامت طول الجلسة، نظر لها نظرة فيها غضب محمّل، لكنه ظل ساكت.

**

لحظة بعد ما خرجوا من الاجتماع، قال لها بحدة:

"وش هذا؟ ليش ما كنتِ متأكدة من كلامك؟ أنا وضعت ثقتي فيك. كنتِ واقفة قدامهم وقلتِ كلام مهزوز."

كانت تاليا تحاول تبرر، لكنها لما شافت كيف كان معصب، الخوف رجع بقوة.

ابتعدت عنه، وقالت، بعصبية:

"أنا مو مساعدة لك، ولا أنا معروفة بكفاءة غيرك، عشان تسحب عليّ ثقتك!"

**

في نفس الوقت، كانت تجلس في مكتبها، تراقب فهد، وهو غاضب جدًا، ولا حتى ينظر ناحيتها.

لكن فجأة، فهد دخل مكتبه، وبعد لحظات، وصلها إيميل يطلب منها الحضور لمقابلته في مكتبه فورًا.

**

وصلت، وقال لها مباشرة، وهو لا يزال مشدود الأعصاب:

"أنا كنت أثق فيك، لكن لما تخذلينني قدام الكل، ما عادت فيه ثقة."

هنا، انفجرت تاليا، وحاولت تقاوم دموعها، وقالت بصوت مرتعش:

"أنا كنت أحاول أكون قوية… كنت أخاف أتعامل مع مشاعري معك."

**

فهد، وكان قلبه مشدود بسماع كلماتها، اتجه نحوها خطوة بخطوة.
وقف قدامها، وقال بجدية:

"أنتِ أخفيتي كل شي، ما تعترفي بمشاعرك، لكن أنا شفتك تكابرين. لازم تعترفين الآن. إذا كنتِ ما تحبيني، أنا ما أقدر أعيش بهالحالة."

**

تاليا شعرت بالقلب يعصر. دموعها بدأت تتجمع في عيونها، وقالت بصوت خافت، لكنها واضح:

"خايفة، فهد… خايفة من إنك تأذيني، خايفة إنك تجذبني وبعدها تتركني."

**

فهد اتنهد بقوة، وابتسم ابتسامة صغيرة رغم الألم في قلبه، وقال:

"أنا أخاف أعيش بعيد عنك، أنا أخاف إني ما أخليك تكونين جنبي. كل شيء أقوله لك صادق، بس إذا كنتِ تحبينني، فإنتِ ما راح تتركيني."

**

طال الصمت بيناتهم، لكن قلب تاليا بدأ يهتف.

**

قالت، بعينين مليئتين بالدموع:

"أنت صعب، وأنا أخاف منك، لكن ما أقدر أنكر… إني محتاجة لك."

**

كان لحظة عميقة، لحظة كانت تاليا فيها مشتتة بين الخوف وبين ما تحس فيه، ولكن فهد كانت عيونه مليانة صدق، ما عاد يقدر يبعد عن قلبها.

**

قبل ما يقدر يقول شيء، دخل عليه شخص آخر وكان المحيط الاجتماعي كله قد دخل في محيط حياتهم، فـ توقفوا وابتسمت تاليا بصعوبة وقالت:

"أنا… لازم أروح، بس… خلني أفكر."

**

وتدخل حياة تاليا في مرحلة جديدة…

✦ الجزء العاشر: القرار الأخير… هل قلبك مستعد؟

الليل كان هادئ، والجو في المدينة مشبع برائحة المطر.
وتاليا كانت جالسة في غرفتها، في مكان كان يعتبر "ملاذ" لها.
الحيرة كانت تغمر قلبها، وبين عقلها اللي يحاول يبعد، وقلبها اللي صار يشتعل كلما فكرت فيه، بدأ يترسخ فيها شعور واحد: هل ممكن تكون هالمرة مختلفة؟

**

اليوم الذي كان يوماً عاديًا تحول إلى يوم مليء بالتفكير، وتبًا لهذا كله...
كل لحظة كانت تأخذها خطوة أقرب من الحقيقة، من الاعتراف بمشاعرها.

بعد ما خرجت من مكتب فهد في آخر مرّة، كان فهد قلبها يطلب الجواب.
كان واضح من كل تصرفاته، من كل كلمة قالها، أنه ما كان يلعب.

**


**

داخل مكتبها، فهد كان مشغولًا في أوراقه، لكن عينيه كانت تراقبها، وهو يحاول إخفاء ما يشعر به، ويضغط على نفسه أكثر ليظهر قسوة في وجهه.
إلين جت اللحظة، لحظة كانت المفاجأة قدامها، لحظة كان لازم تعترف لنفسها: "إما أنا معاه، أو مع نفسي."

**

فاتصلت فيه أخيرًا، صوتها كان هادئ، وصوت فهد جاء يحمل نبرة من انتظار:

"فهد، ممكن نتكلم؟"

قال لها بحذر، وهو يحاول ما يظهر توتره:

"أكيد، تفضلي."

**

لحظات الصمت كانت أقوى من أي كلمة، لكن تاليا، وبكل قوتها، أخيرًا أخبرت فهد عن اللي في قلبها، عن مشاعرها اللي كان يخبيها عن نفسها:

"فهد، أنا… أخافك. أخاف منك، أخاف على قلبي. بس بعد كل شي مرّ، بعد كل اللي صرنا فيه… ما عاد أقدر أقول إنك مثل كل الناس."

**

سكت فهد للحظة، وتوقع أنه راح يسمع كلمات أكثر تحفظ، لكن ردها كان صريحًا، وكان مؤلمًا:

"لكن معك، حبيتك. حبيتك أكثر من أي شخص… أكثر من أي شيء في حياتي."

**

لحظة الصمت كانت ثقيلة، وكل كلمة طال انتظارها.

قال فهد، وهو يقترب أكثر من قلبه، في صوته نبرة ما فيها شك:

"وإنتِ، تالي، بالنسبة لي، كل شيء… ومستحيل أعيش من دونك."

**

فجأة، تاليا شعرت بشيء يتغيّر فيها. شعور كانت تحاول تجاهله، تبتعد عنه، تخافه… لكن اليوم صار شيء واضح.

قالت، بصوتها الهادئ:

"أنا جاهزة، فهد. إذا كنتَ أنت مستعد، فقلبي معك."

**

فهد، اللي كان مشدود لأبعد حد، أغمض عيونه للحظة، وكأنه أخيرًا لقى الجواب اللي كان يدور عنه. اقترب منها أكثر، وحط يده على قلبه، وقال:

"أنا مستعد لحبك، ومستعد أعيش معك، ونعبر كل شيء مع بعض."

**

وفي تلك اللحظة… تاليا حسّت بشيء غريب… شدة من الدفء والطمأنينة.
كانت لحظة اعتراف، لحظة كانت تستحقها، لحظة كانت بداية فصل جديد في حياتها.


لكن فهد قرر يكون جريء، ويمسك بيدها، فقال بعيون مليانة أمل:

"هل أنتِ جاهزة تكونين حياتي؟"

**

ابتسمت تاليا، وكانت أول مرة تحس إنه في شخص قادر يملأ كل الفراغات اللي كانت تحاول تملأها لوحدها. نظرت فيه بصدق وقالت، بكل الثقة:

"نعم، فهد. أنا جاهزة… جاهزة أكون معك."

**

وابتدت حياتهم معًا من جديد، ولكن المرة هذي بشكل آخر. من هنا، كان القرار مستقر في قلبها، وكان حبهم يُكتب بين السطور، وهو أكثر عمقًا من كل شيء جربوه مع بعض.

**

أخيرًا، قلبها لقي الأمان، وأصبحت العلاقة بينهما ليست مجرد اختبار، بل هي حياة جديدة، وأمل أكبر. حب ما كان متوقع ولا كان معتاد، لكنه كان حقيقي، وبدأ يبني له مكان في حياتهم.


النهاية…

ولكن هل هذا حب حقيقي؟ هل سيصمد أمام كل شيء؟
هذا كان فصل من قصة أكبر، ولكن الأهم أنها بدأت بـ الحب، والاعتراف، والثقة.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق