قصة: فارس والعنود ( الضابط والجميلة)

روايات زواج اجباري سعودية البطل ضابط، رواية سعودية البطل يعذب البطلة بعدين يحبها، رواية البطل غني وقاسي سعودية، روايات سعودية البطلة قوية، روايات يكون البطل ضابط، رواية البطل ضابط وعصبي، قصة زواج تقليدي تنتهي بحب مجنون، قصة حب عاصفة، مثيرة، ساخنة، حب بعد الزواج الإجباري، ساخنة، نار.

💔 فارس بن نايف

ضابط في أوائل الثلاثينات من عمره، طويل القامة، عريض المنكبين، ذو ملامح صارمة لا تعرف الابتسامة طريقها بسهولة إلى وجهه. يعيش بانضباط عسكري حتى في حياته الخاصة. عصبي المزاج، حادّ النظرات، قليل الكلام، لا يحب الاختلاط، ولا يؤمن بشيء اسمه الحب.
خاض تجربة زواج سابقة دمرته من الداخل... زوجته الأولى خانته مع رجل آخر، وكانت صدمته قاسية، خاصة أنه أحبّها بصدق. بعد طلاقه، أغلق قلبه بإحكام، وأقسم ألا يمنح امرأة أخرى مفاتيحه.
يرى النساء ككائنات انتهازية، لا يؤمن بأن مشاعرهن صادقة، ويتعامل معهن بجفاف متعمد. ورغم ذلك، في داخله رجل نبيل، وفي قلبه جراح لم تُضمد بعد.
رجل مسؤول، يحترم والدته حد الطاعة، حتى لو اضطر أن يتزوج مجدداً نزولاً عند رغبتها... ولكن من دون أن يمنح قلبه، أو حتى احترامه، لعروسه الجديدة.


💞 العنود بنت فهد

فتاة في الخامسة والعشرين من عمرها، فاتنة الجمال، أنثى تُلفت الأنظار حتى في أبسط إطلالة. جمالها لا يقتصر على الشكل، بل يمتد إلى حضورها الطاغي، وقوة شخصيتها.
رقيقة في تعاملها، لكنها لا تُهان. عاطفية، ولكنها تعرف متى تصمت، ومتى تُصرّ على حقها. وافقت على الزواج من فارس رغم علمها ببروده النفسي وجفافه، مدفوعة بحبها لأمه التي ربطتها بها صداقة قديمة.
كانت تدرك أنها تدخل إلى حياة رجل مكسور، لكنها لم تتوقع أن تكون الجدران عالية بهذا الشكل.

في البداية، كانت تنزف بصمت من بروده، لكنها مع الوقت بدأت تراه بعين الأنثى العاشقة... وقررت أن تكسب هذا الرجل الصعب، لا بالكبرياء، بل بالشغف، وبأنوثتها التي تعرف جيداً متى تُخفيها ومتى تُطلقها. 

قبل أن تتابع القراءة يجب أن تعلم أن جميع الحقوق محفوظة لموقعنا a7mmr.net أي نسخ أو اقتباس من الرواية يضعك تحت طائلة القانون، يمكنك نشر الرواية من خلال ارسال الرابط الإلكتروني إلى صديق أو من خلال نشر الرابط الإلكتروني على منصات التواصل الإجتماعي،  لكن النسخ ممنوع وسنقاضي كل من يقوم بسخ الرواية، أو أي جزء منها.

✦ المقدّمة ✦

في عالمٍ لا يمنح القلوب الكسيرة فرصةً للشفاء، عاش فارس بن نايف بقلبٍ مجوَّف، لا ينبض إلا بالواجب.
رجلٌ صنع من الوجع درعًا، ومن الخيانة سورًا شاهقًا لا يُرى خلفه شيء... لا حب، لا أنثى، ولا حتى حلم.
كان يظن أنه نجا، وأن الحياة لن تقوى عليه بعد الذي مرّ به، حتى جاءت أمه — بطيبة قلبها — تدق أبواب الجحيم من جديد... ولكن هذه المرة، على هيئة زواج.

زواج من فتاة لم يرها يومًا، ولم يسمع عنها إلا كلمات عابرة خرجت من فم والدته، وكأنها تحكي عن ابنة الجيران، لا عن زوجة المستقبل.
لم يكن يريدها. ولم يكن مستعدًا لأي التزام يتعدّى أوامر العمل وأصفاد المجرمين.
لكنه وافق. مرغمًا. لأنه مهما اشتدّت قسوته، تبقى أمه نقطة ضعفه الوحيدة.

أما هي... العنود بنت فهد، فكانت مختلفة.
جميلة؟ نعم، بشكلٍ يربك الحواس.
رقيقة؟ بقدر ما يشبه النسيم في أول الربيع.
لكنها قوية... تعرف كيف تمشي في طرق الرجال بثقة، وكيف تحمي أنوثتها من أن تُكسر، حتى لو كانت السكين بيد زوجها.

دخلت حياته بهدوء، لكن وجودها كان كالصاعقة.
لم ترف له عين، لم يفتح لها باب القلب، ولم يمنحها سوى صمتٍ مؤلم، وكلمات باردة، ونظرات تحرّضها على الرحيل.
لكنها لم ترحل.
كانت ترى خلف الجفاء رجلاً تائهًا، وقلبًا خائفًا، وعاشقًا مدفونًا تحت رماد الخيانة.

وهكذا بدأت اللعبة...
هو يحاربها ببروده، وهي تغرق فيه رغماً عنها.
هو يقاوم حبها، وهي تقرر أن تنتزع قلبه حتى لو اضطرّت أن تُشعل فيه الحرب.

في هذا البيت البارد، ستشتعل نار لا تطفئها الأيام،
وسنعرف...
من الذي سيسقط أولاً في فخّ الغرام: الضابط الذي لا يحب النساء؟
أم الأنثى التي قررت أن تكون له... بكل الطرق؟


✦ الفصل الأول ✦

"ما له خلق، وما تبي غيره."

كان صوت أم فارس يملأ أرجاء المجلس، وهي تتحدث بلهجة حاسمة لا تحتمل الجدل، وكأنها تحسم معركة، لا ترتّب زواج ابنها الوحيد.
جلست العنود قبالتها، ترتشف قهوتها بهدوء، وعيناها تتابعان ملامح تلك المرأة القوية التي أحبتها منذ أول لقاء، لكن هذه المرة، الحديث لم يكن عن طبخ، ولا عن الأهل... الحديث عنها هي، كعروس لابنها المتحجّر القلب.

"فارس ما يبي يتزوج، بس أنا خلاص... مليت، أبي له عيال، أبي له أُنس، ما عاد صبرت عليه أكثر من كذا."

قالتها أم فارس وهي تضع فنجانها بعصبية على الطاولة، ثم استدارت للعنود:

"وأنا ما أبي إلا إنتِ."

ابتسمت العنود بهدوء، لكنها شعرت بشيء بارد يمرّ في عمودها الفقري. زواج من رجل لا يريد الزواج...؟
من فارس؟
الرجل اللي ما قد شافته إلا في صورة قديمة على جدار المجلس، بملامح متجهمة ونظرة حادة توحي بأنه قد يصدر أمر اعتقال لأي كائن يتنفس بقربه.

لكنها لم ترفض.
ما قالت "لا"، ولا حتى سحبت يدها من يد أم فارس لما أمسكتها بحنان وتوسّل:

"أنا أبيكِ له، وإنتِ بنت رجال... تعرفين وش يعني إن الأم تختارك بنفسها؟"

وافقت.
ليس طمعًا، ولا حبًا من أول نظرة، بل لأن شيئًا ما في داخلها أخبرها أن هذا الرجل... ليس كما يبدو.
وأن هذا الزواج... قد يغيّر حياتها، أو يدمّرها للأبد.


في اليوم اللي تم فيه عقد القران، حضر فارس متأخرًا، ببدلته العسكرية، وملامحه الجامدة اللي ما تغيرت لحظة.
دخل، قال السلام، جلس، وقّع، وطلع.
ولا حتى رفع عينه يشوفها.
ولا نطق بكلمة "مبروك".

كانت تلك اللحظة أول جرح حقيقي يخترق قلب العنود.
ومع ذلك، ابتسمت...
لأنها لم تكن تُراهن على لحظة، بل على معركة طويلة، تعرف أنها ستحتاج فيها للصبر، ولحنانٍ لا يليق إلا بالأنثى التي تؤمن بقيمة نفسها، حتى لو كان الطرف الآخر لا يراها... بعد.


في أول ليلة جمعتهم، لم تكن ليلة حُب.
كانت ليلة صمت، باردة، ثقيلة، وكأن كل كلمة فيها تحتاج إذنًا أمنيًا للخروج من فمه.
جلس على طرف السرير، خلع ساعته، ووضع مسدسه على الكومودينا، ثم قال بنبرة جامدة:

"أنا ما أجبرتك على هالزواج... ولا طلبت شي، وأتمنى المعاملة تكون بيننا باحترام. لا تتوقّعين شي مني، ولا أنا بكون مسؤول عن مشاعر ما طلبتها."

رفعت عيونها له، وعينيها فيها دمعة ما نزلت، بس احترقت جوّا.
هزّت رأسها بهدوء، وقالت بنبرة خافتة، لكنها واثقة:

"أنا ما جبرتك... بس راح تعرف يوم، إن في أشياء تفرض نفسها بدون استئذان."


نام على طرف، وهي على الطرف الثاني...
وبينهم مسافة...
بس المسافة الحقيقية كانت في قلبه، هو اللي ما زال مسكّر أبوابه بوجهها.

لكن ما يدري إن هالأنثى، العنود...
ما تحب تُطرق الأبواب،
هي تعرف كيف تفتحها... بسكوتها... بأنوثتها...
وبقلبها اللي بدأ ينبض له، من أول وجع.

قبل أن تتابع القراءة يجب أن تعلم أن جميع الحقوق محفوظة لموقعنا a7mmr.net أي نسخ أو اقتباس من الرواية يضعك تحت طائلة القانون، يمكنك نشر الرواية من خلال ارسال الرابط الإلكتروني إلى صديق أو من خلال نشر الرابط الإلكتروني على منصات التواصل الإجتماعي،  لكن النسخ ممنوع وسنقاضي كل من يقوم بسخ الرواية، أو أي جزء منها.

✦ الفصل الثاني ✦

"بردك ما يخوفني... لكن يوجعني."

مرت الأيام الأولى كأنها نسخ مكررة من مشهد رمادي.
فارس يخرج من البيت فجراً، ويعود بعد منتصف الليل.
كأنه يعمل ليل نهار بلا راحة، أو كأنه يتعمد الهرب منها، من وجودها، من عطرها اللي يعبّي أركان البيت بصمت، ومن نظراتها اللي تحاول تخترق الجدار السميك اللي بين قلوبهم.

كان يتصرف معها كأنها ضيف ثقيل، مو زوجة.
ولا كلمة حلوة، ولا سؤال بسيط عن حالها، حتى "تصبحين على خير" ما قالها من ليلة الزواج.

لكنها كانت تصبر، كل يوم تقول: "يمكن بكرة يتغير."
وتقابل بروده بابتسامة خافتة، تطبخ له بنفسها، تجهز له قهوته، تترك له سترة العمل معلّقة بعناية عند الباب...
وهو؟
ولا كأنه يشوف.


في أحد الأيام، وهي تنفض الغبار عن طاولة في الصالة، دخل فجأة، على غير العادة، قبل المغرب.
لبس مدني، عيونه فيها تعب، وصدره يعلو ويهبط كأنه راجع من معركة.
رفعت عيونها له بلهفة، تفاجأت، لكن بسرعة جمعت نفسها وقالت بابتسامة هادئة:

"رجعت بدري اليوم."

ما رد.
مشى قدامها، كأنه ما سمع.
لكنها لمحت لمعة غريبة في عيونه، شيء بين الغضب والضياع.

دخل غرفته، سكّر الباب بقوة.
وقفت مكانها، قلبها يدق، ما تدري هل تلحقه؟ ولا تتركه بحاله؟

لكنها ما كانت ضعيفة.
طرقت الباب، بهدوء، وقالت:

"تبغى شي؟"

سمعت صوته من داخل الغرفة، خشن ومكسور:

"اتركيني بحالي يا عنود، لا تفتحين معي موضوع، ما لي خلق."

ترددت، بس ما رحلت.
رفعت يدها عن مقبض الباب، وهمست:

"أنا ما جيت أفتح موضوع... بس جيت أقول لك، إنك مو مجبور تحب، ولا تتكلم، بس لا تظلمني بجفاك. بردك ما يخوفني... لكن يوجعني."

وسحبت نفسها وراحت.
تركته مع كلمتها اللي علقت في صدره كأنها سهم.


في الليل، وهو يتقلب في سريره، ما قدر ينام.
كلماتها تتردد في رأسه، ونظرتها في عيونه...
شي فيه بدأ يتزلزل، شيء كان يحسبه مات.

لكنه كابر، كعادته.
وقام من السرير، وخرج من الغرفة، راح ينام في المجلس، بدون كلمة، بدون حتى نظرة.


لكنها، وهي وحيدة على السرير، كانت تبتسم.
مو فرحانة بجرحه، لكن حاسة إنها بدأت تلامس شي داخله.
فارس مو حجر... هي واثقة.
هو إنسان، وجعان... وخايف.
وهي، في داخلها وعد ما قالته له:
"أنا ما راح أتركك تغرق في وحدتك... حتى لو كنت تحاول تغرقني معك."


✦ الفصل الثالث ✦

"إذا تبي تهرب منّي... لا تطالع فيني بهالطريقة."

منذ تلك الليلة، تغيّر شيء... بسيط، لكنه واضح.
ما صار ينام في المجلس كل يوم، صار يرجع متأخر... بس يدخل الغرفة.
ما يتكلم كثير، بس صار يلتفت لها إذا تكلمت.
وصار يسمّيها باسمها.

"عنود، قفلي الباب وراي."
"عنود، وين سويتِ المفتاح؟"
"عنود، القهوة جاهزة؟"

مجرد نداء، مجرد صوت... لكن قلبها يسمعه وكأنه موسيقى تنبعث لأول مرة من فم غليظ لا يجيد الغزل.


في ليلة من الليالي، وهي جالسة على طرف الكنبة، تمشط شعرها بعد ما خلصت استحمام، دخل فجأة، تعلقت عيونه فيها لثواني، وما قال شي.
عيونه نزلت على خصلات شعرها الناعمة، على بشرتها الندية، على أنوثتها اللي تحضر بهدوء وتفرض نفسها بدون كلمة.

حست بنظراته، لكن ما التفتت، كملت تمشيط شعرها وكأنها ما لاحظت.
بس قلبها كان يدق بقوة، كأنها على وشك الاعتراف.

أخيرًا قال بصوت خافت:

"ليه ساكته؟"

رفعت عيونها له، وبكل جرأة ناعمة، قالت:

"لأنك إذا تكلمت... تزعل، وإذا سكت... تهرب، وأنا ما صرت أفهمك."

اقترب منها، لكن وقف على بُعد خطوات، كأنه يخاف الاقتراب منها مثل ما يخاف من قرب الجمر.

"أنا ما أهرب منك، عنود... أهرب منّي أنا."

قالها وهو يتنهد، بنبرة رجل تعبان، مو رجل متكبر.

نظرت له بهدوء، وقالت:

"إذا تبي تهرب من نفسك، لا تطالع فيني بهالطريقة،
نظرتك تقول أشياء كثيرة... ما قالها لسانك."

سكت.
ما رد.
بس عينينه حكت عنها، عن الخوف، عن الذكرى اللي تمزقه، عن طليقته اللي ما زالت ظلها يلاحق أنفاسه،
عن خيانة ما عاد يعرف كيف يمسحها من داخله.

ولأول مرة...
حس إنه يبغى يبكي.
لكن ضابط بحجمه... ما يبكي.


في تلك الليلة، ما نامت العنود.
قلبها كان محتار...
هل بدأ يحبها؟
ولا مجرد لحظة ضعف... وممكن بكرة يرجع يقفل بابه من جديد؟

لكنها حسمت أمرها.

قررت ما تنتظر حبه، ولا كلامه، ولا اعترافه.
قررت تبدأ اللعب بطريقتها...
بطريقتها هي.

لأن فارس، حتى وهو يقسى...
كل شيء فيه يصرخ: "لا تروحين."


✦ الفصل الرابع ✦

"خلك بمكانك... لا تعوّدني عليك، وأنا ما تعافيت."

مرت أيام بعدها، والعنود تغيّرت.
ما عادت تركض وراه، ولا تنتظر نظرة أو كلمة.
صارت هادئة... وباردة، بنفس طريقته، لكنه برود ناعم، يوجع.

تصحى بدري، تجهز قهوته، وتروح غرفتها.
تجهز له غداءه، وتجلس في زاوية بعيدة من الصالة، تقرأ كتاب، أو تمشي في الحوش وتتكلم بالجوال مع صاحباتها وهي تضحك بصوتٍ حقيقي، مو متصنع.

كان يراقبها من طرف عينه، يحس بشي يتحرك في صدره كل ما سمع ضحكتها،
ضحكة ما قد سمعها معه...
ضحكة ما كانت له.

وفي يوم... جاءه اتصال من صديقه "ماجد"،
كانوا يخططون لعشاء شباب، وقال له ماجد:

"بالمناسبة، شفت زوجتك اليوم في الكوفي، مع بنت ثانية... وربي إنها ملفتة، ما شاء الله تبارك الرحمن، بس جد، وشلون متحمل جمال زي كذا وتسكت؟"

صمت فارس، لكنه حس بقبضة في قلبه.
ما قال له إنها راحت، ما قالت إنها بتطلع،
وهي فعلاً ما كانت غلطانة... لكن ليه ما درى؟

بدأ الدم يغلي في عروقه.


قبل أن تتابع القراءة يجب أن تعلم أن جميع الحقوق محفوظة لموقعنا a7mmr.net أي نسخ أو اقتباس من الرواية يضعك تحت طائلة القانون، يمكنك نشر الرواية من خلال ارسال الرابط الإلكتروني إلى صديق أو من خلال نشر الرابط الإلكتروني على منصات التواصل الإجتماعي،  لكن النسخ ممنوع وسنقاضي كل من يقوم بسخ الرواية، أو أي جزء منها.


رجع البيت قبل المغرب.
كانت جالسة على الأرض في الصالة، تفك أغراض شنطتها، وتضحك مع الخادمة على قصة صارت لهم في السوق.

وقف عند الباب، وقال بصوت واضح:

"وين كنتي؟"

رفعت رأسها، وابتسمت:

"كوفي مع نوف... صديقتي، تعرفها أمي."

قال بنبرة حادة، مو عالية، لكنها حادة تكفي تخلي القلب يضيق:

"ومن متى تطلعين بدون ما تقولين؟"

رفعت حاجبها، بكل هدوء:

"من متى صرت تهتم؟"

سكت لحظة، وعيونه فيها نار.

"أنا ما أحب أحد يطالع زوجتي... لا في كوفي، ولا في سوق."

ضحكت ضحكة قصيرة، ثم قالت:

"عشان كذا، أنا ما عاد طلعت لك قهوة."

مشى خطوات تجاهها، قال بصوت منخفض، لكنه مهدد:

"عنود... لا تلعبين معي بهالأسلوب، أنا رجال، وغيرتي ما تعرف تمزح."

وقفت، وناظرت فيه بعيونها اللي بدأ يتعلم إنها مو عيون أي وحدة...
هذي عيون أنثى تعرف متى تذوب، ومتى تحترق، ومتى تحرّق غيرها.

"وأنا بعد... قلبي ما يعرف المزح.
إذا تبي تهتم... خلك بمكانك.
بس لا تعوّدني عليك، وأنا ما تعافيت من برودك."


طلع من الصالة بدون كلمة.
بس قلبه... ما طلع سليم.

لأول مرة، حس إن العنود صارت تعرف طريق قلبه.
وإنها إذا قررت... بتكسره بنفس القوة اللي كان يظن إن ما أحد يقدر يلمسه فيها.


في الليل، لفّ نفسه بالشرشف، ما قدر ينام.
صورها في الكوفي، ضحكتها، كلامها، ردودها... كلها تحوم حوله.

ولأول مرة، سأل نفسه:

"وش اللي بخوفه منها؟
وليش خايف يحبها؟
هي ما خانت، ما جرحت، ما خذلت...
بس ليه قلبه مصفّح ضدها؟"


ما عرف الجواب،
لكن اللي عرفه، إنه ما عاد يتحمل تشوفه كأنه عابر.
هو الضابط فارس...
بس قدامها؟
صار مجرد رجل... يبغى يحب، بس يخاف يطيح.


✦ الفصل الخامس ✦

"أخاف أحبك... وأصير لك نقطة ضعف."

مرت الليلة ثقيلة، وفارس ما نام.
جلس يفكر بكل شي...
بعيون العنود، بصوتها، بكلامها اللي ما قالته لكنها لمحته،
وبنظرة التحدي اللي فيها شوق... وفيها حزن.

وفي الصباح، دخل المطبخ وهو يلبس ثوبه، لقاها تصب قهوتها بهدوء، على طاولة الفطور، كأنها وحدها في البيت.

وقف عند الباب، وصوته مبحوح:

"عنود..."

التفتت له، بعيون هادئة، مستعدة لأي شي،
لكنه ما قال ولا كلمة،
بس جلس على الكرسي، وسكت.

حطت له فنجان، ودفعته نحوه بدون ما ترفع عيونها.

"صباح الخير."

رد بهدوء، وبنبرة كأنها اعتذار ما انقال:

"صباحك رضا."

لحظة صمت.
ثم قال:

"أنا ما تعمدت أكون قاسي... بس ما كنت جاهز لك."

رفعت عيونها، نظرت له نظرة طويلة... ثم قالت:

"وأنا ما كنت جاهزة لبرودك... بس صبرت، لأني كنت أحس فيك، حتى وانت ساكت."

شرب من القهوة، وسألها بصوت خافت:

"ليش ما قلتي لي إنك بتطلعين؟"

ردت بابتسامة صغيرة:

"كنت أبيك تحس."

تنفس بعمق، كأنه اعتراف ثقيل طاح من على صدره:

"حسّيت."

نظرت له من فوق الفنجان، وقالت:

"بس لا تنسى... أنا بعد إنسانة. ما أقدر أحبك وأنا أحس إني غريبة عندك."

قال بصوت مكسور، صريح لأول مرة:

"أخاف أحبك... وأصير لك نقطة ضعف.
أنا تعبت من طعون الثقة، عنود.
قلبي بعده ما لحم الجرح."


سكتت، بس عيونها ترقّت...
حست فيه، حست بوجعه، بجرحه القديم، بالحرب اللي بينه وبين الحب.

قامت من مكانها، مشت قدامه، وقفت عنده وقالت:

"ما أبيك تصير ضعيف عشاني،
أنا أبيك تصير أقوى بحبي.
الحب ما يكسر، إلا اللي ما صدق فيه."

وبكل هدوء... لمست يده.
ما شالت يدها، بس لمسة ناعمة، قصيرة... تكفي تعلّمه إن الوقت حان.

وقبل لا تروح، همست:

"إذا قررت تفتح قلبك... أنا ما رحت بعيد.
أنا هنا...
بس لا تتأخر، لأن قلبي مهما كان قوي، ما يقدر ينتظر عمره كله."

وطلعت من المطبخ.


بقي فارس مكانه،
يده لسى فيها حرارتها،
وقلبه يدق بسرعة مو معتادة.

لحظة وحده، لمسها وحده، وكلمة وحده...
كادت تقلب كل قراراته القديمة.

ولأول مرة، فكر:

"وش لو فتحت لها؟
وش لو تركت العنود توصلني... لمكان ما أحد وصلني له قبل؟"

بس السؤال الأكبر كان:

"هل أقدر؟
هل أقدر أحب من جديد... بدون ما أخاف أنتهي؟"


 

✦ الفصل السادس ✦

"أنا ما أركض ورا أحد... لكن إذا قرب، أفتنه."

مرت أيام هادئة ظاهريًا، لكن داخلها، كان كل شيء يغلي.

العنود ما عادت تنتظر منه خطوة،
لكنها بدأت تمشي خطوات صغيرة، ذكية، متقنة.

كل مرة يدخل البيت، يلقاها متغيّرة...
مرة بثوب بيت بسيط، بس فيه أنوثة تذبح.
مرة بعطر ناعم يعلّق بأنفاسه.
مرة جالسة تقرأ كتاب وهي لابسة نظارات قراءة، شكلها يخطف قلب أي عاقل.

ما كانت تغازل، ولا تتصنع...
كانت بس "هي".
لكن هي، بطريقتها، سحر مو طبيعي.

وفارس؟
صار يلاحظ.
صار يلتفت.
وصار يغير لبسه قدامها، بدون ما يحس.


في أحد الليالي، رجع متأخر،
دخل البيت ولقى نور الصالة مطفي، إلا من شموع صغيرة مضيئة على الطاولة.

وكانت هي، جالسة على الأرض، قدام التلفزيون، تاكل فشار وتشوف فيلم رومانسي.

وقف عند الباب، ناظر المشهد، وحس كأنه غريب في بيته...
وغريب في قلبه بعد.

"هذي طقوسك دايمًا؟"
قالها بصوت ساخر شوي.

لفت له، بعينين براقة من انعكاس الشموع، وقالت:

"إذا أنت غريب عنّي... وش تهمك طقوسي؟"

ابتسم، أول مرة يبتسم كذا.
ومشى، وجلس بعيد شوي، على طرف الكنبة، وقال:

"وش الفيلم؟"

قالت بدون ما تناظره:

"عن رجل عنيد... تزوّج وحدة غريبة عليه، واكتشف متأخر إنها الحب اللي كان يدور عليه."

ضحك بخفة، وقال:

"واضح إن عندك ذوق درامي."

قالت:

"وأنت عندك قلب درامي... بس ما تبغى تعترف."

سكت.
وبعد لحظة، سألها بصوت هادي:

"العنود... أنتي تحبينّي؟"

ما ردّت بسرعة.
رفعت عيونها له، وبنبرة ما فيها لعب:

"لو ما أحبك، ما كنت تحملت كل اللي سويته...
ولا كنت سكت، ولا سامحت، ولا انتظرت.
بس أنا ما أحب حب ضعيف...
أنا أحب رجل إذا قرّب، ما يرجع."

حس بكلماتها توصل لعصب فيه ما قد لمسه أحد.
وبكل صدق، بدون درع، بدون تظاهر، قال:

"أنا قريب... بس ما أعرف إذا أقدر أرجع إن جرحتك."

قالت وهي تطفي الشمعة اللي جنبها:

"جرب... وخل الألم عليّ أنا هالمرّة.
بس لا تطلع من حياتي، قبل لا تعرف كيف ممكن أحبك."


تلك الليلة، ما قدر ينام.
مو لأنه خايف...
لكن لأن عنود زرعت فيه سؤال قاتل:

"وش بيصير إذا خلى الحب يصير أقوى من الخوف؟"


في اليوم اللي بعده،
راح للعمل بثوبه المعتاد، بس عطره... كان نفس عطرها.
لأول مرة... سرق عطر أنثى،
مو لأنه يحب ريحته،
لكن لأنه يبيها تبقى معه طول اليوم.


✦ الفصل السابع ✦

"قلبك فيه حرب… وأنا؟ ما عادني أبي أكون جندي فيها."

من ذيك الليلة، صار فيه تغيّر واضح…
مو انفجار حب،
لكن لمحات صغيرة، تصرفات مرتجفة،
نظرات أطول من اللازم، وكأن فارس كل شوي يقول بقلبه: "أنا أقرب، بس لا تضغطين."

صار إذا شافها تطبخ، يوقف عند الباب…
يقول كلمة، يسأل عن شي تافه، بس عشان يطول الوقت.
صار إذا لبست فستان جديد، يطالع… بس ما يعلق.
صار إذا ضحكت، يبتسم غصب، حتى لو كان متضايق.

وفي مرة، جاء من دوامه، وكانت تعبانة، وجهها شاحب، صوتها واطي.
سألها بدون مقدمات:

"وش فيك؟"

ردّت بهدوء:

"دوخة بسيطة، ما أكلت من الصباح."

رمش بعينه، كأنه يحاول يخفي توتره.

"ليش ما أكلتي؟"

قالت وهي تتكئ على طرف الكنبة:

"يمكن لأن اللي معي في البيت… ما يخلّي الوحدة تشتهي شي."

جلس قدامها، قرب شوي، نظر لها بنظرة غريبة…
مزيج بين قلق، وشي ثاني… ممكن يكون خوف.
أو يمكن، حب.

قال بصوت منخفض:

"أنا مو قاسي عليكِ… أنا قاسي على نفسي."

رفعت عيونها، نظرت له طويــــل، وقالت:

"طيب… أنا وش ذنبي؟
أنا وش ذنبي أطيح في واحد قلبه فيه حرب،
وأنا ما عادني أبي أكون جندي فيها."

سكت.
السكوت اللي يوجع أكثر من الكلام.


طلعت لغرفتها، وقلبها ثقيل، وعينها مشبعة.
مو من التعب…
لكن من الانتظار.

كانت تبغى كلمة.
بس هو حتى الحين… يهمس، ما يتكلم.


في آخر الليل…
دخل غرفته بهدوء،
لقاها نايمة، لكن تنفّسها متقطع… وكأنها كانت تبكي.

وقف عند طرف السرير،
جلس بهدوء على الكرسي، ومسك الغترة بيده…
وصار يطالع فيها بصمت.

"وشلون قدرت توصلي لهالعمق فيني؟
وأنا طول عمري أحط جدار بيني وبين الكل؟
وشلون صرتي نقطة ضعفي… وأنا مو حتى متأكد متى بدأت أحبك؟"

قالها داخل نفسه،
ولا قدر يهمس فيها بصوت.
كل اللي قدر عليه… إنه يطالع فيها،
ويحس إن قلبه صار مربوط بأنفاسها.

وقبل يطلع، همس همسة حقيقية، خفيفة، ما سمعها غير الجدار:

"لو تدرين وش كثر أحبك…
يمكن تسامحين كل هالخذلان اللي بدا مني."

وطلع.


في الصباح، صحّت وهي ما لقت له أثر، بس…
على طاولة التسريحة، كان فيه كرت صغير.
كرت ما عليه إلا كلمتين:

"لا تنهينّا، قبل أبدأ."
— فارس


 

✦ الفصل الثامن ✦

"أبيك تفهم شي… أنا مو مثلها، ولا يوم كنت."

من يوم ما قرت الكرت، وهي تحس بشي يتحرك داخلها،
كأن فارس — أخيرًا — فتح باب صغير لقلبه، وقال: "ادخلي، بس شوي شوي."

تجهزت، نزلت الفطور، وكان هو ينتظرها…
بثوبه، وكوب قهوته، وعيونه اللي ما قد شافتها تناظرها كذا من قبل.

جلسوا، ما تكلموا كثير… بس العيون قالت كثير.

قطع الصمت وسألها:

"عندك شي اليوم؟"

قالت وهي تحط له قطعة خبز:

"ما خططت لشي."

قال بهدوء:

"أفكر نطلع سوا… مكان بعيد، بس أنا وأنت."

رفعت عيونها، وفي نظرتها دهشة:

"فارس... أنت متأكد؟"

ابتسم بخفة، وقال:

"لو ما كنت متأكد... ما عطيتك الكرت."


طاح الحذر، شوي شوي،
وطلعت معه… أول مرة يطلع معها وهو "هو"، مو الضابط، ولا الرجل الجاف…
بس فارس، اللي يلتفت لها في الإشارة، ويعدل الستارة عشان الشمس ما تزعجها،
اللي يسمع صوتها وهي تغني بصوت واطي، وما يعلق… بس يبتسم.

وصلوا استراحة نائية، في البر،
جلسوا قدام نار هادية، وفنجان قهوة ينعكس على ملامحهم.

قالت بهدوء:

"فارس… أنا أحبك، وإيه، يمكن هالشي خلاك تنفر مني بالبداية،
بس أبيك تفهم شي…
أنا مو مثلها، ولا يوم كنت."

التفت لها، وقال بصوت متردد:

"هي… علمتني إن الحب ضعف،
إن المرأة إذا حبت تبتز، وتكسر، وتتركك بدون سبب…
خلّتني أكره حتى نفسي وقتها."

قالت بحنان ما فيه حكم، بس فيه وضوح:

"أنا ما جيتك أداويك،
ولا جيت أبدّلها،
أنا جيتك أبيك… بكلك.
بوجعك، وخوفك، وكبرياءك… بس بشرط،
لا تعاقبني بجرح مو جرحي."

طالعها بنظرة طويلة، وقال:

"أنا… ما بعد قلتها.
ما قلت إني أحبك، بس قلبي يصرخها…
كل ليلة، كل لحظة تمر،
وكل مرّة تروحين عني… أحس فيني شي ينقص."

سكت…
وكأن الكلمة ثقيلة، لكن صادقة.

ثم بصوت مكسور:

"العنود… أنا أحبك."


هي ما ردّت…
بس ابتسمت، والدمعة في عينها، وقالت:

"وأنا من زمان أحبك…
بس الحين، بديت أحبك وأنت تحبني…
وهذا اللي كان ناقصني."


وفي لحظة هدوء، جلسوا سوا،
صوت النار يشتعل، والهواء يبرد…
لكن دفء قلوبهم كان أقوى من أي برد،
ولأول مرة، فارس ما خاف
ما خاف يحب، ولا خاف ينكسر،
لأنه عرف…
العنود ما تجي تكسر، هي تجي تمسكك إذا كنت على وشك تنهار.


✦ الفصل التاسع ✦

"الحب مش لعبة... لا تكون مثل اللي خسرته."

الهدوء اللي بينهما كان سحري.
لكن كانت هناك تساؤلات ترفض أن تنام في زوايا قلب فارس، أشياء ما قدر يواجهها بعد، أشياء تهدد كل خطوة كان يحاول فيها الاقتراب من العنود.

وفي أحد الأيام، بينما كانا في السيارة، كانت العنود تستمتع بالموسيقى الخفيفة التي كانت تعزف في الخلفية،
فجأة قال لها بصوت مائل للحزن:

"عنود، أنا خايف."

نظرت له، وعينها مليئة بالدهشة، وقالت:

"خايف من إيش؟"

تنفس بعمق، وكأنما يثقل حديثه، ثم قال:

"خايف… إذا عشقتك أكثر، يصير شيء يعكر صفو هذا الشعور.
أنا خايف من الماضي.
من الخيانة، من الألم اللي عشته،
من الأذى اللي جاني وأنا أحب."

قالت بهدوء وهي تلمس يده بلطف:

"فارس، الماضي مهما كان مؤلم،
ما يجب أن يكون هو حاكم المستقبل.
إحنا اليوم مع بعض،
وإذا كنت خايف من شيء، خلي ذلك الخوف عني.
الحب مش لعبة، ولا مجرد ذكرى،
الحب قرارات.
وإذا كنت ما لقيت معك الجرح، خلنا نلملمه مع بعض."

توقف، وحس بكلماتها تخرق جدران قلبه.
كان على وشك أن يجيب، ولكن لم يستطع.


مرت الأيام، وبات فارس يقاوم نفسه، يقاوم مشاعره، يقاوم الاقتراب،
ولكن العنود كانت أكثر صبرًا.
كانت تراهن على الصدق الذي بدأ يظهر في عينيه،
وتدرك أنه كلما اقترب منها،
كلما أصعب عليه أن يهرب.

في ليلة، بعد يوم طويل من العمل، عاد إلى المنزل ليجد العنود جالسة في الصالة،
تنظم الكتب على الرف، ولكن عيونها كانت موجهة للباب.

جلس في المقعد المقابل لها، وقال بصوت هادئ:

"عنود، أنا ما أقدر أهرب من مشاعري.
يمكن ما أقدر أقولها، لكن قلبي يعترف بشي واحد…
أنا أحبك."

قلبها توقف عن الخفقان للحظة،
ثم ابتسمت بحب، وقالت:

"وأنا بعد أحبك،
وأنا ما كنت في حاجة لسماع كلمة منك،
لأني كنت أعيشها مع كل لحظة، مع كل نظرة، مع كل لمسة."

وقفت أمامه، وجلست على طرف المقعد بجانبه،
وقالت بابتسامة خفيفة:

"لكن، فارس…
إذا كنت تحبني بصدق،
ما راح تخاف من شيء.
اللي خسرته ما راح يرجع،
والماضي مهما كان قاسي، ما بيأخذني منك."


توقف في مكانه، وكأن الكلمات ثقيلة على لسانه،
لكن العنود كانت تعرف، أن فارس يحتاج الوقت،
لكنها كانت تؤمن بأن قلبه سيقع في النهاية.

"أعرف إنك ما راح تتغير بين يوم وليلة،
لكن… ودي لو تفهم إننا نستحق هذا الحب.
لا تظن إنك أكبر من الألم،
أنت أكبر من كل شيء،
لكن معايا، ما راح تظل لوحدك."

نظر لها، وقال في نفسه:
"إذا كان الحب يعني أن أكون معها… فأنا على استعداد لأتحدى كل شيء."

ثم همس بصوت غير واضح:

"أنتِ فزعتيني، العنود.
بس، أنا جاهز أبدأ من جديد.
معاك، ومع هذا الحب."


 

✦ الفصل العاشر ✦

"أنت مش مجرد فارس… أنت كل العالم."

الأيام التي تلت كانت كحلم طويل، يزداد وضوحًا مع كل لحظة يقضيانها سويًا.
فارس والعنود، أصبحا شيئًا واحدًا، تكاملوا بشكل لم يكن يتوقعه أحد.
هو صار يشوف الدنيا بعينها، وهي بدأت ترى في عينيه أشياء ما كانت لتكتشفها لولا صبرها وحبها.

لكن كانت الحياة تضع لهما اختبارًا جديدًا.
حالة غريبة من القلق بدأت تتسلل إلى قلب فارس، لأنه شعر فجأة بأنه أصبح على المحك.
الحديث الذي دار بينهما في الأيام الأخيرة، بدأ يؤثر عليه بشكل أكبر، وزادت حيرته… هل هو فعلاً مستعد للعيش في ظل حبٍ كامل، دون أن يخشى المستقبل؟

في إحدى الليالي، بينما كان يجلس في الشرفة، يراقب السماء المظلمة، اقتربت منه العنود، وقالت بصوت هاديء:

"فارس، وش فيك؟"

نظر إليها، وكان وجهه يحمل غيمة من التوتر، فقال:

"عنود، أنا خايف.
كل شيء بدأ يصير... مثالي، لكن خوفي إنك تتعبين مني.
أنا ما كنت دايمًا جيد في الحب.
يمكن بعد ما يصير فينا شيء، تكرهينني."

جلست بجانبه، وأخذت يده بين يديها، وقالت بلطف:

"وأنت ليش دائمًا تعتقد إنك لازم تكون أكثر من مجرد إنسان؟
أنا ما أبيك فارس اللي في خيالاتك… أنا أبيك أنت.
أنت مش مجرد فارس…
أنت كل العالم بالنسبة لي."

حس بكلماتها تتسلل إلى قلبه، تشفي جراحًا كان يظن أنها مستحيلة العلاج.
كان يخشى أن يفقد هذه السعادة، رغم أنه لم يكن يملك شيئًا حقيقيًا غير الحب الذي جمعهما.

فارس:

"بس أنا… خايف من الماضي."

العنود:

"الماضي لازم يتوقف عند حدود ذكرياته،
وأنت اليوم معاي، ومستقبلنا إحنا من نكتبه.
أنت أكبر من أي خوف، وأنا معك."

ثم أضافت بابتسامة هادئة:

"والحياة معاك ما راح تكون خالية من العثرات،
لكنها أكيد راح تكون معك، وأنت اللي يسوى كل شيء."

احتضنها بصدق لأول مرة،
وأحس بمشاعر ما قد عاشها من قبل…
مشاعر تنبض بالأمل، وبالحياة، وبالطموح.

وفي تلك اللحظة، لم يعد هناك مكان للخوف.
فقد أدرك فارس أن الحب مع العنود هو الحياة التي كان يبحث عنها طيلة سنواته، وأنه أخيرًا وجد ما يستحقه.


مع مرور الأيام،
كانت العلاقة بينهما تتطور، وكل يوم يصبح أقوى.
ولكن، كان يجب عليه أن يواجه أصعب اختبار في حياته:
هل هو مستعد لبناء مستقبل مع العنود بعيدًا عن ماضيه المؤلم؟
هل يمكنه أن يكون الرجل الذي تستحقه؟

العنود، بنضجها وحبها، كانت عارفة أن فارس يحتاج للوقت،
لكنها كانت مستعدة.
لأنها كانت تعرف شيئًا واحدًا،
هو أن الحب اللي بينهما أكثر من كافي لخلق مستقبلهما معًا.


✦ الفصل الحادي عشر ✦

"ماضيك ما بيحدد مستقبلي، ولا حتى قدرتك على الحب."

مرت أسابيع، ورغم التقارب الكبير بينهما،
إلا أن فارس كان يشعر أن هناك ثقلًا ما يزال يطوق قلبه.
ذلك الماضي المؤلم الذي جعل منه رجلاً قاسيًا، يخشى الضعف في الحب.
لكن العنود، كانت تعرف ذلك جيدًا، وكانت تعرف كيف تُعامل قلبه بحذر، وكيف تبني معه جسرًا بين الماضي والمستقبل.

في إحدى الأمسيات، بينما كانا يتناولان العشاء معًا، قطع صمت الجلسة بصوت منخفض جدًا، يشوبه التردد:

"العنود، أنا محتاج أكون صريح معك."

نظرت له، وكان في عينيه شيء غير معتاد، وكأن الكلمات التي كان سيقولها ثقيلة عليه، لكن في نفس الوقت، كان لا يستطيع البقاء صامتًا أكثر.

العنود:

"قولي كل شيء، فارس.
أنا هنا علشان أسمعك، ما في شيء بينا يستحق أن نخفيه."

حاول أن يبتلع الكلمات التي كانت تشتعل في صدره،
ثم قال:

"أنا خايف إن الماضي يعود لي،
إنه يسيطر علي مرة ثانية.
خايف… أني ما أقدر أكون الرجل اللي تستحقينه.
خايف من… من نفس الأخطاء."

ثم توقف، وعينيه كانت تبحث في عينيها عن إجابة أو حتى راحة.
العنود، بشجاعتها المعتادة، أخذت يده وابتسمت بهدوء، قائلة:

"ماضيك ما بيحدد مستقبلي، ولا حتى قدرتك على الحب.
أنت مش مثلهم.
أنا معك لأنك فارس، الرجل اللي أنا أستحقه،
ما لأنك حامل هموم غيرك."

تنهّد بعمق، لكنه شعر بشيء بدأ يخفف من خوفه.
عنود كانت هناك، تحاول أن تراه بما هو عليه، دون مقارنات، دون حواجز.

ثم سكت قليلاً، قبل أن يعيد النظر في حديثه، قائلاً:

"عنود، معك، بدأت أحس إني أقدر أكون أفضل.
أقدر أكون معك،
لكن الخوف بعده يسيطر علي أحيانًا."

العنود:

"الخوف جزء من حياتنا، لكن ما لازم يكون هو القائد.
أنت اختار إنك تكون الرجل اللي تحلم فيه.
وأنا هنا، معاك، مش ضدك."

فارس، مع كل كلمة منها، بدأ يشعر أن الخوف لم يعد له مكان.
كلما اقترب منها أكثر، كلما شعر أنه يتخلص من كوابيسه القديمة.
لكن هناك شيء آخر كان يقف في طريقه… لم يكن مستعدًا بعد للاعتراف بحقيقة واحدة.

ثم همس بصوت خافت:

"أنا… بحبك، العنود.
بشكل ما كنت أتوقعه.
أنا… مستعد أكون الرجل اللي تستحقينه. بس، أحتاج وقت."

ابتسمت بحنان، وغمزت له، ثم قالت:

"أنت مش لوحدك، فارس.
أنا معاك، ما دامنا في نفس الاتجاه."


بعد تلك الليلة، بدأ فارس يعيد تقييم مشاعره بشكل أعمق.
فكر في اللحظات التي مرّت بينهما، وكيف تغيرت نظرته للأشياء.
العنود، تلك الفتاة التي دخلت حياته بسلامها الداخلي وحبها الصادق،
كانت هي التغيير الذي يحتاجه.
وتدريجيًا، بدأ ينفتح أمامها أكثر، ويترك ماضيه ورائه.

ثم جاء اليوم الذي قرر فيه فارس أخيرًا أن يواجه أكبر مخاوفه:
هل يستطيع أن يحب دون الخوف من الخيانة؟
هل يستطيع أن يثق في المرأة التي اختارها قلبه، دون أن يحمل وزر الماضي؟

في لحظة عفوية، وقف أمامها، وأخذ يديها، وقال بصوت خفيض ولكن مؤثر:

"أنا ما كنت أعرف كيف أكون معك… لكن الحين، أنا واثق.
أنا أحبك، وأنت تستحقين مني كل شيء… حتى لو كنت خائف."

قالت بابتسامة واسعة، تحمل كل الحب في الدنيا:

"ما في شيء يخوفنا، ما دامنا سويًا."


ولكن، في اللحظة التي ظن فيها فارس أنه بدأ يهدأ ويطمئن، كانت المفاجأة التي قد تغيّر كل شيء على الأبواب.
هل ستكون هذه النهاية السعيدة التي يتمنى لها كلاهما؟
أم أن هناك تحديات أكبر ستواجههم؟


✦ الفصل الثاني عشر ✦

"أحيانًا، الحقيقة تُخفي أكثر مما تكشف."

مرت الأيام وكأنها نسجت خيوطًا من الأمل بين فارس والعنود.
في بداية هذا الفصل من حياتهما، كان كل شيء يبدو هادئًا، ومستقبلهم يبدو مشرقًا معًا.
لكن، وكما هي عادة الحياة، لم تدم الأوقات الهادئة طويلاً.

في أحد الأيام، كان فارس في مكتبه بالشرطة، يعمل بجد على ملف جديد، عندما دخل عليه زميله في العمل، عبد الله،
وبيده ورقة يبدو أنها كانت محورية.

"يا فارس، في شي قديم يخصك."

نظر إليه فارس بقلق، ولكن عبد الله أكمل دون أن يعطيه فرصة للسؤال:

"الملف هذا من طلاقك الأول، فيه تفاصيل جديدة.
ما كنت ناوي أقول لك، بس لازم تعرف."

فارس شعر بأن قلبه توقف، كانت تلك اللحظة التي كان يخشى قدومها.
ذكريات الطلاق، خيانة زوجته السابقة، كل الجروح القديمة بدأت تتفتح.

"وش فيه؟"

قال عبد الله بصوت منخفض، وكأنما يدرك حجم الصدمة التي سيصيبها:

"الزوجة السابقة كانت مرتبطة بعلاقة مع شخص آخر خلال فترة زواجكم.
والغريب أن الشخص هذا كان... أحد معارفك المقربين في العمل."

كل كلمة كانت تخرج من فم عبد الله كانت تزداد ثقلاً على قلب فارس.
فجأة، وجد نفسه يعود إلى تلك الأيام المظلمة، أيام الخيانة والألم.

لكن قبل أن يستطيع الرد، قال عبد الله بصوت هادئ:

"أنا عارف إن هذا شيء صعب عليك، لكن حبيت أقولك، لأنه يتعلق بحياتك الجديدة."

في تلك اللحظة، كان فارس يشعر كأن الأرض تحت قدميه بدأت تهتز.
لقد ظن أنه قد ترك الماضي خلفه، لكن الحقيقة جاءت لتقلب كل شيء.


في نفس الوقت، كانت العنود تشعر بشيء غير مريح،
وذلك الإحساس الذي بدأ ينتابها حين لاحظت التغييرات على فارس في الأيام الأخيرة.
لم يكن يتحدث معها كما كان يفعل، وكان دائمًا مشغولًا، عينيه مليئة بالقلق، وكأن هناك شيء يثقل قلبه.

في تلك الليلة، قررت أن تكون صريحة معه.

"فارس، في شيء مو طبيعي.
ممكن تخبرني؟"

نظر إليها وهو يحاول إخفاء توتره، لكنه كان يعلم أنها تعرفه جيدًا.

"العنود، في شيء ماضي قديم.
أنا… ما كنت أعرف كيف أقول لك عنه، بس لازم تعرفي."

أخذ نفسًا عميقًا، ثم أخبرها بما سمعه من عبد الله عن الخيانة السابقة،
وعن الشخص الذي كان مرتبطًا بزوجته الأولى.
قال وهو يبتلع الحروف بصعوبة:

"أنا خايف. خايف أني إذا أخبرتك بكل شيء، أنتي بعد تبتعدين عني.
بس ما أقدر أخبي عنك أكثر."

العنود نظرت له بتركيز، ثم قالت بلطف وحزم:

"فارس، ماضيك مش معاي.
أنا معاك عشانك، مش عشان ماضيك.
إنت انسان جديد، وأنا أحبك اليوم، مش أمس."

ولكن كان في عينيها شيء آخر… خوف.
لم يكن خوفًا من أن تبتعد عنه، بل خوفًا من أن تكون هذه الحقيقة أكبر من أن يحتملها فارس.


في الأيام التالية، أصبح فارس أكثر عزلة.
كان يواجه نفسه، يحاول أن يتعامل مع مشاعره بشكل مختلف، ولكن كلما حاول النسيان، ظهرت له تذكارات من الماضي.

العنود كانت بجانبه، تحاول أن تكون قوة إيجابية له،
لكنها كانت ترى الحزن في عينيه، وتعرف أن هذا الجرح أعمق مما كان يظنه.

ثم في أحد الأيام، قرر فارس أن يواجه هذا الماضي بشكل كامل،
ويعيد ترتيب كل شيء.
استدعى الشخص الذي كان على علاقة مع زوجته السابقة، وطلب منه أن يواجهه، وأن يضع حدًا لكل شيء.

كانت تلك اللحظة التي قرر فيها فارس أن لا يترك شيئًا يعيقه في المضي قدمًا مع العنود.
لكن هل سيكون قادرًا على تجاوز هذا الماضي المظلم؟
هل ستكون العنود إلى جانبه، أم ستكتشف أن الحقيقة أكبر من أن تتحملها؟


✦ الفصل الثالث عشر ✦

"في وجه الحقيقة، يكتشف الإنسان ما هو أقوى: ماضيه أم حاضره."

في تلك الليلة، قرر فارس أن يواجه أعظم مخاوفه.
لم يكن يتوقع أن يتطلب الأمر جهدًا أكبر من مجرد مواجهة حقيقة قديمة، بل كان يعلم في أعماقه أنه سيحتاج لإثبات شيء لنفسه قبل أن يثبت للآخرين.

حضر إلى المكان الذي اختاره لملاقاة الرجل الذي كان على علاقة مع زوجته السابقة.
وكان قلبه يخفق بشدة، فالمواجهة هذه لم تكن مجرد مواجهة مع شخص آخر، بل كانت مواجهة مع نفسه.

كان المكان مظلمًا، فقط أضواء الشارع تتسرب من خلال النوافذ.
دخل فارس إلى الغرفة بحذر، حيث كان الشخص الآخر ينتظره.
وكانت تلك اللحظة مليئة بالتوتر.

الرجل الذي كان على علاقة مع زوجته السابقة نظر إلى فارس، وقال بصوت هادئ:

"ما الذي تريده مني؟"

فارس نظر إليه مباشرة، ولم يخفِ مشاعره:

"أريد منك أن تقول لي الحقيقة، كلها.
لماذا فعلت ذلك؟ لماذا خنتني مع زوجتي؟"

كانت الكلمات قاسية، لكنها كانت ضرورية.
الرجل نظر إليه للحظة، ثم قال بصوت بارد:

"كنت مجرد عابر، فارس.
لكن هي كانت تبحث عن شيء ما لم تجده فيك.
كنت بالنسبة لها… مجرد مرحلة."

تلك الكلمات كانت كالصاعقة.
لقد فجر ذلك الجرح الذي كان يعتقد أنه شفي.
فارس شعر بالغضب الشديد، ولكن في الوقت ذاته، شعر بشيء من الراحة.
أخيرًا، عرف الحقيقة كاملة، وأصبح مستعدًا لترك الماضي وراءه.


في تلك الأثناء، كانت العنود في المنزل، تتأمل الوضع.
لقد شعرت بشيء غريب في تلك الأيام الأخيرة، وكأن فارس كان يخفي عنها شيئًا مهمًا.
لكنها قررت أن تكون صبورة، وأن تتركه يواجه ماضيه بطريقته الخاصة.

وفي تلك الليلة، عندما عاد فارس إلى المنزل، كان وجهه يحمل تعبيرًا مختلفًا.
لم يكن الوجه الذي اعتادت أن تراه.
كان هناك شيء في عينيه يبدو وكأن العاصفة قد مرّت، لكن شيئًا آخر كان قد تغير أيضًا.
كان قلبه أخيرًا قد بدأ في الشفاء.

اقترب منها، وقال بصوت هادئ:

"العنود، كان لازم أواجهه.
ولا بعد الآن في شيء ممكن يخوفني.
أنا معاك، فقط معاك."

العنود، رغم شعورها بالخوف من أن الماضي سيظل يطاردهما، ابتسمت وقالت بصوت رقيق:

"وإنت معايا، فارس.
أنت هنا، ولا شيء في الدنيا يهمني بعد اليوم.
إحنا أقوى من أي شيء مرّ علينا."

ثم أخذت يده ووضعتها على قلبها، وأضافت:

"هذا مكانك، هنا، معايا، وفي قلبي."

كان لحظات من الصمت، لكن هذا الصمت كان مليئًا بالكثير من الكلمات التي لم يُحتج إلى أن تُقال.
كان فارس يشعر في أعماقه أنه أخيرًا أصبح الرجل الذي كان يتمنى أن يكونه.


في الأيام التالية، كان فارس والعنود يواجهان الحياة بحبٍّ مختلف.
كان الحب بينهما قد نضج، وتحول إلى قوة لا يمكن لأي شيء أن يوقفها.

ومع مرور الوقت، بدأت العنود تظهر أعمق مشاعرها تجاه فارس،
وكأنها كانت تكتشف شيئًا جديدًا فيه مع كل يوم.
كانت تدرك تمامًا أن العلاقة التي تجمعهما أكبر من مجرد حب عادي، بل هي علاقة بناء،
حيث يجد كل منهما الآخر في أعمق تفاصيله.

أما فارس، فقد أصبح يدرك أخيرًا أن الحب ليس فقط مشاعر،
بل هو اختيار، وهو القوة التي تداوي الجروح.
وأصبح أكثر استعدادًا لتقديم كل شيء للعلاقة مع العنود،
ولم يعد يخشى من أن يترك الماضي يحدد مستقبله.

لكن الحياة كانت ما تزال تخبئ لهما اختبارًا جديدًا،
هل يمكن للحب أن يصمد في وجه المستقبل الذي لا يعرفونه؟
هل ستظل الحقيقة بينهما حجر عثرة، أم ستكون القوة التي تدفعهما للأمام؟


✦ الفصل الرابع عشر ✦

"الحب ليس فقط عن النقاء، بل عن العزيمة في مواجهة الصعاب."

مرت أسابيع أخرى، وكان فارس والعنود يعيشان معًا حياة مليئة بالحب والتفاهم.
بدأت العنود ترى أن فارس قد تغير بشكل جذري، أصبح أكثر انفتاحًا، أكثر اهتمامًا بها، وأكثر استعدادًا للتعامل مع الماضي.
ورغم أن العلاقة بينهما كانت تتحسن، إلا أن الحقيقة كانت لا تزال تخيم على حياته، وكانت تتربص بهما في الزوايا الظليلة.

في أحد الأيام، بينما كان فارس يستعد للخروج من المنزل، دخلت العنود عليه في الغرفة وقالت:

"فارس، في شيء يزعجني.
في شخص كان هنا أمس… سأل عنك.
كان يحاول يعرف تفاصيل عن حياتك."

ارتبك فارس قليلاً، وسألها:

"مين هو؟
وش قال بالضبط؟"

قالت العنود بتوجس:

"كان يشكّل جزءًا من الماضي، ويعرف عنك الكثير.
لكن ما فهمت إذا كان هو شخص عادي أو إذا كان يريد شيء منك."

فارس شعر بشيء من القلق، ولكنه حاول تهدئة نفسه.

"العنود، يمكن يكون شخصًا من شغل، لا تشيلي هم.
أنتِ عارفه مو كل شيء ممكن يكون مرتبط في الماضي."

ولكن، في قرارة نفسه، كان يعلم أن هذه المفاجآت لن تتوقف عند هذا الحد.


في اليوم التالي، كان فارس يتأمل في كل ما يحدث حوله.
تلك الزيارة الغامضة تركت له شعورًا بعدم الراحة.
كان يدرك أن ماضيه لن يتركه في حاله بسهولة، خصوصًا مع ظهور الأشخاص الذين كانوا مرتبطين بفترة ظلامية في حياته.

في تلك اللحظة، قرر أن يقابل هذا الشخص بنفسه ليضع حدًا لأي شكوك قد تساوره أو تساور العنود.

عندما وصل إلى المكتب في اليوم التالي، دخل إلى الغرفة المظلمة التي كان يراها مكانًا مهجورًا.
في الداخل كان يقف الرجل الذي كانت العنود قد أخبرته عنه، وكان يحمل نظرة غريبة في عينيه، كأن لديه شيئًا يريد قوله، ولكن لا يريد أن يبوح به.

"أنت…؟" قال فارس بصوت هادئ ولكن حازم.

رد الرجل، وهو يبتسم ابتسامة مغلفة بالأسرار:

"أنا، يا فارس، جاي علشان أسألك إذا كنت قادر تواجه الماضي.
أنا الشخص اللي كان مع زوجتك السابقة.
جاي علشان أقول لك الحقيقة كاملة."

فارس شعر بصدمة، ولكن لم يكن لديه مجال للهروب.

"إذا كنت جاي علشان تحكي عن الماضي، فاللي في قلبك أنا أعرفه.
لكن اللي مش عارفه هو ليش ترجع اليوم، ليش فجأة تكون موجود في حياتي؟"

الرجل نظر إليه بعينين باردتين، وقال:

"ببساطة، فارس، عشان الماضي يعيد نفسه.
المرأة اللي تركتها كانت تظن إنك ما تعرف حقائق عنها،
لكن الحقيقة أني كنت جزءًا من اللعبة.
وأنا هنا علشان أكون صريح معك."

فارس شعر بالقهر والغضب، ولكن كان يعلم أن هذه هي الحقيقة التي كان يخشاها.
هل سيستطيع أن يتعامل مع هذا الشخص الذي كان جزءًا من أكبر جرح في حياته؟


في تلك اللحظات الصعبة، كانت العنود تشعر أن شيئًا ما كان يحدث،
وأن هناك أشياء كانت تُخفى عنها.
كان قلبها يشدها للقلق، لكنها قررت أن تثق في فارس مهما كانت الحقائق التي ستظهر.

عندما عاد فارس إلى المنزل في تلك الليلة، كانت العنود تنتظره، وعينيها مليئة بالأسئلة.

"فارس، في شيء حصل؟
كنت أعرف إنك مش مرتاح من اللي صار،
وكنت حاسة فيك إنك مش عايش بسلام."

تأمل فيها فارس للحظة، ثم قال:

"العنود، الحقيقة أكبر من أي شيء يمكن أن أتخيله.
اللي في الماضي مش حاجة نقدر نهرب منها.
لكني قررت أواجهها… علشانك أنت."

كانت العنود متفهمة جدًا، ولكنها في نفس الوقت كانت تعرف أن هذا الصراع الداخلي الذي يعاني منه فارس يحتاج وقتًا طويلًا حتى يشفى.

ثم قالت بصوت حاني:

"وأنا معك يا فارس.
أنا معك مهما كان."

فارس نظر إليها، وأحس بشيء مختلف في قلبه.
لقد شعر أنها السبب في شجاعته اليوم.
هي السبب الذي دفعه لمواجهة ماضيه بشكل كامل،
وهي السبب الذي سيجعله يواصل السير قدمًا، مهما كانت الحقيقة مرة.


ولكن، كما كانت الحقيقة مؤلمة، كانت أيضًا بداية جديدة.
فارس والعنود كانا على وشك اكتشاف قوة جديدة في علاقتهم،
وهي قوة التغلب على الماضي معًا، بلا خوف، وبلا كذب.

لكن هل ستكون هذه هي البداية الحقيقية؟
أم أن هناك المزيد من المفاجآت التي تنتظرهم في الطريق؟

قبل أن تتابع القراءة يجب أن تعلم أن جميع الحقوق محفوظة لموقعنا a7mmr.net أي نسخ أو اقتباس من الرواية يضعك تحت طائلة القانون، يمكنك نشر الرواية من خلال ارسال الرابط الإلكتروني إلى صديق أو من خلال نشر الرابط الإلكتروني على منصات التواصل الإجتماعي،  لكن النسخ ممنوع وسنقاضي كل من يقوم بسخ الرواية، أو أي جزء منها.

✦ الفصل الخامس عشر ✦

"الحب في مواجهة الحقيقة... كيف نواجه ما لا نريد رؤيته؟"

في اليوم الذي تلى تلك المواجهة القاسية مع الرجل من ماضيه، كان فارس يشعر بشيء مختلف.
رغم أن الماضي كان مؤلمًا، إلا أن هناك شعورًا بالتحرر، كأن عبئًا ثقيلًا قد أُزيل عن كاهله.
لكن في الوقت ذاته، كان يعرف أن هذه الحقيقة لن تكون سهلة التعامل معها، خاصة مع العنود.

العنود كانت تشعر بشيء غريب، هناك شيء في عين فارس كان يعبر عن الكثير من الألم، ولكنها لم تجد الفرصة الكافية لتسأله عن تفاصيل ذلك اليوم.
كل ما كانت تريده هو أن يبتعدا معًا عن هذا الماضي ويشتركا في بناء حياة جديدة.

في تلك الليلة، وبعد يوم طويل من العمل، قرر فارس أن يتحدث مع العنود عن كل شيء، دون أي أسرار.
كان يعلم أن ما يجمعهما الآن هو الشجاعة والإرادة المشتركة، وأنه لا يستطيع أن يتحمل بعد الآن هذا التوتر بينهما.

جلسوا معًا على الأريكة، وكانت العنود تراقب تعابير وجهه بهدوء.
فارس نظر إليها ثم قال بصوت منخفض:

"العنود، في شيء ما أقدر أخبيه عنك أكثر.
كل هذه السنوات كانت مليئة بالأسرار والألم.
لكن اليوم، أريد أن أكون صريح معك في كل شيء."

العنود شعرت بشيء ثقيل في قلبها، ولكنها تماسكت وابتسمت قائلة:

"فارس، مهما كان، أنا معك.
أنا معك في كل شيء، في الحلو والمر."

ثم بدأ فارس في سرد كل تفاصيل ما حدث مع زوجته السابقة، وكيف كانت العلاقة مليئة بالخيانة والجرح.
لم يكن هناك شيء مهم لم يخبرها به.
قال بصوت مليء بالمرارة:

"ما كنت أعتقد أنني سأقع في هذا المأزق مرة أخرى، ولكن الحقيقة أنني كنت أعيش في الماضي، وأنتِ الآن جزء من مستقبلي.
أنا أريد أن أعيش معك، وأن أبني حياتنا من جديد."

العنود كانت تستمع إليه بحذر، وكان قلبها يتنهد مع كل كلمة يقولها.
لكنها في الوقت ذاته كانت تعلم أن الماضي لا يمكن أن يُمحى، ولكن الحب يمكنه أن يداوي الجروح.

ابتسمت وقالت:

"أنت الآن هنا، ومعي، وهذا هو كل ما يهمني.
الحقيقة مؤلمة، لكن الحب هو ما يجمعنا."

ثم اقتربت منه، وأخذت يده بلطف.
كانت تلك اللمسة كافية لتمنحه شعورًا بالأمان الذي كان بحاجة إليه.
وكأن هذه اللحظة كانت بداية جديدة، بداية لتجاوز الجراح.


ومع مرور الأيام، أصبحت العلاقة بين فارس والعنود أكثر صلابة.
كانت العنود تراقب كل حركة له، وكل تغيير في مشاعره.
لكنها كانت تعلم أن الأمور لن تسير دائمًا كما تريد، وأن التحديات ستستمر في الظهور.

وفي أحد الأيام، بينما كان فارس يتحدث مع أحد زملائه في العمل، جاءته مكالمة غير متوقعة.
كان الرقم غريبًا، وعندما رد، كان الصوت في الجهة الأخرى هو نفسه الشخص الذي كان قد ظهر في حياته مؤخرًا، والذي كان له دور كبير في الماضي.

"أنت في مشكل يا فارس...
اللي حصل بينك وبينها، ما انتهى بعد.
أنت ممكن تكون بدأتها، لكن النهاية؟ النهاية ما تضمنها."

تجمد فارس في مكانه، كان الصوت يحمل تهديدًا واضحًا، وصوت الضحكة الهادئة من الطرف الآخر جعل قلبه ينبض بقوة.

أغلق الهاتف بسرعة، وعيناه مشدودتان في التفكير.
كانت العنود في المطبخ، ولم تكن قد لاحظت ما حدث.

ولكن فارس كان يعرف أن هذه المكالمة لم تكن مجرد تهديد فارغ.
مازال ماضيه يطاردهم، والظلال التي ظن أنها اختفت عادت لتطل برأسها من جديد.


في المساء، قرر أن يواجه العنود بكل شيء.
عندما جلس معها في غرفتهما، قال بصوت جاد:

"العنود، في مشكلة جديدة، وماضيي لسه ما انتهى.
في شخص يرجع يظهر في حياتنا، وعارف كل شيء عنا.
لكن ما راح أخليك في هذا.
أنا وعدت نفسي أني أكون معاك، وما راح أخليك لو مهما صار."

العنود كانت تنظر إليه بتفهم، ولم تتردد في ردها:

"فارس، ماضيك مش شيء يخيفني.
إذا كان هذا الشخص يظن أنه يقدر يهددنا، فهو مخطئ.
إحنا مع بعض، وهذا هو قوتنا.
اللي جاي أكثر أهمية من أي شيء راح."

كانت هذه اللحظة هي نقطة التحول.
هما الآن متيقنان أن ما يواجهانه معًا هو اختبار لمدى قوة حبهما، وقدرتهما على الوقوف في وجه الصعاب.
هل سيستطيعان تجاوز كل هذه التحديات والمضي قدمًا معًا؟ أم أن الظلال القديمة ستظل تطاردهما؟


مع كل خطوة، كان فارس والعنود يكتشفان شيئًا جديدًا عن الحب الحقيقي.
وكلما زادت التحديات، زاد تمسكهما ببعضهما البعض.

هل سيكون حبهما أقوى من كل ما يعترض طريقهما؟
فقط الزمن هو من سيكشف عن الحقيقة.


✦ الفصل السادس عشر ✦

"أحيانًا، يكون الحب هو القوة الوحيدة التي تُبقينا على قيد الحياة في وسط العواصف."

بعد تلك المكالمة المريبة، كان فارس في حالة من التوتر المستمر.
عقله مشغول بالأفكار، قلبه مثقل بمشاعر الخوف والقلق، لكنه كان يعلم شيئًا واحدًا: لن يسمح لأي شيء أن يفرّق بينه وبين العنود.
كان يعلم أن هذا الشخص الذي ظهر في حياته مرة أخرى يحمل نية غير طيبة، وكان يشعر أن تلك العواصف القديمة قد بدأت تعود لتطاردهم.

لكن العنود، التي كانت دائمًا حاضرة بجانبه، لم تسمح له بالانزلاق في بحر من الأفكار المظلمة.
كانت دائمًا تسأله:

"فارس، كل شيء سيكون على ما يرام، بإذن الله.
أنا معك في كل خطوة، وأنت مش لوحدك."

كانت كلماتها دائمًا ما تمنحه الأمل.
على الرغم من ملامح الحزن التي كانت تغطي وجهه أحيانًا، إلا أنها كانت تدرك أن حبهم هو السلاح الوحيد الذي يمكن أن يواجه كل تلك الظلال المظلمة.


في تلك الليلة، قرر فارس أن يواجه الشخص الذي كان يشكل تهديدًا حقيقيًا لحياتهم.
في اليوم التالي، ذهب إلى المكان الذي علم أنه سيلتقي فيه هذا الشخص.
كان فارس يحمل في قلبه عزيمة قوية، ولكنه كان أيضًا في حالة من التردد.
هل سيتصدى لهذا الماضى المظلم؟ أم سيخضع له مجددًا؟

وعندما وصل إلى المكان الذي حددوه للاجتماع، اكتشف أن الشخص الذي كان يتوقعه لم يكن هو نفسه.

كان هناك رجل آخر، يحمل نفس الملامح، نفس النظرة الحادة، لكن هذه المرة كان هنالك شيء مختلف.

"أنت؟" قال فارس وهو ينظر إلى الرجل.

الرجل ابتسم، وقال بصوت منخفض:

"أنا جاي علشان أخبرك بشيء.
اللي في الماضي مش نهاية الحكاية.
الحقيقة أكبر من اللي فكرت فيه."

ثم أضاف:

"زوجتك السابقة، كانت تحاول تبني حياة جديدة، وكل شيء كان تحت السيطرة.
لكن بعض الأشخاص لا يستطيعون الهروب من ماضيهم."

كانت هذه الكلمات كالصاعقة، ورغم أن فارس كان قد استعد لكل شيء، إلا أن هذا التصريح كان يحوي المزيد من الأسرار التي لم يكن يتوقعها.
هل كانت زوجته السابقة بالفعل تحاول الهروب من شيء أعمق؟
وهل كان هو جزءًا من ذلك الهروب؟


في الوقت ذاته، كانت العنود في المنزل، تشعر بشيء غريب.
لم يكن فارس قد عاد بعد، وكانت تمتلئ بالقلق.
لكنه كان قد أخبرها أنه سيواجه بعض الأمور المتعلقة بالعمل، وكان يبدو أنه غارق في أفكار لا يستطيع مشاركتها معها.

فكرت في الاتصال به، ولكنها توقفت.
كانت تعلم أن فارس بحاجة إلى مساحة ليواجه ماضيه.
لكن ما كانت تشعر به في أعماقها هو أن هناك شيء أكبر مما كان يظهر، وأن ذلك الرجل الذي يظهر في حياتهم الآن سيكون له دور أكبر من مجرد تهديد عابر.


عندما عاد فارس إلى المنزل في تلك الليلة، كان يبدو شاحبًا.
كانت العنود تراقب تعابير وجهه، ولكنها لم تقل شيئًا فورًا.
كانت تعلم أن عليه أن يتحدث بنفسه إذا كان جاهزًا.
ثم نظر إليها فارس، وقال بصوت هادئ ولكنه عميق:

"العنود، هذا الشخص اللي كان في الماضي، كان يشكل جزءًا من حياتي المظلمة.
لكن الآن، بدأ يظهر من جديد.
ما كنت أتوقع إنه يهدد حياتنا بهذا الشكل."

العنود اقتربت منه وقالت بصوت حنون:

"أنا معك، فارس.
كل شيء بنواجهه معًا، ما فيه شيء يعكر صفو علاقتنا."

فارس شعر بشيء غريب في قلبه، كان يعتقد أنه سيخفي الحقيقة عنها، لكن في لحظة ما، شعر بشيء آخر، كان يريد أن يواجهها بكل شيء.

"العنود، الحب هو اللي بيننا، لكن الحقيقة أكبر من أي شيء كنت أعتقده.
ما راح أخبي عليك شيء، الماضي يلاحقني، ولكن معك، أنا قادر أواجهه."

العنود ابتسمت بهدوء وقالت:

"أنت ما تحتاج تواجه هذا لوحدك.
أنا معك في كل لحظة.
وبالنهاية، الماضي ما راح يكون أقوى مننا.
نحن معًا، وكل شيء راح يكون بخير."


ولكن رغم الأمل الذي كان ينبع من كلام العنود، كان فارس يشعر بشيء مختلف.
هل سيظل الماضي يلاحقهما؟ وهل سيظلان قادرين على مواجهة ذلك الرجل الذي بدأ يعود إلى حياتهم؟
كان يشك في أن هذه المعركة لن تنتهي قريبًا، لكن كان يعلم شيئًا واحدًا: لن يكون هناك شيء أهم من العنود.

لكن كما كان متوقعًا، ظهرت مفاجأة أخرى في طريقهما، مفاجأة لا يمكن تخيلها.

في اليوم التالي، وصلهم بريد مفاجئ يحتوي على مستندات قديمة، كانت تحمل تفاصيل غير متوقعة عن حياة زوجته السابقة، والأسرار التي كانت تدور حول علاقتها مع ذلك الشخص الذي ظهر في حياتهم مجددًا.

كان فارس يقف مذهولًا أمام تلك الأوراق، وعيناه مليئة بالأسئلة.
هل سيجد الإجابة أخيرًا؟ وهل ستغير هذه الأوراق شيئًا في حياته وحياة العنود؟

✦ الفصل السابع عشر ✦

"في بعض الأحيان، لا يمكنك الهروب من الماضي إلا عندما تتخلى عن الخوف وتواجهه."

فارس كان يحمل الأوراق بين يديه، وتفاصيل تلك الوثائق كانت تُحدث زلزالًا في عقله.
كانت الأوراق تحمل توثيقًا لحياة زوجته السابقة، ومعلومات عن علاقتها مع ذلك الرجل الغامض الذي كان يهدد حياته مع العنود.
لكن ما كان صادمًا في تلك الأوراق، هو حقيقة أن الزوجة السابقة كانت تخفي أسرارًا لم يكن فارس يتخيلها أبدًا.

كان هناك حديث عن علاقات سرية، عن خيانات وتلاعبات في مشاعر فارس، لكن ما أدهشه أكثر هو ارتباط تلك المرأة بشخص آخر كان له دور محوري في حياتها.
كيف لم يرَ كل هذه التفاصيل؟ لماذا لم يشعر بشيء غريب طوال تلك السنوات؟

في تلك اللحظة، أدرك فارس أنه كان يعيش في عالم من الأوهام.
زوجته السابقة لم تكن مجرد خائنة، بل كانت جزءًا من شبكة معقدة من الأكاذيب، وكان فارس نفسه أحد ضحاياها.


حين وصل إلى المنزل في تلك الليلة، كان وجهه شاحبًا، وعيناه مليئتين بالحيرة والقلق.
كانت العنود تنتظره في الصالة، تنظر إليه بشيء من القلق، وعندما رأته في هذا الوضع، لم تستطع أن تكتم تساؤلاتها.

"فارس، في شيء؟
أنت مش زي ما كنت قبل، وكأنك مش عايش في نفس العالم.
قل لي، شصار؟"

فارس ظل صامتًا للحظة، ثم جلس بجانبها على الأريكة، وأخذ نفسًا عميقًا قبل أن يقول بصوت منخفض:

"العنود، في أشياء في الماضي ما كنت أعرفها.
أشياء كانت مخفية عني، وكل شيء الآن صار واضح.
اللي كان يحصل في حياتي مع زوجتي السابقة كان أكبر بكثير من مجرد خيانة."

العنود كانت تراقب ملامحه، وعينها تشعّ بالقلق، لكنها صمتت، تعلم أنه يمر بلحظة صعبة ويحتاج للوقت ليفهم كل شيء.

فارس تابع حديثه:

"الوثائق اللي وصلتني اليوم كشفت عن أسرار كثيرة، عن علاقتها مع شخص آخر كان ليه دور كبير في كل شيء.
الماضي كان مشوه، وأنا كنت عايش في وهم.
لكن اليوم، كل شيء صار واضح."

العنود كانت تفهم أن ما يعانيه فارس ليس مجرد جرح، بل هو صراع داخلي مع الحقيقة التي صدمته.
لكنها كانت متأكدة من شيء واحد: أن حبها له هو من سيساعده على تخطي هذا.

"فارس، الماضي ما راح يكون عقبة بيننا.
أنا هنا معك، وما فيه شيء مهم أكثر من أنك تواجه الحقيقة، ولا تهرب منها."

فارس شعر بشيء من الدفء في قلبه وهو ينظر إلى العنود.
كانت كلماتها تأسر روحه، وكانت تجعله يشعر بأنه ليس وحيدًا في هذا العالم، وأنه لم يكن بحاجة إلى الهروب من ماضيه بعد الآن.

لكن رغم ذلك، كان يعلم أن هذه المعركة لم تنتهِ بعد.
كانت هناك أسئلة لم تجد لها إجابة، وهناك أشخاص ما زالوا في الظلال يراقبون كل خطوة يخطوها.


في اليوم التالي، قرر فارس أن يواجه ذلك الشخص الذي كان يهدد حياتهم.
لم يعد يستطيع تحمل أن يكون ماضيه يتحكم في حاضره ومستقبله.
كان عليه أن يحسم الأمور مرة واحدة وإلى الأبد.

أخذ العنود معه، لأنه كان يعلم أنه لا يمكن أن يواجه هذا التحدي بمفرده بعد كل ما مرّا به معًا.
وذهبا إلى المكان الذي كان يشك أن ذلك الشخص يتواجد فيه.

وعندما التقيا به، كان الرجل ينتظرهم، يبتسم ابتسامة غامضة، كأن له دورًا في النهاية التي ستصل إليها القصة.

"أخيرًا، قررت أن تواجهني، فارس.
أنت مش لوحدك في اللعبة.
وإذا كنت تعتقد أن ماضيك سيتلاشى، فانت مخطئ."

لكن فارس، الذي كان قد مرّ بالكثير من الألم والصراع، كان قد قرر أنه لن يخاف بعد الآن.

"أنا مش خايف منك، ولا من الماضي.
أنت جزء من الماضي، وأنا حاليًا مع العنود،
ومهما حاولت، مافي شيء راح يفرقنا."

ثم التفت إلى العنود، وقال لها:

"العنود، معك، كل شيء سيكون بخير.
أنا الآن مستعد لمواجهة كل شيء.
إنتِ بالنسبة لي أكبر من أي تهديد."

العنود ابتسمت بلطف، وقالت:

"وأنا معك يا فارس، مثل ما كنت دائمًا.
لن يكون هناك شيء أقوى من حبنا."


لكن رغم كل تلك العزيمة، كانت المفاجأة الكبرى هي أن ذلك الرجل، الذي كان مصدر تهديد، لم يكن سوى شخص آخر كان يهدف إلى السيطرة على حياة فارس وعلاقته مع العنود.
وعندما واجهوه، اكتشفوا أن هناك لعبة أكبر وراء كل هذه الأمور، وأن هناك أطرافًا أخرى تحاول زعزعة استقرار حياتهم.

كانت تلك اللحظة حاسمة.
الآن، عرفوا أن ماضيهم لن يتركهم بسهولة، لكن في نفس الوقت، أصبحوا أكثر قوة من أي وقت مضى.

هل سينجح فارس والعنود في مواجهة هذا التحدي الأخير؟
هل سيظل حبهم هو السلاح الذي يعبر بهما إلى بر الأمان؟


✦ الفصل الثامن عشر ✦

"من سيتحكم في مصيرنا؟ الحب أم الخيانة؟"

كان فارس والعنود في السيارة، على الطريق إلى مكان غامض لا يعرفون الكثير عنه.
كانت الأجواء مشحونة بالتوتر، والقلق يسيطر على كليهما.
أدرك فارس أن الحياة لم تكن سهلة أبدًا منذ لحظة دخوله في علاقة مع العنود.
ورغم أن الحب كان قوياً بينهما، إلا أن الماضي لا يريد أن يتركهما، كأن هناك قوة مجهولة تحاول أن تفرق بينهما، وأن تعيد فتح الجروح التي اعتقدا أنهما قد أغلقاها.

العنود كانت تتأمل الطريق، لكن قلبها كان يتسارع بشدة.
لقد عاشا معًا ما يكفي ليعرفا أن الأمور لن تكون سهلة، لكنهما كانا مستعدين لأي شيء من أجل بعضهما البعض.

"فارس، لو كان هناك شيء تريد أن تخبرني به الآن، فأنا هنا."
قالت العنود بصوت هادئ، لكن قلبها كان مليئًا بالحيرة.
كانت تلاحظ الصمت الذي يسيطر عليه، وكانت تعرف أنه يحمل حملاً ثقيلاً، لكنه لن يشاركها به.

فارس نظر إليها، وعينيه مليئة بالتعب.
كان يعلم أن اللحظة التي سيكشف فيها عن كل شيء قد حانت، لكنه كان لا يزال مترددًا في فتح جراحه أمامها.

"العنود، الموضوع أكبر مما تتخيلين.
هناك أطراف تحاول أن تسيطر علينا، تحاول أن تفرق بيننا.
ما ظننا أن الماضي انتهى، كان مجرد بداية لمؤامرة أكبر."

العنود شعرت بكلمات فارس تتسلل إلى أعماق قلبها، وكان عقله يحاول أن يتخيل ما قد يكمن خلف هذه الكلمات.

"إذا كان الأمر كذلك، فكل شيء سيتغير.
لكن نحن معًا، فارس، ولا شيء يمكن أن يفرقنا."
ردت العنود بثقة، كانت كلماتها تحمل الأمل، وكان حبها له هو ما يعطيه القوة لمواصلة.

وصلوا إلى المكان الذي كان يحتوي على الكثير من الأسرار.
كانت هذه اللحظة فارقة في حياتهم، وكانت العنود تشعر أن ما ينتظرهم وراء هذا الباب هو لحظة الحقيقة التي ستحدد مصيرهم.


كان الرجل الذي قابلاه سابقًا في الظلال ينتظرهم في مكان مظلم، وعيناه تبرقان بكراهية وغموض.
قال بصوت هادئ، لكنه يحمل تهديدًا واضحًا:

"كنت أعرف أنك ستصلون إلى هنا في النهاية، فارس.
لكن لا تظن أن الأمور ستنتهي كما تريد.
هناك من يراقبكم في كل خطوة، وأنتم مجرد بيادق في لعبة أكبر بكثير منكم."

فارس وقف بثبات وقال بصوت قوي:

"لن أسمح لأحد أن يتحكم في مصيرنا.
كل ما بيني وبين العنود هو حقي، ولن أسمح لأي أحد أن يسرقه منا."

الرجل ابتسم بسخرية، ثم قال:

"أنت تعتقد أن اللعبة بين يديك، لكن الحقيقة أن المراقب هو من يقرر النهاية.
وأنتما مجرد ضحايا."

العنود، التي كانت تراقب الموقف عن كثب، شعرت بشيء غريب في قلبها.
لم تكن تريد أن تستمع لتلك التهديدات، ولكنها كانت تعرف أن فارس في وضع صعب جدًا، وأنه يحتاج إلى قوتها الآن أكثر من أي وقت مضى.


في تلك اللحظة، بدا وكأن الوقت قد توقف.
كان فارس والعنود في مواجهة مع شخص لا يرحم، ومع حياة مليئة بالأسرار والتآمرات.
لكن رغم هذا التهديد المباشر، كان هناك شيء آخر بدأ يظهر في قلوبهم: الشجاعة.

فارس نظر إلى العنود، وقال بصوت هادئ لكنه مليء بالتصميم:

"العنود، إذا كانت هذه هي اللعبة، فسنلعبها بأيدينا.
لن نسمح لأي شخص بأن يقرر مصيرنا.
أنا معك، وكل شيء سنواجهه سويًا."

العنود ابتسمت، وقالت بصوت مليء بالإيمان:

"وأنا معك، فارس.
كل شيء لنا، ولن يكون هناك شيء أقوى من حبنا."

لكن الرجل الذي كان يقف أمامهم لم يكن مستعدًا للانسحاب.
وهنا بدأ يعرض المزيد من الأسرار المظلمة التي كانت محجوزة في الماضي، لكن شيئًا غريبًا حدث:
فارس والعنود لم يشعروا بالخوف، بل بالعزيمة.
أصبحوا أكثر قوة، وكل كلمة كان يقولها الرجل كانت تزيد من تصميمهم على مواجهة هذا التحدي.


لكن المفاجأة الكبرى كانت عندما بدأ الرجل في كشف تفاصيل عن شخصيات أخرى في حياتهم، أشخاص كانوا قريبين منهم في الماضي، وأشخاص ظلوا في الظلال يراقبون كل خطوة.
كانت هذه المعلومات تُلقى كالقنابل، وكل واحدة منها كانت تجعل فارس والعنود يدركان أن ما مرّوا به ليس سوى جزء من شيء أكبر.

فارس رفع رأسه، وقال بصوت ثابت:

"إذا كنت تعتقد أنني سأستسلم، فأنت مخطئ.
لن يكون هناك شيء أقوى من إرادتنا."

وبعد لحظات من الصمت، قرر الرجل أن ينسحب، لكنه تركهم مع هذا الغموض الكبير.
كان فارس والعنود يشعران أن هناك شيئًا آخر سيحدث، لكنهما كانا مستعدين له.
فمن خلال هذه التجربة، أصبح حبهما أقوى، وأصبحا يدركان أن الحياة لا تمنحك ما تريد بسهولة، بل عليك أن تقاتل من أجل كل لحظة.


هل سينجح فارس والعنود في كشف كل خيوط المؤامرة؟
هل سيستطيعان تحقيق السعادة معًا بعد كل هذه الأزمات؟
الطريق ما زال طويلًا، لكنهما أصبحا مستعدين لأي شيء يواجهونه.

✦ الفصل التاسع عشر ✦

"في زخم المعركة، قد تتعثر الخطوات، لكن النصر يكون لمن لا يستسلم."

كانت الأجواء في المنزل مشحونة بالقلق بعد المواجهة الأخيرة.
فارس كان يجلس على الأريكة، عيناه مشوشّتان بين الماضي والحاضر.
رغم أنه شعر بالقوة بعد تلك المواجهة مع الرجل الغامض، إلا أنه كان يعلم أن الطريق أمامه ما زال محفوفًا بالأخطار.
العنود كانت تجلس بجانبه، وعلى الرغم من التوتر، كانت تحاول أن تكون مصدر قوة له، تراقب ملامحه وتقرأ ما خلف تلك النظرات.

"فارس، ما رح نسمح لهم يفرقوننا.
كل شيء مرّ علينا كان درس، والآن لازم نكون جاهزين للي جاي."
قالت العنود بصوت حازم، عيونها مليئة بالإصرار.

فارس نظر إليها، ثم أخذ نفسًا عميقًا.
كانت كلماتها تملأ قلبه بالدفء، وكان يعرف في تلك اللحظة أن هذه المرأة هي مصدر قوته الحقيقية.
ورغم أنه كان قد قرر أن لا يحب، إلا أنه بدأ يشعر أن قلبه ينجرف نحوها أكثر من أي وقت مضى.

"العنود، لما كنت في الماضي، كنت فاكر أنني أقدر أعيش لوحدي.
لكن اليوم، وأنتِ جنبي، عرفت أن الحياة معك تساوي كل شيء."

العنود ابتسمت، وكانت تدرك أن فارس بدأ يتغير.
كانت ترافقه في هذه الرحلة الصعبة، وكان كل يوم يمضي معها يعمّق من حبها له.
لكنها كانت تعرف أيضًا أن التحديات القادمة ستكون أكبر مما يتخيلان.


بعد ساعات من الصمت والتفكير، قرر فارس أن يتخذ خطوة جديدة.
كانت لديه معلومات إضافية عن الأشخاص الذين كانوا يقفون وراء تلك المؤامرة.
كان يعلم أن عليه أن يواجههم وجهاً لوجه، ليضع حدًا لهذا الوضع الملتبس.
لم يعد بإمكانه أن يظل في الظل يتنقل من مواجهة إلى أخرى دون أن يعرف من هو العدو الحقيقي.

اتصل فارس بالعناصر التي كان يثق بها من أفراد الشرطة، وبدأت الخيوط تتجمع.
في الوقت نفسه، كانت العنود تراقب الموقف عن كثب، وتعلم أن هذا القرار سيضع فارس في قلب المعركة.

"فارس، هل أنت متأكد من أنك تريد الدخول في هذا؟
أنت تعرف أن هناك خطرًا حقيقيًا في كل خطوة."
قالت العنود، قلقها واضح في صوتها.

فارس نظر إليها بثقة، وأجاب بنبرة حازمة:

"إذا ما واجهنا هذا التحدي، ما رح نقدر نعيش براحة.
لازم نواجههم اليوم، وإلا بكرة ممكن يكون متأخر."

العنود كانت تعرف أن فارس لا يتراجع، وأنه في قرارة نفسه، هو مستعد لكل ما قد يحدث.
لكنها كانت تعرف أيضًا أنه ليس من السهل أن تعيش حياة مليئة بالمخاطر والتحديات.
لكن الحب الذي جمعهما كان أقوى من أي تهديد قد يواجههما.


بعد يومين من التحضيرات، جاء اليوم الذي قرر فيه فارس والعنود مواجهة كل شيء.
كانت الخيوط قد توصلت إلى مجموعة من الأشخاص الذين كانوا يقفون وراء المؤامرة، وكان من بينهم أحد الأشخاص الذين كانوا قد صادفوهم في الماضي، وكان له علاقة وثيقة بالفترة التي تلت خيانة زوجته السابقة.

وصلوا إلى المكان الذي تقرر أن يكون اللقاء فيه، وكان الجو مشحونًا بالتوتر.
العنود كانت إلى جانب فارس، وكل منهما يحمل قلبه على كفه.
في هذه اللحظة، أصبحا أكثر قوة من أي وقت مضى.
حتى الخوف لم يعد يسيطر عليهما.

وصل الرجل الذي كان يقف وراء كل هذه المؤامرة، وكان يقف هناك، مبتسمًا ابتسامة ذات طابع تهديدي.
قال بصوت مفعم بالثقة:

"وصلتم أخيرًا، فارس.
كنت أعلم أنكم ستأتون، لكن هل أنتم مستعدون لما هو قادم؟"

فارس كان يقف بثبات، وأجاب ببرود:

"نعم، نحن مستعدون.
وكل شيء الآن سيكون على طريقتنا."

العنود لم تنطق، لكنها كانت هناك، ثابتة إلى جانبه.
كانت تعلم أن اللحظة قد حانت، وأن المواجهة هذه المرة ستحدد كل شيء.
لن يستطيع أحد أن يتلاعب بحياتهم بعد الآن.


لكن فجأة، بدأت الأمور تأخذ منعطفًا غير متوقع.
كشف الرجل عن معلومات صادمة جدًا، وكان يعلم عن كل خطوة في حياة فارس والعنود.
لقد كانت المؤامرة أعمق مما تخيلا، وكانت هناك أطراف أخرى من الماضي والحاضر تتحكم في خيوط اللعبة.

في هذه اللحظة، شعر فارس وكأن الأرض تحت قدميه تهتز.
لكن العنود، التي كانت دائمًا مصدر قوته، أمسكت بيده وقالت له بثقة:

"فارس، مهما كانت المؤامرة أكبر، نحن معًا.
لن نتراجع، ولن يسمح لنا أحد أن نعيش في خوف."

فارس نظر إلى عينيها، ورأى فيها الإصرار الذي لم يكن يعرفه من قبل.
كانت هذه اللحظة بالنسبة له بداية جديدة، وكان يعلم أن النهاية ستكون لصالحهم، لأنه أصبح يمتلك ما يكفي من القوة والعزيمة لمواجهة كل تحدٍ.


ماذا سيحدث في المواجهة القادمة؟
هل سيتحد فارس والعنود بما يكفي لتمزيق خيوط المؤامرة؟
هل ستنجح علاقتهما في اجتياز هذه الأزمة الكبيرة؟


✦ الفصل العشرون ✦

"لا يمكننا الهروب من الحقيقة، لكن يمكننا أن نواجهها معًا."

كانت الأضواء في المكان خافتة، وتسيطر على الأجواء سكون مشبّع بالقلق.
فارس والعنود كانا يقفان في مواجهة الرجل الذي كان يقف خلف المؤامرة الكبرى.
لكن هذا اللقاء كان غير متوقع على الإطلاق، فقد بدأ الرجل بالكشف عن أسرار لم يكونا يتخيلانها، وأحداث خفية وراء كل ما مرّ بهما.

"أنتم تعتقدون أنكم في النهاية، لكنكم في بداية الطريق فقط."
قال الرجل بابتسامة غامضة وهو يراقبهم بعيون مليئة بالثقة.

كان فارس ينظر إليه بشراسة، لكن في داخله كان يشعر بتساؤلات تتسلل إلى عقله.
هل كانوا مجرد بيادق في لعبة أكبر مما كان يتصور؟
هل كانت حياتهم كلها مجرد خيوط يحركها الآخرون؟

"ماذا تعني بكل هذا؟"
سأل فارس بلهجة حادة، وهو يحاول أن يتماسك أمام هذه الدوامة من الأسرار.

لكن الرجل ابتسم قائلاً:

"كل ما عشته، كل ما مرّ عليك يا فارس، كان مجرد مرحلة في خطة محكمة.
وأنت والعنود، لم تكونا سوى أداة لتحقيق هدف أكبر.
ليس أنتم من تحكمون هذا، بل هناك من يراقب كل خطوة."

كانت هذه الكلمات بمثابة صدمة لفارس والعنود.
ما الذي يحدث؟
هل كانا مجرد جزء من مؤامرة أكبر من قدرتهما على استيعابها؟
لكن العنود، التي كانت تقف بجانب فارس، كانت تحمل قلبها بين يديها، عازمة على عدم الاستسلام.

"إذا كانت هذه هي الحقيقة، فسنواجهها معًا."
قالت العنود بصوت هادئ، لكن عينيها كانتا مليئتين بالشجاعة.

فارس نظر إليها، وعينيه مليئة بالتصميم.
كان يعلم أنه لا يمكنه أن يترك الأمور تخرج عن يديه.
كان يجب عليه أن يتخذ القرار الآن.
لكن، حتى في هذه اللحظات الحرجة، كان قلبه ينبض بحب لا يستطيع الهروب منه.

"العنود، مهما كانت الحقيقة، مهما كانت الألغاز التي تحيط بنا، لن أترك يدك.
لقد بدأنا هذا الطريق معًا، وسنستمر فيه معًا، حتى لو كانت الحقيقة مؤلمة."
قال فارس بنبرة حاسمة، بينما كانت عينيه مملوءة بالصدق.

العنود شعرت بالثقة التي تبثها كلماته، وكانت تعلم أن هذا هو الطريق الذي يجب أن يسلكوه.
كانا في مواجهة مع الماضي، والحاضر، والمستقبل الذي سيشكّل حياتهم بشكل لا يتخيلان.


في تلك اللحظة، بدأ الرجل في الكشف عن الأبعاد الخفية للعبة.
لقد كان متورطًا في علاقات مع شخصيات ذات نفوذ كبيرة، وكان هو من يقف وراء إخفاء العديد من الحقائق التي كانت تشكل حياتهما.
لكن فارس والعنود كانا مستعدين.
لم يعد لديهم ما يخسرونه بعد الآن.
كانا في قلب العاصفة، لكن معًا، يمكنهما أن يقوما بتغيير مصيرهما.

"لقد لعبتوا بالدم، بحياتنا، بمستقبلنا.
لكن الآن حان الوقت لأن تقفوا أنتم في صفنا، أو أن ندمركم جميعًا."
قال فارس وهو يوجه كلامه للرجل بكل حزم.

الرجل ابتسم بسخرية، ثم قال:

"أنتما لم تعدا في مكانكم القديم.
لقد دخلتم في لعبة أكبر بكثير مما تستطيعون فهمه."

لكن العنود، التي كانت تراقب الموقف عن كثب، قررت أن تتدخل.
عينيها كانتا تتوهجان بالإصرار، وكانت تعرف أن الوقت قد حان ليكون لهما الكلمة الأخيرة.

"إذا كانت هذه هي اللعبة، فنحن مستعدون للعب.
لكن هذه المرة، سنلعب على طريقتنا.
لن تسيطر علينا، ولن تهددنا."
قالت العنود بثقة، وعينها ثابتة على الرجل.


وفي تلك اللحظة، بدأ فارس والعنود في كشف أسرار جديدة.
لقد كانوا قد دخلوا في لعبة أكبر من توقعاتهم، لكنهم قرروا أن يخوضوا المعركة معًا، وأن يواجهوا الجميع بشجاعة لا تُقهر.
لن يكون هناك مكان للخوف أو التراجع، بل كان أمامهم خيار واحد فقط:
أن يواجهوا كل شيء، وأن يتحدوا ضد القوى التي كانت تحاول أن تسيطر على حياتهم.


بينما كانت الأحداث تتصاعد، بدأ فارس والعنود في اكتشاف تفاصيل مدهشة.
العلاقة التي كانت تربط الرجل بهم لم تكن مجرد صدفة.
كانت هناك خيوط تربط كل شيء في حياتهم، من الماضي إلى الحاضر.
لكن الآن، بدأوا في فهم كل شيء.
كانا يملكان القوة لمواجهة كل هذه العوائق.
وبدأت الملامح الأخيرة للمؤامرة تتكشف أمام أعينهم.


"نحن معًا الآن، ولن نسمح لأي أحد بأن يقف في طريقنا."
قال فارس، بينما كانت يده تمسك بيد العنود بقوة.

وفي تلك اللحظة، شعروا أن لا شيء يمكن أن يفرق بينهما، مهما كانت التحديات التي يواجهانها.
كانت اللحظة التي قررا فيها أن يتحدا بكل قوتهما لمواجهة أي شيء قد يعيق سعادتهما.
كل ما مروا به كان مجرد بداية، وكانت الحقيقة في انتظارهم.


✦ الفصل الواحد والعشرين ✦

"في النهاية، الحقيقة تصبح أسطورة، والقرار يحدد مصيرنا."

كان الجو مشحونًا بالتوتر في المكان الذي اجتمع فيه فارس والعنود مع الرجل الذي كان يقف وراء المؤامرة.
كانت العيون تتنقل بين الجميع، وكل طرف كان يحاول أن يستجمع قوته في تلك اللحظات الحاسمة.
العنود، التي كانت دائمًا حريصة على مراقبة المواقف، كانت تلتقط التفاصيل الصغيرة التي قد تساهم في كشف النقاب عن بقية اللعبة.

"فارس، كل شيء بدأ يصبح أكثر وضوحًا الآن."
قالت العنود بصوت هادئ، بينما كانت تدرك أن الأمور على وشك أن تخرج عن السيطرة.

فارس نظر إليها برفق، ثم قال:

"نعم، لكن علينا أن نكون حذرين.
الخطوة التالية ستكون أصعب من أي شيء مررنا به."

ولكن الرجل الذي كان يقف أمامهم كان يبتسم بملامح خفية.
لم يكن يظهر أي نوع من الخوف أو التوتر، وكأن كل شيء كان يسير وفقًا لخطة محكمة كان قد أعدها مسبقًا.

"ماذا ستفعلون الآن؟
أعتقد أنكم بدأتم في فهم الصورة الحقيقية."
قال الرجل، وابتسم ابتسامة ذات طابع تهديدي.

لكن فارس لم يكن ليتراجع هذه المرة.
على الرغم من أنه شعر بشكوك تدور في ذهنه حول عمق المؤامرة، كان عزمه على حماية العنود وحمايتهما من هذا المصير المشؤوم أقوى من أي وقت مضى.

"نحن هنا لنضع حداً لكل شيء.
لن نسمح لك أو لغيرك بأن تلعب بحياتنا كما تشاء."
قال فارس، صوته مليء بالثقة.

العنود، التي كانت تراقب الموقف، شعرت بأن اللحظة قد حانت للكشف عن كل الأسرار.
لم يعد هناك وقت للتردد.
كان عليهما أن يتقدما إلى الأمام، وأن يواجها الحقيقة معًا.

"لن تسيطر علينا بعد الآن.
كل ما فعلته، كل الحيل التي استخدمتها ضدنا، ستنقلب عليك في النهاية."
قالت العنود، بينما كان بريق العزيمة في عينيها ينم عن قوة لم يعرفها فارس من قبل.

فارس نظر إلى العنود، وابتسم قليلاً.
كان يعلم أن حبه لها قد جعله أكثر قوة، وأنه لن يخذلها أبدًا.
لكن في تلك اللحظة، كانت كل أبعاده تتغير.
من كان يظن أنه سيواجه هذه المعركة مع شريكة حياته؟
لكن، وبمجرد أن أخرج كل شيء من قلبه، كان يعلم أن هذه اللحظة هي التي ستحدد مستقبلهما معًا.


ثم تراجع الرجل خطوة إلى الوراء، واكتشف فارس أن هناك شيء أكبر مما توقعه يلوح في الأفق.
لقد كانت المؤامرة أكثر تعقيدًا، وكان يكتشف شيئًا شيئًا عن الأعداء الذين يقفون وراءه.
لكن في ذلك الوقت، كان لديهم سلاح واحد فقط: الحقيقة.

"أنا لن أسمح لك أن تدمّر حياتنا أكثر من ذلك."
قال فارس بشدة، بينما كان يخطو نحو الرجل بثقة.

العنود، التي كانت تقف إلى جانبه، شعرت بقوة العلاقة بينهما تتضاعف في تلك اللحظة.
كان كل شيء يتكشّف، وكان كل سر يخرج إلى النور، لكنهما كانا مستعدين.


تحدث الرجل بصوت منخفض، ولكن كلماته كانت مليئة بالتهديد:

"إذا كنتم تعتقدون أنكم قادرون على هزيمة كل شيء، فأنتم مخطئون.
لقد بدأت اللعبة للتو."

لكن فارس والعنود كانا قد حسموا أمرهم.
لم تكن الحقيقة هي أكبر تهديد لهما، بل كان التحدي الحقيقي هو إصرارهم على مواجهة كل عقبة معًا.
كانا أقوى من أي وقت مضى، ولم يكن هناك مجال للرجوع إلى الوراء.

"سنكون مستعدين لتمزيق كل أكاذيبك."
قالت العنود، وكان صوتها واضحًا حازمًا.

فارس أضاف، وهو يلتفت إليها:

"معك، العنود، أنا لا أخاف من شيء.
سنواجه كل شيء معًا، لأننا نملك ما يكفي من القوة والعزيمة."


ثم اندلعت المواجهة الكبرى.
المؤامرة التي كانت تحيط بهم بدأت تتكشف تدريجيًا، وكشف الرجل عن تفاصيل لم يكونوا قد علموا بها من قبل.
أصبح فارس والعنود في صراع حقيقي ليس مع شخص واحد، بل مع شبكة من الأعداء الذين كانوا يخططون للسيطرة على حياتهما.

ومع كل تحدٍّ، كان كل منهما يتقدمان خطوة إلى الأمام، يقاتلان بكل ما في داخلهما.
كانت كل خطوة تجعل العلاقة بينهما أقوى، وكل لحظة تمر كانت تزيد من شجاعتهما في مواجهة كل التهديدات.


بينما كانت الأحداث تتسارع، بدأ فارس والعنود في تحقيق نصر غير متوقع.
لقد واجها كل المخاطر، وتمكّنا من كشف كل الخيوط المخفية.
لكن، حتى في تلك اللحظة، لم يكن كل شيء قد انتهى بعد.

ولكن بين قلبين يعشقان بعضهما البعض، أصبح المستقبل أكثر وضوحًا.
الطريق كان صعبًا، لكن معًا، كانا على استعداد لمواجهة كل شيء.


✦ الفصل الثاني والعشرين ✦

"في ظلال الحقيقة، نجد النور الذي يرشدنا إلى الطريق الصحيح."

كانت الأضواء الخافتة في المكان تشير إلى نهاية المعركة الكبرى.
فارس والعنود كانا يواجهان الرجل الذي ظل يختبئ خلف الستار طوال هذا الوقت، ينفذ خططًا معقدة تهدد حياتهما.
لكن الآن، بعد كل ما مرّوا به، لم يعد هناك مكان للهروب.
الحقائق أصبحت واضحة، والوقت قد حان للمواجهة النهائية.

كان الرجل يقف أمامهما، ابتسامته المشوّهة على وجهه، وهو يراقب بقلقٍ متزايد.
كانت نظراته تائهة، وكأن كل شيء كان ينهار حوله.

"أظن أنكم بدأتم تفهمون ما جرى.
لكنكم لم تصلوا بعد إلى النهاية."
قال الرجل، لكن صوته كان يفتقر إلى الثقة التي كان يظهرها سابقًا.

فارس نظر إليه ببرود، وكأنما يقرأ أفكار الرجل التي أصبحت واضحة له تمامًا.
كان يعلم أن هذا الشخص لن يهرب بعد الآن.
كل شيء كان أمامه، وكان عليه الآن أن يتخذ القرار الأخير.

"نحن هنا الآن، وستدفع ثمن كل شيء فعلته.
لقد فشلت في كل ما خططت له."
قال فارس بصوت حازم، وهو يتقدم خطوة للأمام، يمد يده تجاه الرجل وكأنما يسعى إلى إنهاء هذا الفصل المظلم من حياتهما.

لكن العنود، التي كانت دائمًا إلى جانب فارس، لم تكن لتقف مكتوفة الأيدي.
في تلك اللحظة، كانت تقف بثقة، لم يعد هناك خوف في عينيها، بل كان هناك إصرار، كما لو أن كل خطوة في حياتها كانت تقودها إلى هذه اللحظة الحاسمة.

"لقد لعبت بدمنا، بمستقبلنا، لكن لم تفهم بعد أننا معًا،
لن نقبل أن تهددنا بعد الآن."
قالت العنود بصوت قوي، وقد شعرت أخيرًا أنها يمكن أن تأخذ مكانها إلى جانب فارس في هذه المعركة.

الرجل شعر بضغط متزايد، لكن ابتسامته لم تختفِ.
كان يعلم أن الأمور لم تسر كما توقع، لكنه لا يزال يعتقد أن بإمكانه الهروب من النهاية التي أصبحت تقترب بسرعة.

"أظن أنكم لم تفهموا بعد الحقيقة الكاملة."
قال الرجل، لكنه كان يشعر أخيرًا بشيء من القلق الذي بدأ يراوده.


فجأة، في لحظة مفاجئة، تكشف الحقيقة التي كانت مخفية عن الجميع.
لقد كان الرجل جزءًا من شبكة أكبر، وأن ما كان يبدو كالمؤامرة الشخصية كان جزءًا من مؤامرة عالمية تمتد إلى سنوات طويلة.
كانت هذه الشبكة تمتد في الظلال، تلعب بعقول الناس، وتعبث بحياتهم.
وكان فارس والعنود قد وقعوا في فخ كبير، لم يكن من السهل اكتشافه.

لكن، وفي تلك اللحظة الحاسمة، فهم فارس أن القوة الحقيقية تكمن في العزيمة المشتركة بينه وبين العنود.
لم يكن لديهم خيار آخر سوى أن يواجهوا هذه الشبكة معًا، وأن يكشفوا الحقيقة كاملة.
كان ذلك هو الوقت المناسب، وكانت الحقيقة هي المفتاح الأخير الذي سيقلب موازين المعركة.

"أنتما لا تعلمان شيئًا عن القوة الحقيقية التي أملكها،
لكنها ستنقلب عليكم قريبًا."
قال الرجل، محاولًا بث الخوف في قلوبهم، ولكن فارس والعنود لم يتأثرا.

فارس كان يبتسم الآن، وعينيه مليئة بالثقة:

"القوة الحقيقية هي في الشجاعة، في مواجهة كل شيء معًا.
وهذا هو سر انتصارنا."

ثم أدار ظهره للرجل وقال:

"لقد انتهيت.
لم تعد لديك أي سلطة هنا."

العنود، التي كانت إلى جانبه، شعر قلبها ينبض بالسلام بعد هذه الكلمات.
لم يكن الأمر مجرد هزيمة للرجل أمامهم، بل كانت هزيمة لجميع القوى التي كانت تحاول تدمير حياتهم.
لقد أصبحا أقوى من أي وقت مضى.


وفي اللحظة التالية، بدأ الرجل في التراجع ببطء.
لكنه لم يكن يهرب من الخوف فقط، بل من الحقيقة التي بدأت تطارده.
كانت تلك الحقيقة قد وضعت حداً لكل ما فعله، وكان يعلم في أعماق قلبه أنه لا مفر من النهاية.

ثم أدار رأسه في آخر لحظة وقال:

"إذا كانت هذه هي النهاية، فلتكن.
لكن اعلموا أن الحقيقة دائمًا تكون أخطر من الخيال."

ثم اختفى الرجل في الظلال، تاركًا فارس والعنود في المكان الذي شهد على معركتهما الأخيرة.


فارس والعنود وقفا في صمت، وكل منهما كان يستشعر شعورًا غريبًا من الحرية.
لقد انتهت المعركة.
لقد هزموا كل عدو، وكل مؤامرة كانت تحيط بهم.

لكن في أعماقهما، كان هناك شعور آخر، شعور بالفوز ليس فقط على الأعداء، بل على كل ما كانوا يخافونه في حياتهم.

"لقد فعلناها، العنود."
قال فارس، بينما كان يمسك يدها بلطف.

العنود ابتسمت، عيونها مليئة بالحب والثقة:

"نعم، فعلناها معًا."

وفي تلك اللحظة، فهم فارس أن الحب هو القوة التي جعلت كل شيء ممكنًا.
لقد تغلبوا على كل شيء معًا، وعاشوا ليروا بداية جديدة.

فأجابته:

"لن تكون هناك أي قوة على وجه الأرض تستطيع إيقافنا الآن."


 

✦ الفصل الثالث والعشرين ✦

"كل بداية جديدة تأتي مع ثمن، لكننا مستعدون لدفعه."

كانت الشمس تغرب ببطء في الأفق، تتناثر الألوان الذهبية على السماء، وكأنها تدعو فارس والعنود لبدء فصل جديد من حياتهما.
رغم كل الصعوبات والمشقات التي مروا بها، كانت هناك لحظات لا يمكن أن تُنسى، لحظات تجسد كل القوة والحب اللذين جمعا بينهما.

كان المكان هادئًا، وكان فارس والعنود يجلسان معًا في صمت، يتأملان المنظر.
لكن في أعماقهما كان هناك شعور جديد، شعور لا يمكن تفسيره بالكلمات.
لقد عبرا معًا من خلال جحيم المؤامرة، وها هما الآن يستعدان للمضي قدمًا في حياتهما، لكن الطريق لم يكن سهلاً.

"هل فكرتِ فيما بعد هذا كله؟
كيف سنعيش حياتنا بعد كل ما مررنا به؟"
سأل فارس بصوت هادئ، يراقب العنود بعينين مليئتين بالتساؤل.

العنود، التي كانت دائمًا أكثر تماسكًا، أخذت نفسًا عميقًا، ثم أجابت:

"لقد عشنا في الظلال طويلاً.
لكننا الآن في الضوء، وما تبقى لنا هو أن نبني ما فقدناه."
كانت كلماتها مليئة بالعزم، كما لو أن كل ما مرت به جعلها أقوى وأكثر قدرة على مواجهة المستقبل.

فارس ابتسم بلطف، ثم قال:

"أنتِ محقة.
لكننا لن ننسى أبدًا ما عايشناه.
لن نسمح أن يعود الظلام ليخيم على حياتنا."

كانا قد نجحا في تخطي الكثير من الأزمات، ولكنهما الآن كانا في مواجهة مع التحديات الجديدة التي ستجلبها لهما الحياة.
لم تكن الحياة بعد الحرب كما كانت قبله، وكان عليهما الآن إعادة بناء كل شيء، وتحديد كيف سيعيشان بقية حياتهما معًا.


ثم قرر فارس أن يأخذ العنود إلى مكان بعيد عن صخب الحياة اليومية.
كان يريد أن يخلق لهما لحظات من الهدوء بعيدًا عن كل ما يحيط بهما من ضغوط.

في ذلك المكان البعيد، جلسا معًا، وتحدثا عن كل شيء.
عن الأحلام التي يريد كل منهما تحقيقها، عن المستقبل الذي يرغبان في بنائه، وكيف يخططان لحياة جديدة بعد كل ما مروا به.

"أريد أن أعيش حياتي معكِ،
لكن أريد أن نعيشها بسلام، دون أن يؤثر الماضي على ما نبنيه."
قال فارس، وهو ينظر إلى العنود بعينين مليئتين بالحب.

العنود ابتسمت، وكانت نظراتها مليئة بالثقة والحنان:

"أنا أيضًا، فارس.
لكن علينا أن نتعلم كيف نترك الماضي خلفنا، وأن نركز فقط على المستقبل."

وكانت تلك اللحظة هي البداية الحقيقية لحياة جديدة بينهما.
لم يكن الطريق سهلًا، وكان عليهما أن يتجاوزا الكثير من التحديات، لكن معًا، كانا قادرين على تحقيق ما أراداه.


لكن رغم العزيمة التي كانت تملؤهما، كانت هناك مواقف ستختبر قوتهما، بداية من الأشخاص الذين سيحاولون العودة إلى حياتهما، وصولًا إلى الشكوك التي قد تظهر بينهما.
كان الحب الذي جمعهما قويًا، لكن هل سيكون قويًا بما فيه الكفاية ليواجه كل ما قد يطرأ عليهما؟

فارس كان يعلم أن العلاقة لا تنتهي فقط بعد مواجهة الأعداء.
كان يعتقد دائمًا أن النضج في العلاقات يأتي بعد تجاوز الأزمات، وأن هذا هو الوقت المناسب لبناء الثقة والارتباط الحقيقي.


في اليوم التالي، بينما كانا يقضيان الوقت معًا في الطبيعة، قرر فارس أن يعترف بكل ما يشعر به تجاه العنود.
كانت اللحظات التي قضاها معها أكثر ما كان يحتاجه، وقد شعر أخيرًا أنه يجب عليه أن يفتح قلبه لها بالكامل.

"أريد أن أكون معكِ دائمًا، العنود.
لقد وجدت فيكِ ما كنت أبحث عنه طوال حياتي."
قال فارس، وهو ينظر إلى عينيها بحب.

العنود كانت قد فهمت كل شيء.
كانت تعرف أن فارس قد مر بالكثير من الألم في حياته، وأنه لم يكن سهلًا عليه أن يثق أو يحب مرة أخرى.
لكنها أيضًا كانت تعلم أن الحب الذي جمعهما أكبر من كل شيء.

"وأنا أيضًا، فارس.
لقد أصبحنا جزءًا من حياة بعضنا البعض، وكل لحظة تمر تجعلني أتمسك بك أكثر."

وهكذا، بدأت العنود وفارس في رسم معالم مستقبلهما معًا.
كانا على استعداد لبدء فصل جديد في حياتهما، فصل مليء بالحب، بالعزيمة، وبالإصرار على بناء علاقة لا يمكن لأي شيء أن يزعزعها.


بينما كانوا في مكانهما، بدأت الشمس تغرب في الأفق، وكانت الألوان تتغير، تمامًا كما تغيرت حياتهم.
لقد بدأوا من جديد، ولكن مع بعضهما، كانا قادرين على مواجهة كل شيء معًا.

"لن ندع أي شيء يهدم ما بنيناه."
قال فارس، وهو يمسك يد العنود بإحكام.

وكانت تلك الكلمات بداية مرحلة جديدة.
مرحلة مليئة بالحب، بالثقة، وبالتفاهم بين اثنين قررا أن يواجهوا الحياة معًا، مهما كانت التحديات.

✦ الفصل الرابع والعشرين ✦

"الحب لا يعني الخلاص، بل يعني القدرة على الوقوف معًا أمام كل عاصفة."

كان صباحًا هادئًا، كانت أشعة الشمس تتسلل من خلال النوافذ المفتوحة، تضيء الغرفة التي كانا يجلسان فيها معًا.
لكن على الرغم من الهدوء الظاهر، كانت هناك نبرة من التوتر بدأت تتسلل إلى جوهما.
فارس والعنود قد تغلبوا على الكثير من المحن، لكن بداية هذا الفصل الجديد من حياتهما كانت لا تخلو من التحديات التي ستختبر كل ما بناءه معًا.

"هل تعتقدين أننا نعيش حياتنا الآن كما حلمنا؟"
سأل فارس وهو ينظر إلى العنود، وكانت عينيه تحمل تساؤلاً غير معلن.

العنود، التي كانت تعتاد التفكير في المستقبل، ابتسمت بلطف وأجابته:

"كل شيء جميل كما كنت أتمنى، فارس.
لكن لا توجد حياة خالية من التحديات."
كانت كلماتها هادئة، لكن ملامح وجهها كانت تحمل شيئًا من القلق الذي بدأ يتسلل إلى قلبها.

لقد بدآ في بناء مستقبلهما، لكن كان واضحًا أن حياة فارس لا يمكن أن تنفصل عن ماضيه، ولا يمكن للعنود أن تنفصل عن مخاوفها من المستقبل.
ومع تلك التحديات، كان السؤال الكبير الآن: كيف يمكنهما العيش معًا في سلام، رغم أن كل واحد منهما يحمل ماضيًا ثقيلًا وقلقًا حول المستقبل؟

فارس، الذي كان دائمًا يفضل الحفاظ على مسافة بينه وبين مشاعره، بدأ يشعر بشيء مختلف في قلبه.
كان يدرك أنه لا يستطيع الاستمرار في حياة باردة وصامتة، عليه أن يفتح قلبه بالكامل، وأن يواجه مشاعره بكل شجاعة.

"أنتِ محقة.
لكن لدي خوف كبير، العنود.
خوف من أن نخسر كل شيء بسبب أخطائنا السابقة."

العنود وضعت يدها على يده برفق، ثم نظرت في عينيه بعمق.
كان قلبها ينبض بسرعة، ولكنها كانت تعرف أن التحدي الحقيقي هو أن يواجه كل واحد منهما مخاوفه، ويقفان معًا أمام كل ما قد يأتي.

"لن نضيع شيئًا، فارس.
سنواجه كل شيء معًا، كما فعلنا دائمًا.
الماضي قد ترك لنا دروسًا، والمستقبل سيجلب لنا فرصة جديدة."

كان حديثها يحمل قوى لم يكن فارس يتوقع أن يشعر بها في تلك اللحظة.
كان قلبه يمر بلحظة حاسمة، كان يعلم أن هذا هو الوقت الذي يجب أن يضع فيه كل شيء على الطاولة.


ثم جاء اليوم الذي اختبر فيه فارس والعنود قدرتهم على التغيير، وعلى التكيف مع التحديات الجديدة.
كان قرارًا صعبًا، ولكنه كان ضروريًا.

خلال إحدى الاجتماعات المهمة في العمل، وجد فارس نفسه أمام موقف غير متوقع.
أحد الأشخاص من ماضيه عاد ليظهر من جديد، وكان يحمل معه أشياء قد تهدد كل ما بناه مع العنود.

"أنت لا تستطيع أن تهرب من الماضي، فارس."
قال الشخص بابتسامة ساخرة، وهو ينظر إلى فارس.

لكن فارس، الذي كان قد اكتسب الكثير من القوة من خلال العلاقة التي بناها مع العنود، لم يكن سيتراجع بسهولة.
كانت تلك اللحظة بمثابة اختبار لإيمانه بنفسه وبالعلاقة التي جمعتهما.

"الماضي لن يسيطر عليّ بعد اليوم.
لن أسمح لك أو لأي شخص آخر أن يعيدني إلى حيث كنت."
قال فارس بثقة، وهو يلتفت إلى الشخص بنظرة حازمة.

لكن العنود، التي كانت تقف إلى جانبه، أضافت بحزم:

"فارس ليس وحده في هذه المعركة.
سنواجه معًا كل شيء، مهما كان."

كان هذا الموقف نقطة حاسمة بالنسبة لهما.
لقد تأكد فارس أنه لا يمكن لأي شيء أن يفرق بينه وبين العنود.
العلاقة بينهما قد صارت أكثر قوة، وكل تحدي كان يقربهما أكثر إلى بعضهما البعض.


لكن الحياة ليست دائمًا ناعمة، ولا الأمور دائمًا تسير كما نريد.
بعد فترة من الهدوء النسبي، ظهرت تحديات جديدة أمامهما.
كانت الضغوط تبدأ في التأثير على حياتهما الشخصية، وكان العمل والمشاكل اليومية تبدأ في جذب انتباههما بعيدًا عن الحب الذي جمعهما.

في إحدى الأمسيات، بينما كانوا يجلسون معًا في صمت، قال فارس:

"أشعر أننا أصبحنا نبتعد عن بعضنا، العنود.
لم أعد أراكِ كما كنتِ من قبل."

العنود نظرت إليه، وعيناها مليئة بالتفكير.
كانت تدرك أن الحياة قد بدأت تؤثر عليهما، ولكنها كانت تريد أن تجد طريقة للتغلب على هذا التوتر.

"لا تقلق، فارس.
أنت في قلبي دائمًا، وسأبقى إلى جانبك مهما كان.
لكن علينا أن نجد توازنًا بين كل شيء."

كان هذا التحدي الأكبر بينهما.
كان عليهما أن يتعلموا كيف يتعاملون مع ضغوط الحياة اليومية دون أن يفقدوا التواصل العميق الذي جمعهما.


ثم جاء اليوم الذي قرر فيه فارس أن يخطو خطوة كبيرة في علاقته مع العنود.
كان يعرف أن بناء علاقة قوية ليس بالأمر السهل، وكان مستعدًا ليظهر لها كم هو مخلص لها.

"أريدكِ أن تعرفي شيئًا، العنود.
أنا هنا من أجلكِ، ولن أترككِ أبدًا.
أنتِ كل شيء بالنسبة لي."

العنود ابتسمت، وملامح وجهها تعكس ارتياحًا كبيرًا.
كانت تدرك أن هذه اللحظة كانت البداية الحقيقية لمرحلة جديدة في علاقتهما.

"وأنا أيضًا، فارس.
أنتَ المستقبل بالنسبة لي."

وهكذا، قرر فارس والعنود أن يعيدا بناء علاقتهما من جديد، مع كل ما تحمله الحياة من تحديات.
لم يكن الطريق سهلًا، لكنه كان واضحًا أمامهما الآن.
لقد تعلموا أن الحب ليس مجرد مشاعر، بل هو قرار يومي بالوقوف معًا ضد كل شيء.


✦ الفصل الخامس والعشرون ✦

"في قلب العاصفة، تشتعل النيران."

كانت الليلة هادئة، عتمتها تغلف المكان بشكل غامض، بينما كانت الرياح تعصف بالخارج، ملوحة بأشجار الحديقة التي أمام منزلهما.
لكن داخل المنزل كان هناك توتر غير مرئي يملأ الأجواء.
فارس والعنود، رغم الحب المتوهج بينهما، كانا يواجهان تحديات جديدة قد لا تكشفها الكلمات.
لكن في تلك اللحظات، كان هناك شيء آخر في الهواء، شيء لم يستطع أي منّهما تجاهله.

أغمضت العنود عينيها للحظة، ثم استدارت لتواجه فارس، الذي كان جالسًا على الأريكة أمام المدفأة.
كانت الساعة قد اقتربت من منتصف الليل، وكانت نسمات الهواء الباردة تتسرب عبر النوافذ المفتوحة.

"أشعر بأن هناك مسافة بيننا، فارس."
قالت العنود، عيونها تلمع بعمق وقلق.
كانت تعرف أن قلبه لا يزال مملوءًا بالشكوك، لكن روحها كانت تشتاق إلى المزيد.
كانت تحتاج إليه بشكل لا يوصف.

فارس نظر إليها بصمت لفترة، لكنه لم يستطع أن يخفف من شعوره الداخلي.
لم يكن يعلم ماذا يحدث له، لكن كلما اقترب منها، كان شعور غريب يملؤه، شعور بالخوف من أن يضعف أمامها.

لكن العنود لم تستطع أن تبقى في الظل.
اقتربت منه بخطوات هادئة، ثم جثت أمامه، حتى أصبحت وجهًا لوجه معه.
كانت رائحة عطرها تملأ المكان، تغلغلت في أنفاسه وكأنها دعوة لا يستطيع مقاومتها.

"أنت تعتقد أنك لا تحتاجني، فارس.
لكن كل لحظة نمر بها معًا تؤكد لي أنك لا تستطيع العيش بدون حبنا."
همست العنود، صوتها منخفض ولكنه مليء بالشوق.

فارس شعر بألم في قلبه، شعور غريب لا يستطيع تفسيره.
كان يواجه معركة داخلية، كان يريد أن يبتعد عن كل شيء يتعلق بالعاطفة، لكنه في الوقت نفسه كان يشعر بشيء قوي يربطه بها.
حرك يده على وجهها برفق، ثم لم يستطع أن يقاوم النظر في عينيها، التي كانت تشتعل بالحب والهيام.

"أنتِ تجعلينني أضعف، العنود."
قال فارس بصوت منخفض، وهو يقترب منها شيئًا فشيئًا.

في تلك اللحظة، حدث شيء مفاجئ.
قبل أن تستطيع العنود الرد، شعر بها تقترب منه أكثر، حتى أصبح بينهما مسافة لا تُذكر.
كان كل واحد منهما يقرأ الآخر بطريقة خاصة، وكأن قلبيهما يتحدثان بلغة لا يفهمها سواهما.
ببطء، كما لو كانت اللحظة قد وصلت إلى نقطة اللاعودة، اقتربت منه وأخذت يده، ثم وضعتها على قلبها.

"إذا كنتَ ضعيفًا، فارس، فإنني هنا لأجعل قلبك أقوى."
همست العنود في أذنه، وعينيها مليئة بالرغبة.

لحظة واحدة فقط كانت كافية لتتغير كل الأشياء.
لم يستطع فارس أن يتحمل هذا الشعور المثير الذي اجتاحه.
في غمضة عين، كان قد أمسك بها بقوة، وجذبها نحو نفسه، قبل أن ينزل قبلة حارقة على شفتيها.

كانت القبلة الأولى بينهما بعد كل ما مروا به، مليئة بالشغف المتأجج.
كانت عنيفة، عميقة، وكان كل واحد منهما يكشف عن رغبة دفينة في قلبه لم يكن يعبر عنها إلا في هذه اللحظة.
كانا مثل نيران تلتهم كل شيء في طريقها، ولا يمكنهما إيقاف هذا الزخم العاطفي الذي بدا وكأنه انفجار.

ثم تراجعت العنود قليلاً، نظرت إلى عينيه بشغف:

"أريدك الآن، فارس.
أريد أن أشعر بك كما لم أشعر بك من قبل."
صوتها كان مشحونًا بالغواية، وكانت عيونها لا تستطيع التوقف عن النظر إليه.

فارس، الذي لم يكن قادرًا على إنكار مشاعره، شعر بشيء داخل صدره ينفجر.
كان هذا هو الوقت الذي قرر فيه أن يضع كل شيء جانبًا، أن يسمح لهذا الحب المشتعل أن يسيطر عليه بالكامل.

اقترب منها مرة أخرى، ولكن هذه المرة كان أكثر عاطفية، وأكثر رغبة.
أمسك بها من خصرها وجذبها إليه حتى أصبح جسدها بالكامل في حضنه.
كانت يداه تتحركان برقة على جسدها، بينما كانت هي ترد عليه بنفس القدر من الشغف والحرارة.

"لن أترككِ، العنود."
قالها فارس بصوت هادئ، لكنه كان يحمل عاطفة قوية، وكانت كلماته تشتعل مثل النار بينهما.

ثم استسلمت العنود لتلك اللحظة، كانت تريد أن تذوب في حب فارس، أن تعيش معه في هذا الزمن الرائع الذي كان في تلك اللحظة يتنفسون فيه سويا، حيث لم يكن هناك إلا الحب والشغف، والهيام الذي لم يتوقف بعد.

بينما استمر الليل في التقدم، كان كل واحد منهما يكتشف عمق الحب والاشتياق الذي يربطهما.
كانت تلك اللحظات المثيرة هي اللحظات التي ستحفر في ذاكرتهما إلى الأبد، حيث تلاقى جسداهما كما لو كانا يشتركان في نفس الروح، تتناغم أنفاسهما، ويدرك كل واحد منهما أن هذا هو الحب الذي لا يتوقف، والذي لا يمكن أن يُكسر أبدًا.

✦ الفصل السادس والعشرون ✦

"بين العواطف والعقل، هناك قلوب لا تقوى على الصمود."

أصبح الليل جزءًا من روحهما، وتخللته اللحظات التي كانا يتنفسان فيها واحدًا.
تجاوزا كل حدود الخوف، واستسلم كل منهما لدفء الآخر، وكأن العالم بأسره قد اختفى ولم يبقَ سواهما.
لكن مع بزوغ الفجر، كان فارس يشعر بشيء مختلف.
شعور غير واضح في قلبه.
كان يعلم أن ما حدث بينهما كان عميقًا، لكنه لم يكن قادرًا على التفسير بعد.

العنود كانت مستلقية بجانبه، وعيناهما تلتقيان في صمت، في تلك اللحظة، كان كل شيء هادئًا، لكنه كان هدوءًا يحمل معه من الأعماق الكثير من الأسئلة.
العنود، رغم أنها كانت تطمئن في تلك اللحظة على الحب الذي أشعلته، شعرت بشيء من التردد.
كان عقلها يتساءل إن كان كل ما يحدث بينهما حقيقيًا، أم أنه مجرد لحظة عابرة.

"فارس... هل كل ما يحدث بيننا حقيقي؟"
همست العنود، صوتها يتخلله القلق.
كان سؤالًا يختبر عمق العلاقة بينهما، لكنه كان سؤالًا لا بد منه.

فارس الذي كان يمسك يدها بلطف، شعر بأن شيئًا ما داخله كان ينزوي في زاوية مظلمة.
كان يحاول أن يسيطر على مشاعره، لكن كلما نظر في عينيها، كلما انقض عليه شعور جديد، شعور بالضعف أمام الحب الذي بدأ يدركه تمامًا.

"أنا لا أعرف ماذا يحدث لي، العنود."
قالها بصوت منخفض، وكأن الكلمة الأخيرة كانت تخرج بصعوبة.
"كل ما أعرفه أنني لا أستطيع أن أعيش دونكِ."

العنود ابتسمت، ثم اقتربت منه أكثر، حتى أصبحت أنفاسها تلامس وجهه.
كانت تريد أن تطمئنه، أن تجعل هذه اللحظة خالية من أي توتر.
فقد كان كل شيء يتغير بينهما بسرعة، وكان لا بد لهما من الاستسلام لما يشعران به دون أن يتساءلا كثيرًا.

"دعنا نعيش اللحظة، فارس.
لن ندع الخوف يسيطر على ما بيننا."
أضافت بصوت عذب، بينما كان قلبها ينبض بحبٍ لم تعد تستطيع مقاومته.

لكن فارس، رغم كل ما قالته، كان يشعر بشيء آخر.
خوف عميق من أن يكرر الأخطاء السابقة.
من أن يدع مشاعره تقوده إلى الهاوية كما حدث في الماضي مع زوجته السابقة.
كانت تلك الجروح التي تركها الماضي لا تزال حية في قلبه، ولا يستطيع أن يتجاهلها، مهما حاول.


ثم جاءت تلك اللحظة الحاسمة، التي كانت تتطلب منه أن يتخذ قرارًا.
في إحدى الأمسيات، كان فارس والعنود في السيارة، عائدين من زيارة أحد الأصدقاء.
كانت الأضواء الساطعة في الشوارع تضفي جوًا غريبًا على المكان، بينما كان الصمت يعم الأجواء، إلا من أصوات المحرك.

العنود التي كانت تشعر أن ثقلًا بدأ يضغط على قلبها، أغمضت عينيها للحظة ثم تحدثت.

"فارس، أنا أشعر بأنك بعيد.
أنت لم تعد كما كنت.
أنا هنا بجانبك، ولكنك تبدو وكأنك تشعر بالخوف من كل شيء."
كان كلامها مؤلمًا له، لكنه كان يعكس الحقيقة التي لم يكن قادرًا على مواجهتها.

فارس كتم أنفاسه، وأمسك بعجلة القيادة أكثر، وكأن الكلمات التي قالتها قد أصابته في مقتل.
كان يعرف أن هذه اللحظة كانت الفرصة الأخيرة ليكون صريحًا معها.

"أنتِ لا تعرفين، العنود، كم أنا خائف.
أنا أخشى أن أحبكِ، أن أفتح قلبي لكِ.
أخشى أن تتركني، كما تركتني الأخرى.
لن أستطيع أن أتحمل ذلك."
قالها فارس بنبرة من الألم، وكأن قلبه كان يصرخ في تلك اللحظة.

لكن العنود، التي كانت تعرف أن ما يحتاجه فارس هو الأمان، اقتربت منه، وأمسكت يده برقة، وكأنها تريد أن تلمس أعماق روحه.

"أنا هنا، فارس.
أنا لن أتركك، وأنت تعرف ذلك.
لن أذهب إلى أي مكان، لأنني جزء منك الآن.
كل ما أريده هو أن تكون بجانبي.
لن تضعف أمام حبنا، بل سوف تقوى."
همست العنود، وعينيها مليئة بالتأكيد.

فارس توقف عن القيادة في مكان هادئ، وأدار رأسه نحوها، وعيناه مليئة بالعاطفة والشغف.
لم يكن يستطيع أن يقاوم، كان يدرك تمامًا أن هذه اللحظة هي التي ستحدد ما إذا كان سيستمر مع العنود أم لا.

دون أن ينطق بكلمة، انحنى تجاهها، ثم احتضنها بقوة، وعينيه لا تفارق عينيها.
كانت القبلة التي جمعتهما مليئة بالشغف الذي لم يعد يحتمل تأجيله.
كانت قبلة تطوي كل مخاوفه، وكل شكوكه، وتتركهما في لحظة من العشق الكامل.

"أنتِ كل شيء، العنود."
همس فارس بين شفتيها، وهو يشعر بقلبيهما يتناغمان معًا.
"أنتِ السبب في أنني ما زلت أعيش."

ثم، وسط تلك اللحظات الحارقة، شعرا وكأن العالم كله قد اختفى، ولم يبقَ سوى هما.
لم يعودا يفكران في الماضي أو المستقبل، بل في اللحظة الراهنة التي كانت مليئة بالحياة، بالنار، وبكل ما يحتاجانه ليشعرا بأنهما لم يعودا وحدهما أبدًا.


✦ الفصل السابع والعشرون ✦

"حكاية من ليلٍ طويل."

كان الجو في الغرفة يزداد حرارة مع مرور الوقت، لكن فارس والعنود كانا في عالمٍ آخر، حيث لا يوجد شيء سوى رغباتهما المتبادلة.
كانت الساعة قد تجاوزت منتصف الليل، والضوء الخافت الذي ينبعث من مصباح الغرفة يتراقص على الجدران، ليضيف جوًا من الغموض على اللقاء الذي كان يتطور بشكل لا يمكن توقعه.

العنود، رغم الهدوء الذي كان يلف المكان، كانت تشعر بشيء يثيرها داخلها.
كانت عينيها تراقب فارس الذي كان جالسًا بجانبها على السرير، يراقبها بصمت.
لم يكن يحتاج للكثير من الكلمات، فكل ما كان يهم هو هذا الارتباط بينهما الذي نما ببطء ولكن بشكل قوي.
وكانت العنود قد بدأت تشعر بأن هذا ليس مجرد حب، بل شغف يمتزج بالقلق والألم.
لكن هل هو فقط شغف؟ أم أنه هناك شيء أكبر وراءه؟

"فارس، هل تشعر بما أشعر به؟"
سألت العنود، صوتها منخفض لكنه مليء بالفضول والشغف.
كانت تلمح في عينيه تلك الرغبة التي كانت تكبر كلما اقترب منها أكثر.

فارس الذي كان يحاول أن يسيطر على مشاعره، بدا عليه التردد للحظة.
لكن عندما نظرت إليه بهذا الشكل، شعر بشيء مختلف تمامًا.
كانت هذه اللحظة حاسمة، وكانت عيون العنود تراه كما لم تراه من قبل، مليئة بالحب والرغبة والتمسك به.

"أنتِ تثيرينني، العنود."
قالها بصوت منخفض، كان واضحًا أنه لا يستطيع مقاومة تأثير وجودها بجانبه.
ثم، دون أن ينتظر، اقترب منها، وكان وجهه على بُعد شبر من وجهها.
لم يكن هناك كلام، فقط إشارات العيون وحركة الأيدي.
ثم فاجأها بأن مد يده برفق إلى رقبتها، وسحبها نحوه حتى تلامست شفتيه بشفتيها.
كانت القبلة طويلة، مليئة بالمعاني التي تتجاوز الكلمات.

كانت قبلة حارة، مشتاقه، تضم كل شيء من الحب والشغف، وكان كل جزء من جسديهما يتناغم مع الآخر.
كل همسة في تلك القبلة كانت تنطق بما لا يستطيع كل منهما قوله.
العنود التي بدأت تشعر بكل ذرة شغف في جسدها، كانت تعيد القبلة بحماسة أكبر، وكأنها تقول له: "أريدك، بكل ما فيّ."

فارس الذي شعر بلهيب هذا الشغف، سحبها برفق نحو جسده، وسار بيديه على ظهرها بلطف، يزيل عنها الحواجز التي كانت تفصل بينهما.
لقد بدأ يشعر أنه مستعد للغرق في هذا الحب.
هل هو مستعد لفتح قلبه لها، أم أنه لا يزال يخشى من المجهول؟

بينما كانت العنود تبتسم بين قبلة وأخرى، كانت يدها تسير على صدره، تكتشف كل تفاصيله.
ثم، بدون أن يشعر، بدأ ينسحب نحوها أكثر، حتى أصبحت جسديهما في تمازج تام.
كانت لحظات حارقة، تتصاعد بينهما، كانت أيديهما تتحرك على بعضهما البعض برغبة شديدة، كأنهما يعيدان اكتشاف بعضهما البعض للمرة الأولى.

"لن أتركك، العنود."
همس فارس، وهو يبتعد قليلاً ليلتقي بنظراتها، حيث كانت عيونها مليئة بالشوق والرغبة.
لم يكن بإمكانه أن يخفى مشاعره عنها، كان يحتاج إليها أكثر مما كان يعتقد.

العنود، التي كانت تشعر أن العالم بأسره قد اختفى من حولهما، نظرت إليه بنظرة مليئة بالثقة، وقالت بصوت مرتعش من شدة العاطفة:

"أنا هنا، فارس.
لا شيء يمكن أن يفرقنا."
كانت كلماتها بسيطة لكنها كانت تعني كل شيء.

كان فارس يشعر وكأن قلبه ينبض بشدة، وكانت يداه تتحركان على جسدها برفق كما لو كان يخشى أن يلمسها بقوة تؤذيها.
لكن العنود لم تكن بحاجة للرحمة في تلك اللحظة، كانت بحاجة إليه بشكل كامل، وكانت هي مستعدة لأن تغرق في هذا الحب الذي كان يشع من عينيه.

ثم، كما لو أن الزمن قد توقف، كان كلاهما يغرق في شغفٍ غير منتهي، وكأن هذا هو المكان الذي ينتمي إليه كل واحد منهما.
لم يعد هناك خوف، ولا شكوك، ولا حتى تردد.
كان كل منهما يعرف تمامًا أنه قد اختار الآخر، وأن هذا اللقاء، وهذا الشغف، هو ما كانوا ينتظرونه طوال حياتهم.

كانت تلك اللحظة واحدة من تلك اللحظات التي لن تُنسى أبدًا.
لحظة من العشق الصادق، والتوتر الحميم، الذي أصبح بداية لعلاقة جديدة بين فارس والعنود.
علاقة لا تقوم على مجرد العواطف، بل على التفاهم العميق والرغبة المشتركة في الاستمرار معًا، مهما كانت التحديات التي قد تواجههم.


✦ الفصل الثامن والعشرون ✦

"الرغبة والتعلق."

كان صباح اليوم التالي يحمل في طياته شعورًا جديدًا، شعورًا بدفء غير معتاد، وكأن الشمس نفسها قد أشرقت عليهما بطريقة خاصة.
العنود، التي استيقظت أولاً، كانت تراقب فارس وهو يغرق في نومه العميق بجانبها.
كانت عينيها لا تفارق وجهه، وكلما نظرت إليه، كلما أحست بشيء جديد يندفع في قلبها.
لم يكن مجرد شغف، بل كان تعلقًا عميقًا، كان يزداد كل يوم أكثر من اليوم الذي قبله.
كان قلبها قد وقع في حب فارس، ولم يعد بإمكانها الهروب من تلك الحقيقة.

فارس، الذي استفاق من نومه بعد دقائق، شعر بشيء غريب.
كانت العنود لا تزال بجانبه، وعلى وجهها ابتسامة هادئة، كانت ملامحها تشير إلى أنها مرتاحة، لكنها في الوقت ذاته تحمل شوقًا أكبر مما كانت عليه في الماضي.
نظراتها كانت تخبره بكل شيء.

"صباح الخير، فارس."
قالت العنود بصوتها الناعم، بينما كانت عينيها تلمعان بحب.
كانت تلك لحظة لم يكن يعي فارس أنها ستحدث، لكنه شعر بها في أعماق قلبه.
كانت مشاعره تتأرجح بين الحذر والرغبة، بين الخوف والتعلق.
فهل هو مستعد للاعتراف بما يشعر به؟ أم أنه سيظل يقاوم ذلك الحب الذي يشتعل في قلبه؟

"صباح النور، العنود."
رد عليها فارس وهو ينهض من السرير بهدوء، ثم التفت إليها بنظرة لم تكن كأي نظرة أخرى.
كانت تلك نظرة عميقة، مليئة بالمعاني.
ثم، كأنما لا يستطيع تحمل هذا الهدوء الذي كان يملأ الغرفة، مد يده نحوها، وأمسك يدها برفق، وجذبها نحوه.

العنود، التي لم تكن تتوقع هذه الحركة المفاجئة، شعرت بقلبها يخفق بسرعة، كأنها كانت تنتظر هذا اللقاء بلهفة.
وما إن اقترب منها حتى شعرت بأن يدها في يد فارس كانت تحمل كل شيء، كل الحب، وكل التعلق، وكل الشغف.
ثم اقترب منها أكثر، وابتسم ابتسامة ساحرة.

"لا أستطيع البقاء بعيدًا عنك."
همس فارس، بينما كانت نظراته تتوهج بالغيرة من نفسه، وبالرغبة الجامحة.

العنود، التي لم تكن قد تخيلت بعد ما سيفعله، شعرت بشيء يشعل روحها، شيء يبعث في جسدها إحساسًا لم تشعر به من قبل.
كان فارس أمامها، لكنه كان شيء آخر.
كانت عينيه تخبرها بما كان يشعر به، وكانها تحمل في كل لمحة ذلك العاطفة التي كانت تجدها في نفسه.

لم يكن هناك وقت للكلمات، فقط كانت هناك تلك اللحظة، تلك الرغبة التي بدأت تزداد، والتي لم تعد تقوى على إخفائها.
فارس اقترب منها أكثر، وها هو جسده يلتصق بجسدها، والشعور بأن كل جزء منه يشتاق إليها قد أصبح واقعًا.
كانت تلك اللحظات المليئة بالحميمية والشغف، والتي لم يكن بإمكان أي منهما أن يتراجع عنها.

"أنتِ كل شيء، العنود."
قالها فارس بأعلى ما لديه من عاطفة، وأمسك بوجهها برقة، ثم مال نحوها ليغرقها في قبلة كانت مليئة بالشغف، مليئة بكل الرغبة المكبوتة التي كانت بينهما.

كانت القبلة عميقة، كما لو أن كلاً منهما كان يغرق في أعماق الآخر، في أحضان الحب التي لم يكن بإمكانهما الهروب منها.
كانت حرارة أجسادهما تتناغم معًا، وكل لحظة تقطع المسافة بينهما بشكل أقوى، حتى أصبحت جميع المخاوف التي كان يحملها فارس مجرد ذكرى بعيدة.

العنود، التي كان قلبها ينبض بشدة، اقتربت منه أكثر، وجعلت يديها تتحرك على صدره بلطف، تكتشف جسده الذي أصبح مفتوحًا لها.
كانت تريده أكثر، أكثر من أي وقت مضى.

"فارس، لا تبتعد عني."
همست العنود بحنان، وعينيها تراقبانه بحب عميق.

فارس، الذي كان يراقبها، شعر بشيء جديد تمامًا يشتعل في قلبه.
كان يعلم أن هذه اللحظة كانت فارقة في حياتهما.
لقد اخترقت قلبه، وتعلق به، رغم كل ما حاول أن يبتعد عنه.
وكان يعلم أن الآن، وفي هذا الوقت، قد أصبح جزءًا من عالمها، وعالمها قد أصبح جزءًا منه.

ثم، مع تلك النظرات المشبعة بالعاطفة والرغبة، اقترب منها مجددًا، وكانت القبلة التي جمعتهما ثانيةً هي بداية لحياة جديدة، حيث لا مجال للمخاوف أو التردد.


✦ الفصل التاسع والعشرون ✦

"أسرار في الظلال."

بعد تلك اللحظات التي كان كل منهما فيها غارقًا في الآخر، استمر السكون بينهما في الغرفة، إلا من أنفاسهما الثقيلة المتناغمة، التي كانت تعكس عمق الشعور الذي تسرب إلى أعماق كل منهما.
لكن، مع مرور الوقت، بدأت تتسلل بعض الأفكار إلى ذهن فارس، وكانت تلك الأفكار بمثابة جرس إنذار في قلبه.
لم يكن ليفهم تمامًا لماذا كان يشعر بهذا التوتر المفاجئ رغم السعادة التي كانت تغمره مع العنود.
ربما كان كل ما يمر به يشعله بالخوف، ربما كانت تلك هي المرة الأولى التي يشعر فيها بأنه قد يغرق تمامًا في الحب.

العنود، التي كانت تراقب تعابير وجهه، شعرت بشيء مختلف.
ربما كان فارس غير قادر على مواجهة مشاعره، كما كانت هي تواجه مشاعرها المتزايدة تجاهه.
ولكن في تلك اللحظة، كانت تشعر بشيء ما يلامس قلبها، وكانت تلك المشاعر تدفعها لأن تكون أكثر قوة.
إذا كان فارس بحاجة إلى وقت، فهي مستعدة لأن تعطيه الوقت.
لكن هل هي مستعدة أن تتخلى عن تلك الرغبة الكبيرة التي تغمرها نحو هذا الرجل؟

"فارس، هل هناك شيء يؤرقك؟"
سألت العنود بصوت هادئ، محاولة فك طلاسم الصمت الذي يحيط بهما.
كانت نظراتها مليئة بالقلق، وهي تراقب تحركاته، التي كانت تظهر عليه وكأنها تمتلئ بالأفكار المظلمة.

فارس، الذي كان يلتقط أنفاسه، تنهد بعمق، وكأن كل كلمة تقال أصبحت تزن ثقلاً على قلبه.
لقد اختار أن يكون صريحًا مع العنود، ليس لأن قلبه مليء بالخوف، ولكن لأنه كان يعلم أن هذه العلاقة لن تستمر إذا لم يعترف بكل شيء.

"أنتِ تعلمين أنني مررت بتجربة صعبة في الماضي."
قال فارس بصوت خافت، وكأن الكلمات كانت تخرج بصعوبة.
"لقد فقدت كل شيء، وفقدت الثقة في نفسي.
كنت أحب... وأعتقد أنني وجدت من يملأ قلبي، ولكنها خدعتني.
وأنا أخشى أن يحدث ذلك مجددًا."

العنود، التي كانت تستمع إليه بانتباه، شعرت بحزن عميق يغمر قلبها.
كانت تعلم أن الماضي يلاحق فارس، وأنه من الصعب عليه أن يتركه وراءه، لكنه في الوقت ذاته كان يعشقها بصدق، وهذا ما كانت تراه في كل لحظة يقضيها معها.

"فارس، أنا هنا لأجلك."
قالت العنود بلطف، وهي تضع يدها على قلبه.
"لن تكرر الأخطاء الماضية، لأننا معًا.
الوقت الذي نعيشه الآن هو الوقت الذي سنبني فيه شيء جديد، شيء مختلف.
أريدك، ولا شيء سيجعلني أبتعد عنك."

كان قلب فارس ينبض بشكل أسرع.
تلك الكلمات، تلك اللمسات، كانت تُثقل مشاعره، لكنها في ذات الوقت كانت تبعث فيه شعورًا من الأمان الذي طالما كان يفتقده.
كانت العنود تملك القوة لتجعل منه شخصًا جديدًا، شخصًا أكثر استعدادًا لأن يواجه آلام الماضي بكل شجاعة.

ثم، وكأن القرار قد اتخذ بينهما، اقترب فارس من العنود مجددًا، وكأن لا شيء في الدنيا يستطيع إبعاد هذا التعلق عنهما.
لقد كانت لحظة تغير حاسمة.
لم يكن أحد منهما يعرف كيف سيتغير كل شيء، لكنهما كانا على استعداد لاستكشاف هذا الحب الجديد بكل تفاصيله.

ثم بدأ يهمس في أذنها:

"أنتِ كل شيء في حياتي، العنود.
لن أسمح لشيء أن يفرق بيننا."
كانت كلماته مليئة بالتصميم، لكن أيضًا بالعاطفة التي لم يكن يقدر على إخفائها بعد الآن.

العنود، التي كان قلبها يرقص مع كل كلمة يقولها، نظرت في عينيه مليًا، ثم همست:

"أنتَ الآن مع من تحب.
لن أتركك أبدًا، فارس.
لن أسمح لأي شيء أن يهدد هذا."
كانت كلماتها تنبض بالعهد، بالثقة المطلقة في مشاعرها.

ثم، في لحظة شديدة الشغف، كانت أيديهما تتشابك مرة أخرى، وهما يغرقان في قبلة مليئة بالعاطفة، وكل واحد منهما يشعر بالأمان في هذا الحب الذي أصبح ملاذًا لكليهما.
كانت قبلة تعبر عن كل ما يشعران به، عن رغبة عميقة لا تنتهي، وعن وعد مشترك بأن لا شيء يمكن أن يقف في طريقهما بعد الآن.

وبينما كانت تلك اللحظات تحتدم أكثر وأكثر، كان فارس والعنود يكتشفان عمق الرابط الذي يجمعهما.
وكان هذا الرابط قد أصبح أقوى من أي وقت مضى، حتى أنهما بدأا يشعران وكأن العالم كله قد اختفى، ولم يبقَ إلا هوما.
كان حبًّا، شغفًا، ورغبة لا حدود لها.

✦ الفصل الثلاثين ✦

"الاختيار الأخير."

مرت الأيام بسرعة، وكان فارس والعنود يعيشان بين اللحظات الرومانسية المتأججة والمواقف التي كانت تختبر مشاعرهما.
لكن، في الوقت ذاته، كانا يعلمان أن عليهما مواجهة بعض التحديات التي قد تأتي في طريقهما.
رغم الحب الكبير بينهما، إلا أن فارس كان لا يزال يحمل في قلبه مخاوف الماضي.
وكانت العنود، التي بدأت تلمس تلك المخاوف، تعرف أن الطريق إلى قلبه ليس سهلاً، وأنه يحتاج إلى وقت أكبر ليتمكن من التعافي تمامًا.

كانت في تلك الأيام الأخيرة تراقب عن كثب، تعبيرات وجهه التي كانت تشير إلى قلقه، ورغبته في الابتعاد أحيانًا، لكن سرعان ما كان يعود إليها، ليجد في حضنها ما كان يبحث عنه طيلة سنوات.
وكانت العنود تعرف أن كل خطوة تخطوها معه تزداد قوة، حتى أصبحت تشعر بأن قلبه قد بدأ يفتح لها أكثر.

في أحد الأيام، كان فارس جالسًا في مكتبه في البيت، بينما كانت العنود في المطبخ تحضر له الطعام الذي يحبه.
كانت تعلم أن اللحظة قد حانت، اللحظة التي يجب أن يكون فيها الحديث صريحًا، حيث لا مكان للمماطلة بعد الآن.

دخلت العنود إلى المكتب، وعلى وجهها تلك الابتسامة التي كانت ترافقها دائمًا عندما تشعر بأن كل شيء يسير في الاتجاه الصحيح.
اقتربت منه، وجلست على طرف المكتب، وقالت بنبرة هادئة:

"فارس، أعرف أنك تخشى من الحب، ولكن هل يمكن أن تمنحني قلبك بالكامل؟ هل يمكنك أن تقف معي، وتكون معنا في هذا الطريق؟"

فارس نظر إليها بعمق، وكان هناك صمت طويل قبل أن يرد، إذ كانت مشاعره تتأرجح بين الرغبة والخوف.

"أنا... أنا أحبكِ، العنود.
لكنني أخشى أن أضعك في مكان ليس فيه أمان.
أنتِ تستحقين الأفضل."

أخذت العنود نفسًا عميقًا، واقتربت منه أكثر، ثم قالت بهدوء وبثقة:

"إذا كنتَ تخشى أن تكون ضعيفًا معي، فهذا ليس الخوف الذي يجب أن تشعر به.
أنا هنا معك، لأساعدك أن تتغلب على هذه المخاوف.
الحب هو الأمان، فارس. معك، لن أخشى أي شيء.
سأكون هنا معك، مهما كانت التحديات."

كانت كلماتها تصل إلى قلبه، حيث بدأ يحس بشيء مختلف.
كان يشعر بأن العنود هي الأمان الذي لطالما بحث عنه.
رغم التحديات والشكوك، كان يعلم الآن أنه لا يستطيع أن يبتعد عنها.
لقد بدأ يتعلم كيف يكون الحب هو الأمان، وكيف أن هذا الرابط الذي جمعهما يمكن أن يكون أقوى من أي شيء في الحياة.

"العنود... لن أتركك أبدًا."
قالها فارس وهو يقترب منها، ويلامس يديها برفق.
ثم، في تلك اللحظة، كانت عيونه تلمع، وكأن الحب قد اكتمل في قلبه، وأصبح مستعدًا لمواجهة كل شيء معها.

ثم، كما لو أن الوقت قد توقف، كانا معًا، في تلك اللحظة التي شعروا فيها بأن حياتهم قد بدأت من جديد.
لا مزيد من الخوف، ولا من الشكوك.
فقط حب عميق، وشغف لن ينتهي.


✦ الخاتمة ✦

في الأيام التي تلت تلك اللحظة، أصبح فارس والعنود أقوى من أي وقت مضى.
بفضل التفاهم الذي نما بينهما، تمكن فارس من مواجهة آلام ماضيه، وبدأ في إظهار مشاعره الحقيقية تجاه العنود.
أما العنود، فقد كانت مثالًا للصبر والحب الحقيقي، الذي لا يقتصر فقط على العاطفة، بل على الدعم والوفاء.

وبعد مرور سنوات، أصبح لديهما بيت مليء بالحب، وأطفال يملأون حياتهم بالسعادة.
كانت العلاقة بينهما مبنية على الثقة المتبادلة والاحترام، وكان الحب هو الرابط الذي لا يمكن أن ينكسر أبدًا.
وكلما نظر فارس إلى العنود، كان يعلم أنها كانت السبب في أنه أصبح قادرًا على حب نفسه مرة أخرى.

وفي نهاية الرواية، حيث يجلسان معًا في مكان هادئ، يتبادلان النظرات المليئة بالحب والامتنان، يعرفان أن هذه هي البداية الحقيقية لحياة طويلة مليئة بالعشق والشغف.

"أنتِ لي إلى الأبد، العنود."
قالها فارس، وهو يضمها إليه بقوة، بينما كانت العنود تبتسم، وترد:

"وأنتَ لي، فارس. إلى الأبد."

وها هي نهاية القصة، حيث الحب دائمًا هو الجواب الأخير.

جميع الحقوق محفوظة لموقعنا a7mmr.net أي نسخ أو اقتباس من الرواية يضعك تحت طائلة القانون، يمكنك نشر الرواية من خلال ارسال الرابط الإلكتروني إلى صديق أو من خلال نشر الرابط الإلكتروني على منصات التواصل الإجتماعي،  لكن النسخ ممنوع وسنقاضي كل من يقوم بسخ الرواية، أو أي جزء منها.



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق